أجرى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أمس، في مقر كتابة الخارجية الأمريكية محادثات مع كاتب الخارجية مايك بومبيو أكدت الرباط أنها تدخل في إطار الدعم المغربي للموقف الأمريكي الرامي إلى تحييد دور إيران في المنطقة وعقابا لها على دعمها للإرهاب الدولي. وأكد بيان للخارجية المغربية أمس، أن بومبيو وبوريطة تناولا مسألة توسيع التعاون الأمني بين البلدين بما فيها الجهود الثنائية من أجل وضع حد للدعم الذي تقدمه إيران للإرهاب الدولي والحد من تأثيرها في كل منطقة الشرق الأوسط. ويبدو هذا البيان الجزء الظاهر من حقيقة زيارة بوريطة إلى الولاياتالمتحدة، حيث تسعى السلطات المغربية استخدام الورقة الإيرانية للتقرب من الإدارة الأمريكية الجديدة التي أبدت منذ البداية مواقف لم تسر في سيق المواقف المغربية بما فيها موقفها من قضية النزاع في الصحراء الغربية. وهو الأمر الذي استشفته الرباط من خلال الدور الذي لعبته واشنطن في صياغة لائحة مجلس الأمن الدولي الخاصة بالصحراء الغربية نهاية شهر أفريل الماضي، والتي قلّصت مهمة بعثة مينورسو في الصحراء الغربية إلى ستة أشهر فقط بدلا من سنة كاملة ومحنت طرفي النزاع مهلة إلى غاية شهر أكتوبر القادم للتفاهم حول مسار مفاوضات مباشرة جديدة برعية من المبعوث الأممي الخاص، هورست كوهلر. وإذا أخذنا بالسياق الزمني لزيارة الوزير ناصر بوريطة إلى العاصمة الأمريكية، فإن ذلك ينفي مبررات بيان الخارجية المغربية ويجعل من الصحراء الغربية المحرك الحقيقي لهذه الزيارة التي سيحاول بوريطة تليين موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب مقابل تنازلات سياسية ومواقف متملقة بدأتها السلطات المغربية بالورقة الإيرانية. يذكر أن المخزن المغربي قرر شهر ماي الماضي قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران بدعوى بيعها لأسلحة متطورة لجبهة البوليزاريو وقيام حزب الله اللبناني بتدريب مقاتليها في تلفيق لم تصدقه سوى الدعاية المغربية. وهو القرار الذي جاء أياما فقط بعد قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران بدعوى أنه يمهد الطريق لها لامتلاك القنبلة الذرية. كما أن المغرب أصيب بانتكاسة دبلوماسية كبيرة بمجرد تعيين الرئيس الأمريكي لجون بولتون في منصب المستشار الأمني في البيت الأبيض لعلمه المسبق بحقيقة مواقف هذا الرجل من قضية النزاع في الصحراء الغربية وتحميله الرباط مسؤولية الانسداد الذي تعرفه آخر قضية تصفية استعمار في القارة الإفريقية لأكثر من أربعة عقود. وهو ما جعل بوريطة يلح على ملاقاة بولتون خلال هذه الزيارة بقناعة أنه الرجل الذي يمر عبره الموقف الأمريكي بخصوص التعاطي مع قضية الصحراء الغربية والمفاوضات التي ينتظر أن يتم الشروع فيها. وقد اختار المغرب توقيت زيارة بوريطة التي جاءت في وقت ينتظر أن يوجه فيه المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية، الألماني هورست كوهلر دعوات لطرفي النزاع للعودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة في وقت أكد فيه بوريطة عشية توجهه إلى الولاياتالمتحدة أن بلاده ترفض التفاوض مع جبهة البوليزاريو وقال كيف يمكن مطالبة المغرب بالجلوس مع هؤلاء للتفاوض حول مستقبل هذا الإقليم". وهو طعن صريح في مضمون اللائحة الأممية وبما يستدعي من الأممالمتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي اعتماد مقاربة أخرى للتعامل مع الرباط الرافضة لكل القرارات الأممية الداعية إلى مفاوضات تسمح بتقرير مصير الشعب الصحراوي. وهو تصريح خطير يحمل دلالات حقيقية على رفض المغرب الامتثال لقرارات الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي ويلقي بالكرة في معسكرهما من أجل إنصاف الشعب الصحراوي الذي لم يعد يحتمل سياسة التسويف وربح الوقت التي ينتهجها المغرب في كل مرة لتمرير الوصول إلى الغاية النهائية لإنهاء الاحتلال.