يتوجه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، بعد غد الثلاثاء، الى العاصمة البرتغالية لشبونة، للقاء المبعوث الاممي الخاص الى الصحراء الغربية الألماني هورست كوهلر، لعرض مقاربة بلاده حول النزاع في الصحراء الغربية أياما قبل عرض هذا الأخير تقريره الدوري أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي. وتكون السلطات المغربية بذلك قد أذعنت للأمر الواقع بعد تسويف وتجاهل للدعوة التي سبق أن وجهها الموفد الاممي الجديد الى الصحراء الغربية لطرفي النزاع ودول الجوار من اجل الحضور الى العاصمة الألمانية برلين قصد التباحث حول آليات تطبيق اللوائح الأممية الخاصة بتقرير مصير الشعب الصحراوي نهاية شهر جانفي الماضي. وكان بيان وزارة الخارجية المغربية مساء أول أمس، بتأكيد توجه بوريطة الى لشبونة متوقعا، رغم أن الرباط انتهجت سياسة القبضة الحديدية مع الأمين العام الاممي وموفده الخاص الى الصحراء الغربية، بعد أن اعتقدت أنها بفضل هذه السياسة ولعبة التعالي التي أتت أكلها مع المبعوثين السابقين جيمس بيكر وكريستوفر روس، أنها ستحقق أهدافها أيضا مع الألماني هورست كوهلر، من خلال التمادي في رفض تلبية دعوته. لكن الخارجية المغربية كانت يقينا متأكدة أن الخطة التي اعتمدتها ستنتهي الى طريق مسدود وقد أبانت فعلا على قصر نظر فظيع في التعامل مع قضية أصبحت محل اهتمام قاري وأممي بعد أن وجد وزير الخارجية المغربي نفسه مرغما على الانتقال الى لشبونة ليس بنية التعامل الايجابي مع المبعوث الاممي ولكن بنية عدم الوقوع تحت طائلة وصف بلاده ب "معرقل المساعي الأممية". وهي صفعة على الخد الآخر تتلقاها الدبلوماسية المغربية وهي التي لم تستفق بعد من صفعة الخد الأول التي تلقتها نهاية الأسبوع من محكمة العدل الأوروبية التي أعادت التأكيد على موقفها المؤكد على أن الصحراء الغربية إقليم لا صلة له بالمغرب، بما يمنع تطبيق اتفاق الشراكة الأوروبي المغربي على إقليم مازال ينتظر تقرير مصيره. ولذلك فان انتقال وزير الخارجية المغربي الى العاصمة البرتغالية في سياق هذه المواقف سيكون من موقع ضعف وهو الذي كان يعتقد أن تماطله إنما سيكسبه نقاطا ليس فقط على جبهة البوليزرايو ولكن أيضا على حساب الأممالمتحدة قبل أن يدرك أن كل حساباته قد خابت. ولكن الصدمة الكبرى ستكون دون شك رفض المبعوث الاممي تحصن المغرب وراء فكرة الحكم الذاتي والتمسك بها كبديل وحيد لتسوية النزاع في الصحراء الغربية رغم قناعة الرباط أنها فكرة لم تعد تجدي نفعا وان مفعولها تبخر مباشرة بعد أن رفضها المبعوث الاممي السابق كريستوفر روس، الذي أضاف إليها بدائل تسوية أخرى تماما كما هو الحال بالنسبة لتقرير المصير وحتى فكرة الانضمام الى المغرب. ويتأكد مرة أخرى أن تمسك الرباط بمثل هذا الخيار الذي تجاوزه الزمن إنما تريد التأثير على مساعي الأممالمتحدة لتسوية آخر قضية تصفية استعمار في افريقيا وبنية الدفع بالرئيس الألماني، الى انتهاج نفس الموقف الذي سلكه كريستوفر روس، الذي اقتنع في ظل العراقيل المغربية والدعم الفرنسي بحتمية تقديم استقالته. وهو ما يجعل لقاء العاصمة البرتغالية محل متابعة لمعرفة موقف الرئيس الألماني الأسبق من الموقف المغربي النهائي أياما قبل عرض تقريره أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، وهو الذي تساهل مع رفض الوزير المغربي التوجه الى برلين لعقد لقاء معه تماما كما فعل مع ممثلي الجزائر وموريتانيا ثم مع الوفد الصحراوي يوم 25 جانفي الماضي. يذكر أن السلطات المغربية كانت اشترطت إجراء هذا اللقاء بالعاصمة الرباط، ضمن تصرف حمل الكثير من الدلالات السياسية والدبلوماسية قبل أن يقع الاتفاق على العاصمة البرتغالية كحل وسط لإتمام هذا اللقاء ربما ضمن خطة أممية للتأكد من حقيقة النوايا المغربية ومدى استعدادها الدخول في جولة مفاوضات خامسة بينها وبين جبهة البوليزاريو التي توقفت مدينة مانهاست الأمريكية منذ سنة 2012.