فتحت جمعية "البدر" سنة 2015 "دار الإحسان" لتستقبل المرضى المصابين بالسرطان، الذين يقصدون البليدة لتلقي العلاج ولا يجدون مكانا يقيمون فيه. تضم الدار 45 سريرا ويعمل فيها 15 موظفا .. "المساء" تجولت بمناسبة شهر "أكتوبر الوردي" في أرجاء الدار، رفقة نائب رئيس الجمعية، الدكتور ياسين تركمان. تتكون الدار من طابق مخصص للرجال المرضى، أما النساء فقد خصص لهن ثلاثة طوابق كاملة، في حين وضعت سلالم منفصلة للرجال والنساء. كما يستفيد الجميع من التبريد والتسخين المعمّم ومن الماء الساخن والبارد، إضافة إلى غرفة استقبال مجهزة بتلفاز، تجلس فيها النساء ويتبادلن الحديث، وكل ركن من غرف الدار تتسم بالنظافة، حتى يعتقد أن الدار فتحت أبوابها حديثا. الغرف مجهزة بأسرّة وخزائن وهاتف، ويستفيد المقيمون من وجبات فطور الصباح، الغداء، قهوة العصر ووجبة العشاء. كما يمكن للجمعية أن تنقل المريض إلى المشفى، علاوة على المساعدة التي يتلقاها فيما يتعلق بالتحاليل والأشعة، والمراقبة الدائمة، حيث يستفيد من مناوبة ليلية من قبل أخصائي. قال رئيس عمادة الأطباء بالبليدة والمدية وتيبازة والجلفة، الدكتور تركمان، بأن الجمعية تضم 15 موظفا يتلقون أجورهم من المحسنين، من بينهم محسن يقدم للجمعية 15 مليون سنتيم شهريا، مضيفا أن "البدر" ليس لها نشاطات تستفيد منها ماليا، لهذا فهي تعتمد مئة بالمئة على كرم المحسنين، قال الدكتور بأنهم أسخياء فعلا، والدليل تقديمهم للدار 70 خبزة يوميا و600 لتر من الماء شهريا، والكثير من المواد الأخرى. تضم الدار أيضا مستودعا تخزن فيه تبرعات المحسنين، ومرآب وحديقة في سطح الفيلا، وقاعة تجميل ومكتب رئيس الجمعية وقاعة ندوات ومكتب خاص بالمعاينة النفسية، إضافة إلى مصلى. في المقابل، يستفيد المرضى من معاينات من مختلف الأطباء، من بينهم الطبيب المعروف بن أشنهو. عن رقي الدار ونظافتها، قال المتحدث بأن ممثل منظمة الصحة العالمية، قال خلال افتتاح الدار، إنه يود لو يبيت يومين أو ثلاثة فيها، لشدة الإعجاب بها. في المقابل، تحصلت جمعية "البدر" على جائزتين من المنظمة؛ الأولى سنة 2015 في إطار حملة محاربة التدخين، والثانية في شهر ماي الفارط بجنيف، نظير عملها المتواصل في سبيل مرافقة مرضى السرطان. للإشارة، يرأس جمعية "البدر" الدكتور الأخصائي في أمراض الأنف والحنجرة، مصطفى موساوي، أما نائب الرئيس فهو الدكتور ياسين تركمان، إضافة إلى دكاترة آخرين من مؤسسي الجمعية، وهم شكالي الأخصائي في الأمراض العصبية وسميرة طروادادة، الأخصائية في الأورام، والدكتور الأخصائي في طب العمل شعبان لعماري. ضيوف دار الإحسان ل«المساء": نقيم في فندق فخم أثنى مقيمو "دار الإحسان" على الخدمات التي تقدّم لهم، وحسن المعاملة التي يلقونها من مسؤولي الدار والمتطوعين، حتى أن البعض منهم اعتبر هذا الفضاء الحاضن لهم بمثابة فندق فخم. كما أكدوا على أهمية الدعم المعنوي الذي يحصلون عليه، وأكثر من ذلك، فإن أغلبهم يغادر الدار بعد الانتهاء من العلاج ب«الدموع". الحاج عويط الطيب: لم أجد في فرنسا ما وجدته في "دار الإحسان" قال الحاج عويط الطيب بأنه يتواجد في الدار منذ أزيد من عشرة أيام، مضيفا أنّه وجد في "دار الإحسان" من حسن الاستقبال والعناية الكاملة بالمرضى ما لم يجده في فرنسا التي زارها مرارا، حتى أنه رفض العلاج فيها بعد أن طلبت منه ابنتاه اللتان تعيشان هناك الذهاب للعلاج. شكر الحاج كل عمال الدار، خاصة الذين يهتمون بالطبخ والنظافة، مذكرا أن كل شخص معرض للمرض، بالتالي "اليوم علينا وغدا عليكم". كما طالب أبناء منطقته تيارت بضرورة تقديم الدعم المادي لجمعية "البدر" قائلا: "الناس لا يدركون أهمية مثل هذه الجمعيات، خاصة التي تهتم بمرضى السرطان، تعالوا وقدموا الدعم للجمعية، فالجميع بحاجة إليكم". فاطمة الزهراء كاتام:أيها المغتربون دعموا الجمعيات «نحن في نعمة" قالت السيدة فاطمة الزهراء ل«المساء"، وهي تعدد حسنات الدار، مضيفة أنه بعد أن تم استئصال ثديها في مستشفى "مصطفى باشا"، واصلت علاجها في مشفى البليدة، إلا أن بُعد المسافة بين مدينتي الورود والعاصمة، دفعها إلى البحث عن فضاء يحتضنها، فوجدت "دار الإحسان" بعد اتصال ابنتها بمدير الدار، من خلال معلومات استقتها من الأنترنت، وفي هذا قالت فاطمة الزهراء "ابني المقيم في الخارج غضب كثيرا من أختيه حينما بلغ مسامعه بأنني متواجدة في الجمعية، لكن حينما شاهد عبر الأنترنت وجاهة هذا المكان، غيّر رأيه تماما، وهنا أتوقف وأقول بأن مثل ابني وكل المغتربين، من الضروري أن يدعموا مثل هذه الجمعيات كي تواصل نهجها الخيّر". استغربت الحاجة من لطف كل عمال ومتطوعي الدار، "حتى قارورة ماء يحملونها عنك"، تقول فاطمة الزهراء، "أما عن مدير المركز، السيد رضا بغدادي، فهو الذي يحمل عنك الحقيبة حينما تدخل إلى الدار لأول مرة"، تضيف المتحدثة. أشارت فاطمة الزهراء إلى أنه في هذه الدار، تعرفت على نساء قدمن من كل ولايات البلد، قائلة "نواسي بعضنا البعض ونحكي عن كل شيء، ونلقي النكت، علنا ننسى المرض"، لتطالب بضرورة الفحص المبكر، موضحة أن الجزائر تملك كل شيء من أطباء وأدوية وجمعيات ومحسنين. كما دعت المحسنين إلى دعم الجمعية لشراء الدعامات الخارجية للثدي أو بديلات الثدي التي تساهم في الإحساس بالأنوثة. حجيلة بوغانم: أرفض الشماتة وأرجو العودة إلى عائلتي تحدثت السيدة حجيلة من تيزي زو عن اكتشافها للمرض، وكيف أجبرت على استئصال ثديها وقابلت ذلك بشجاعة كبيرة وإيمان أقوى. كما تطرقت إلى إحسان بعض أطباء المنطقة التي تنحدر منها، خاصة الطبيبة بوباكور التي كشفت عنها بالمجان وساعدتها على إجراء التحاليل، لتنتقل إلى احتوائها في "دار الإحسان" وكيف أنها وجدت هناك أجواء رائعة تساهم في الشفاء السريع. كما تطرقت إلى مساندة زوجها لها وأملها في العودة إليه وإلى أطفالها المراهقين. في المقابل، رفضت كل "شماتة" بسبب إصابتها بالمرض من طرف البعض، فقالت "ربي هو الذي ابتلاني بالمرض وهو الذي يأخذه". حليمة موسلي: لا تنسوا مرضى السرطان في الجنوب حال حليمة موسلي مختلف عن سابقاتها، فقد أصاب السرطان قدمها وليس ثديها، وروت ل«المساء"، معاناتها الكبيرة بعد اكتشاف مرضها، خاصة أن بشار تفتقر للعلاج بالأشعة والعلاج الكيميائي، مما أجبرها إلى التنقل إلى وهران، وهناك اصطدمت بقائمة طويلة من المرضى الذين ينتظرون دورهم كي يتلقوا العلاج، فما كان عليها إلا القدوم إلى البليدة للمعالجة، بعدها وجدت نفسها في "دار الإحسان"، وفي الأخير، طالبت بالإسراع إلى تقديم العلاج لمرضى السرطان بالصحراء. موظفو "دار الإحسان" يصرحون ل«المساء":نتلقى الأجر بالنقود والثواب تحدثت "المساء" مع بعض موظفي جمعية "البدر" الذين يتلقون رواتبهم الشهرية وكمّا هائلا من "دعاوي الخير"، فهم لا يقومون بواجباتهم فحسب، بل يقدمون مساعدات للمرضى لا تقدر بثمن، كما لا تفارق الابتسامة ثغورهم، لتشكل إضافة معنوية معتبرة للمقيمين ب«دار الإحسان". يقع مطبخ "دار الإحسان" في الطابق تحت الأرضي، تشتغل فيه نساء من مختلف الأعمار، من بينهن عميدتهن الخالة عقيلة، وكل من صليحة، منال، سمية وغيرهن ممن يقدمن مساعدات تصب كلها في خدمة المريض. صليحة: علاقتي ببعض المريضات تحولت إلى صداقة متينة منذ أن دخلت صليحة الجمعية كمنظفة، ومن ثمة طباخة، تعمل بجد وتفان، وفي هذا تقول "أحضر الوجبات للمرضى، هناك طبخات عادية وأخرى خاصة لمن لا يستطيعون ابتلاع الأكل، أو المصابين بالسكري، أو الذين يأكلون أكلات بدون ملح"، وأضافت "الحمد لله، الأكل متوفر، لأن المحسنين يحضرون المواد الغذائية اللازمة والأكلات الجاهزة". أما عن تعاملها مع المرضى، فقالت صليحة بأنّها لطيفة معهم. كما تقوم أحيانا بالمناوبة الليلية، فتتسامر مع المريضات وتتبادل النكت وتصبح حضنا لآلامهن، فتبكي ببكائهن وتضحك مع ضحكاتهن، ولا ضرر في أن تتحول إلى مستشارة نفسية، فتجلب الأمل للمريضات. أكدت صليحة على ضرورة التعامل بلطف مع المرضى، لأنهم حساسون، كيف لا وقد تركوا عائلاتهم وأحبابهم، وتوجهوا إلى المشافي و«دار الإحسان" بحثا عن الخلاص، في المقابل، تذكرت صليحة، أمينة المريضة التي قاومت الموت كثيرا، إلا أنها لم تتغلب عليه، فتحدثت عنها بحسرة وذرفت دموعا، وتذكرت أيضا بابتسامة كل المريضات اللواتي تحولن إلى صديقات، مثل تلك التي تقطن في تيسمسيلت وتلتقي بها حينما تزور عائلتها في درقانة. سمية ميمون: أنا الموظفة حاليا، المريضة سابقا بعد استئصال ثديها، تحولت سمية إلى موظفة في الجمعية، بطلب من رئيسها الدكتور مصطفى موساوي، وفي هذا تقول "اتصلت بالجمعية لمساعدتي على دفع جزء من نفقات العلاج حينما أصبت بسرطان الثدي، وبعد مرور سبع سنوات، وجدت نفسي في خدمة المرضى". أضافت "يشعر المرضى بالارتياح معي لأنني أمثل نقطة أمل، فأنا المريضة التي شفيت وعادت إلى الحياة بقوة أكبر، لهذا أشجعهم على الابتسام والاتكال على الله، فهو الشافي العافي". أشارت سمية إلى صعودها أكثر من مرة إلى غرف المريضات لمؤانستهن وإضحاكهن، وقالت "رغم أنني حديثة العهد بالعمل في الجمعية (شهر واحد)، إلا أنني تعودت على المكان والمرضى، وتعودوا بدورهم عليّ". مدير "دار الإحسان" رضا بغدادي ل''المساء": هلم إلينا لإجراء "ماموغرافيا" بخصم مهم تحدث السيد رضا بغدادي عن "دار الإحسان" التابعة لجمعية "البدر"، التي تأوي مرضى السرطان القادمين من كل ولايات الوطن بهدف العلاج في مشفى بليدة، كما دعا النساء إلى التوجه إلى الدار، وأخذ وصل لإجراء ماموغرافيا بخصم 50 بالمائة من تكلفته العادية، فيما يصب في سياسة "الفحص المبكر". ❊ متى تم فتح "دار الإحسان"؟ — كان ذلك سنة 2015، بعد أن منح لنا والي البليدة الأسبق أوشان قطعة أرض، فقمنا بتنظيم (راديو تون)، رفقة إذاعتي بليدة والقرآن الكريم، وجمعنا مالا، لنتمكن خلال عامين من بناء وتجهيز وفتح "دار الإحسان" أمام المرضى، في حين كان مقرنا السابق عبارة عن فيلا أعارها لنا محسن. ❊ كم عدد المرضى الذين يمكن أن تستقبلهم "دار الإحسان"؟ — لدينا 45 سريرا، لكننا نصل في أغلب الأحيان إلى 70 سريرا، لأن مشفى البليدة يستقبل عددا كبيرا من المرضى من 48 ولاية، والكثير منهم لا يجد فضاء يستقر فيه إلى غاية الانتهاء من العلاج الذي يستمر على الأقل ستة أسابيع. وأبواب "دار الإحسان" مفتوحة لهم، وهناك طابق مخصّص للرجال وثلاثة طوابق للنساء، باعتبار أن عدد النساء المريضات بالسرطان أكثر بكثير من عدد الرجال. ❊ في حال عدم قدرة "دار الإحسان" على استيعاب عدد المرضى الكبير، ما الحل؟ — تتسع "دار الإحسان" ل45 سريرا، وتوفر للمرضى الأكل والمشرب وسريرا للنوم، لكن أمام توافد المرضى الكبير، اضطررننا إلى إضافة 25 سريرا في غرف المرضى وغرف أخرى، أما في حال تزايد الطلب، فيمكن توجيه المرضى إلى جمعيات أخرى، صحيح أنها لا تتوفر على ما يمكن أن تقدمه جمعية "البدر" للمرضى، لكن لا يمكن أن نستقبل أكثر من 70 مريضا. ❊ هل يمكن لعائلة المريض زيارته في المركز؟ — نعم، وقد خصصنا صالونين في الطابق الأرضي لهذا الأمر، حتى نحفظ خصوصية المريض وراحته، كما صنعنا شلالا اصطناعيا تسبح فيه الأسماك. نحن هنا لخدمة المرضى، ونستعين أيضا بأطباء أخصائيين يزورون المرضى من نفسانيين وآخرين في الأورام والثدي والأمراض العصبية، كما أن رئيس الجمعية، الدكتور موساوي أخصائي في أمراض الأنف والحنجرة، أما نائب الرئيس فهو الدكتور ياسين تركمان، إضافة إلى دكاترة آخرين من مؤسسي الجمعية، وهم شكالي الأخصائي في الأمراض العصبية وسميرة طروادادة الأخصائية في الأورام. كما يأتينا إمام يتحدث مع المرضى في أمور الدين ويستفسرونه في عدة قضايا تمسهم، مثل الصوم في رمضان، في المقابل نستقبل مساعدات من جمعيات أخرى مثل جمعية "الأيادي الذهبية" التي تُعلم المريضات الرسم على الحرير والمكرامي وغيرها، ولدينا قاعة للتجميل، تسيرها متطوعة تأتي كل ثلاثاء. ❊ هل تعتقد أن الدعم المعنوي للمريض يعادل علاج جسده من علة السرطان؟ — أعتقد أنّ للدعم المعنوي تأثير كبير على نفسية المريض، ومن ثمة على صحته بصفة عامة. نهتم بالمريض في "دار الإحسان"، فهو يمر بظروف صعبة، حيث يتلقى صدمة كبرى حينما يعلم بمرضه، وهنا يجب أن يلقى الدعم من طرف محيطه العائلي، ومن ثمة نحاول مساعدته والحديث معه والتأكيد على أن السرطان مرض يمكن الشفاء منه. المهم الفحص المبكر، فنحن في الجمعية، نقدم وصلا للنساء البالغات من العمر أربعين سنة فما فوق، بمناسبة شهر "أكتوبر الوردي"، كي يقمن بفحص "ماموغرافيا" بخصم 50 بالمئة من سعره العادي، بعد أن تم الاتفاق مع مركز الأشعة لكحل في هذا الإطار، لهذا أدعو النساء إلى التقرب من "دار الإحسان"، فدفع 2000 دينار كل سنتين أفضل بكثير من إنفاق الملايين بعد اكتشاف المرض، وفي هذا السياق، يقول الأطباء بأن نسبة 80 بالمئة من مرضى السرطان يحضرون إلى المستشفيات بعد أن استفحل المرض في أجسادهم. البدر جونيور ل«المساء": أيها الشباب، التحقوا بنا حطموا كل اعتقاد عن أنانية الشباب وعدم وعيهم بالمسؤوليات، عن حبهم للمرح وتهربهم من كل ما يمكن أن ينغص حياتهم. وسام، يمينة، أمين وغيرهم كثر، تطوّعوا في جمعية "البدر" لإيواء مرضى السرطان، وأصبحوا من ركائزها الأساسية، تسلحوا بالأمل ورفضوا استسلام المرضى، فكانوا لهم سندا معنويا وماديا. هم شباب يمكن أن نقول بأنّهم قدوة من غير تردد، فتحوا قلوبهم ل«المساء"، وتحدثوا عن تجربتهم في التطوع، فكان هذا الموضوع. وسام سديرة:«نحن عائلة واحدة" تحدثت وسام سديرة، المتحصّلة على ماستر هندسة مدنية، عن تطوعها في جمعية "البدر" منذ خمس سنوات، بعد أن سبقتها أختها في هذا المجال. وقد تعلمت من هذه التجربة الاتصال والتحدث مع الغرباء، لتتخلّص تدريجيا من خجلها، وتحسن التواصل في جو قالت عنه بأنه "مليء بالتفاهم والعطف". مضيفة أنها تساعد الطلبة الذين يدرسون الهندسة المدنية -تخصصها- فيتم تبادل الخبرات بين الجميع وتنظيم العديد من الورشات. أكدت وسام أن الجمعية هي التي شكّلت إضافة لحياتها وليس العكس، فأدركت قيمة الحياة ولم تعد تهتم بقشورها الزائلة، بل استفادت حتى من الورشات المنظمة من طرف المتطوعين في الإعلام الآلي و«الفوتوشوب" و«باور باونت"وغيرها. أفصحت وسام عن نشاطات المتطوعين التي ترتبط بالتظاهرات وأخرى متعلقة بالنشاطات الدائمة، فيهتمون بتزيين الدار وعرض مسرحيات بمناسبة عيد الطفل، مضيفة أن المتطوعين يزورون المرضى المصابين بالسرطان في مشفى "فرانس فانون"، كل جمعة بانتظام منذ سنة 2010. سألتها "المساء" عن رد فعلها عند فقدان مريض بالسرطان التجأ إلى "البدر"، فقالت "الأمر صعب لكنها الحياة، وهو مصير الجميع".كماأنالكثيرمنالمتطوعيندخلواالجمعيةبعدإصابةأحدمنعائلاتهمبمرضالسرطان. في المقابل، نوّهت وسام بمصداقية جمعية "البدر"، وفي هذا الشأن تقول "نحن المتطوعون لا نأكل ولا نشرب شيئا من الجمعية. التحقت بالعديد من الجمعيات قبل "البدر" ولم تعجبن طريقة تسييرها، صحيح أن العديد من الجمعيات متهمة بالخمول والانتهازية وتضييع وقت منخرطيها، لكن "البدر" غير ذلك بالمرة، نحن نشكل عائلة واحدة تعمل لأجل مرضى السرطان". أضافت "نصف ساعة من وقتنا قد يعيد الابتسامة إلى محيا مريض، حتى أولياؤنا يشاركون خدمة المريض ولو بتحضير حلوى نقدمها لهم، كما أننا نخدم الجمعية دوما، حتى عندما لا نكون في مقرها ولو بمشاركة نشاطاتها على الفايسبوك". أمين أحمد باي: أنا خادم وفيّ للمرضى قال أمين إنه تطوع في جمعية "البدر" منذ أفريل 2016، مضيفا أنه تعلم الكثير منها إلى درجة يصعب عليه تعدادها، من أهمها قيادة مجموعة، تنظيم الوقت، الحديث مع الآخرين، في المقابل كان يعتقد أن الانخراط في جمعية ما مضيعة للوقت، وأن جني المال مهم جدا، ليجد نفسه بعد مرور أكثر من سنتين في "البدر"، ثريا إلى درجة كبيرة.. ثراء ليست له علاقة بالربح المادي، بل بالجانب المعنوي والفكري. في هذا السياق، أصبح أمين مسؤولا وملتزما ومهتما بالأمور المصيرية، بل ولصيقا بالجمعية ولا يمكنه التخلي عنها حتى بعد تخرجه من الجامعة (الصيدلة الصناعية)، وفي هذا يقول "قد أبتعد عن الجمعية بعد تخرجي من الجامعة، لكنني لن أتركها وسأخدمها ولو بطريقة غير مباشرة، حقا تغيرت حياتي كليا بعد تطوعي في "البدر"، وأدعو الشباب إلى التطوع في جمعيات على شاكلة جمعيتي". أشار أمين إلى أهمية التعامل برقة وليونة مع المرضى الذين يمكن أن يتحسسوا من أية كلمة أو حركة، معتبرا نفسه خادما للمرضى الذين تقدّم بهم المرض ولم يعد شفاؤهم ممكنا، كما اعتبر أن مرض السرطان رغم انتشاره إصابة جدته به-، إلا أنه يجب الكفاح من أجل الحياة والعيش في سعادة، من خلال التسلح بالقوة والإرادة. أمين قال ل«المساء"، بأنه أصبح أكثر قوة من الناحية النفسية، وتمكن من نسج الكثير من العلاقات، وتعلم أسلوب الحديث مع المرضى، خاصة الأطفال منهم، ليطالب الشباب مرة ثانية، بالتضامن مع المرضى. يمينة والي:في خدمة الجمعية متى أرادت ذلك انخرطت يمينة والي في جمعية "البدر" في 2015، بعد أن أخبرها أخوها بحاجة الجمعية إلى من يقوم بديكور خاص بشهر "أكتوبر الوردي"، ومنذ تلك اللحظة، لم تفارق يمينة، التقنية في مناجمنت، فضاء الجمعية، وفي هذا تقول "لا يمكن أن أرفض خدمة الجمعية ولو كنت في قمة انشغالاتي، فمنذ أن ولجت هذا العالم، تغيّرت نظرتي للحياة، تعلّمت الكثير وأصبحت أكثر نضجا من ذي قبل". في هذا السياق، اعتبرت المتحدثة أن سهرها رفقة زملائها على خدمة المرضى، مثلما حدث السنة الماضية حينما صنعوا الفراشات للاحتفال بعيد الطفل، يعتبر أجمل يوم في حياتها، في المقابل، طالبت بضرورة الفحص المبكر حتى يتم علاج مرض السرطان، ومن خلال انخراطها في الجمعية واحتكاكها بالمرضى، تيقنت بضرورة استغلال الحياة وعيشها بكلّ جوارحها، لتؤكد من جديد تشكيلها رفقة 350 متطوعا في الجمعية، عائلة واحدة. أخصائية التجميل نسيبة عنتر ل''المساء":أقضي أجمل الأوقات مع مقيمات "دار الإحسان" تحدثت مختصة التجميل ورئيسة جمعية "الأيادي الذهبية"، السيدة نسيبة عنتر، عن سعادتها الغامرة بتخصيصها أمسية كل يوم الثلاثاء للمقيمات ب«دار الإحسان"، حيث تهتم بجمالهن، علاوة على تنظيم عضوات جمعيتها للكثير من النشاطات في هذا الشأن، مثل المكرامي وصناعة الورود وغيرهما. في نفس اليوم الذي اتصل رئيس جمعية "البدر" بزوجة صديقه المختصة في التجميل، السيدة نسيبة عنتر، طالبا منها المشاركة في نشاطات الجمعية من خلال إدارة غرفة للتجميل ستكون ضمن غرف "دار الإحسان"، لم تنم نسيبة ليلتها من شدة الفرح، لتنطلق مغامرتها في الدار والبداية بشراء كل ما له علاقة بالتجميل والحلاقة، ومن ثمة تجهيز الفضاء المخصص لذلك، فأصبح بالفعل شبيها بمراكز التجميل، بل وأفضلها على الإطلاق. تحدثت السيدة نسيبة عن عملها في الجمعية، فقالت بأنها تهتم بتجميل المقيمات بدار "الإحسان"، خاصة بعد إتمامهن العلاج بالأشعة وما يخلفه من أضرار على الجسم، كما تقوم بدلكهن وتشرف على استرخائهن، حتى يعدن إلى ديارهن وهن في أحسن حالة. أضافت المتحدثة أنها مع الجمعية منذ أن فتحت "دار الإحسان" أبوابها، أي منذ عام 2015. كما تقوم رفقة المتطوعات من جمعيتها "الأيادي الذهبية" بتنظيم جلسات دينية تحوّلت مع الوقت إلى نفسية، إذ تجد فيها المريضة متنفسا تحكي خلالها عن همومها، خاصة المتعلقة بعلاقتها مع الآخرين، وفي هذا تقول "أقول لهن؛ لا تجعلن من السرطان ذريعة لإحداث القطيعة مع الحياة، هل تعلمن أن الزكام يقتل أكثر من السرطان"؟ نظمت جمعية "الأيادي الذهبية" مأدبة إفطار لمرضى "دار الإحسان" والمحتاجين، رغم أنها لا تتلقى سنتيما كدعم رسمي، ومع ذلك تخدم المرضى والمعوزين. في هذا، تقول نسيبة بأن كل عمل يقدم لوجه الله خالصا، يتم بإذن الله في أحسن وجه. كما تُعلم الجمعية التجميل والحلاقة بالمجان لليتيمات والأرامل، وتشتري ألبسة العيد وتجهز العرائس. أما جمعية "البدر"، فتهتم علاوة على التجميل بتعليم المقيمات في الدار، الأشغال اليدوية كالمكرامي والرسم على الحرير وصناعة الورود والحلي. اعتبرت السيدة عنتر أن الوقت الذي تقضيه في الجمعية أجمل بكثير من ذلك الذي تعيشه في مركزها للتجميل. كما ذكرت حادثة تتمثل في انفجار مريضة بالضحك حينما كانت تقوم بدلكها، فخافت نسيبة من إصابة المريضة بانهيار عصبي، إلا أن الأخيرة قالت لها بأنها تقبلت مرضها، وأنها استفادت من جلسة التجميل والدلك والاسترخاء، وهو ما لم تستطع تحقيقه قبل عرسها بسبب قلة إمكانياتها، كما أخبرت نسيبة بأنها تلقت اتصالا هاتفيا من والدتها، تبكي فيه وتخشى عليها من موت، وأضافت "آه لو تعلم عائلتي كم أنا سعيدة في دار الإحسان". المتطوعة سهام زيتوني ل«المساء": قاوموا فالحياة جميلة «لا تنتهي الحياة بإصابة الإنسان بالسرطان"، "السرطان ليس وحشا سيقضي علي، بل هو مرض أستطيع بحول الله الشفاء منه"، "مادام قلبي ينبض سأقاوم"، "الطب تطور والقوة الداخلية لا يمكن الاستهانة بها"، وأقوال أخرى لسهام زيتوني، التي تقاوم مرض السرطان منذ سنوات بدون كلل ولا ملل، حتى أنها تحولت إلى متطوعة تخدم بدورها المرضى الآخرين المقيمين ب«دار الإحسان"، فهل هناك قدوة أفضل منها في هذا الشأن؟ سهام هنا وسهام هناك، سهام في كل أرجاء "دار الإحسان" والابتسامة لا تغادر محياها، سهام التي تحولّت بفعل عزيمتها في محاربة المرض وقوة شخصيتها، إلى إحدى ركائز الدار، وهي لا تتردّد عن الإجابة عن كل أسئلة الصحفيين الخاصة بالمرض بصفة عامة وبتجربتها بصفة أدق. قوة سهام الفولاذية بلغت مسامع مرضى آخرين، مثل تلك التي قرأت مقالا لصحيفة كتبت عن سهام، فاحتفظت بها وشجعها الأمر على الالتحاق ب«دار الإحسان"، وانطلقت في العلاج رغم رفضها له في بادئ الأمر، نفس الشيء بالنسبة لابنتها التي تحدّثت مع سهام هاتفيا وأقنعتها بالعلاج. علاقة سهام بالمقيمين وكل أعضاء جمعية "البدر"، وكذا المتطوعين، متينة جدا، وفي هذا تقول "قال لي الحاج الطيب عويط، المقيم بالدار؛ "نطلعلو المورال" حينما يشاهدني، حتى أنّه نزع عمامته وأظهر لي شعره المتساقط، تضامنا منه". كفاح من أجل الشفاء في المقابل، أخبرت سهام "المساء" أنه بمجرد علمها بعودة مرض السرطان إلى جسدها (العظام والكبد)، انطلقت في علاجها الطبيعي، فقامت بتجويع الخلايا السرطانية، قبل انتظار ظهور نتائج التحاليل، فكانت تركض لمدة نصف ساعة يوميا، وتأكل الخضر والفواكه فقط، وتشرب الماء القلوي، أي مزيج بين الماء والليمون، وتتناول اللوز والجوز وتشرب زيت الزيتون، وفي هذا شكرت العاملات بمطبخ "دار الإحسان" اللواتي يهتمن بحميتها فيقدمن طعاما لها خاصا. تقاوم سهام مرض السرطان وتقول بأنّ المريض يتغلّب على مرضه بإرادة الله، ومن ثمة قوته الداخلية، مضيفة أن الطب تطوّر والحياة تبقى جميلة، وكما يقول الشيخ نابلسي "ما دام القلب ينبض، فهناك حياة". كما أنّها تريد العودة إلى أطفالها؛ وائل (22 سنة) ولؤي (18 سنة) وعبد الله (11 سنة)، وتطلب الدعاء من القريب والغريب. وجهت سهام نداء لكل مرضى السرطان كي يقاوموا المرض، فلم يعد مخيفا مثلما كان في الماضي، ويمكن الشفاء منه، خاصة بوجود أناس محسنين وجمعية مثل "البدر" التي أسست "دار الإحسان"، ترعى المرضى وتوفّر لهم كل ظروف الحياة. تقوم سهام أيضا بعمل تطوعي في الجمعية، التي تقول عنها "هل شاهدتم مثل جمعية البدر، تقوم بخدمة المرضى في هذا الشأن؟، كأنّنا في فندق خمس نجوم، دون أن ننسى الابتسامة التي لا تفارق محيا أعضاء ومتطوعي الجمعية". في المقابل، طالبت سهام من المحسنين المساهمة في إنشاء "دار الإحسان" الخاصة بالأطفال، والتي تعتبر مشروعا خاصا بجمعية "البدر"، وقد تمّ الانتهاء من تحضير مخطّطها الهندسي، في انتظار الحصول على التراخيص الإدارية، مضيفة أن الأطفال المرضى ليس لهم مشفى ولا "دار إحسان" تخصهم. في هذا السياق، قالت سهام بأنّها تتأثر كثيرا بالأطفال المصابين بالسرطان، لأنّهم يعانون رفقة أوليائهم، مشيرة إلى ضرورة أن تكون لهم دار خاصة بهم، مضيفة أن المقيمين ب«دار الإحسان"، ينسون أنفسهم ويتحدثون عن المرض أمام الأطفال المصابين وهو ما لا يجب. كما تطرقت سهام إلى الطفل الذي أحضره والده إلى الدار وكيف كان يبكي، بعدها وبعناية الجميع، تحسنت حالته النفسية. كما تطرقت إلى العلاج المكمّل لمرضى سرطان الثدي والمتمثل في الدعامات الخارجية للثدي أو بديلات الثدي الخارجية، وطلبت من المحسنين المساهمة في شرائها، حتى تشعر المرأة التي تم استئصال ثديها بأنوثتها، بالتالي يمكنها مواجهة نظرة الآخرين والشعور باسترجاع جزء هام من أنوثتها. كما نوهت سهام بكل النشاطات التي تنظمها جمعية "الأيادي الذهبية"، وكذا جمعية "البدر" التي أسست "دار الإحسان"، حيث تحتضن المصابين بالسرطان الوافدين من كل مناطق الوطن، وتقدم لهم كل ما يحتاجون إليه، ليصبحوا عائلة واحدة تؤازر بعضها البعض. في المقابل، اعتبرت سهام (46 سنة) أن إصابتها بمرض السرطان، مكنها من التنقل إلى البليدة والالتقاء بمرضى آخرين قدموا من كلّ الولايات، مضيفة أن المرض يجعل المريض جميلا لأن العلاج الكيميائي يقتل الخلايا السرطانية والسليمة، فيصبح جلد المريض كجلد الرضيع، لهذا عليه أن يتغذى جيدا ويتبع أكلا صحيا، فمريض السرطان يعود إلى الحياة من جديد، ويجب عليه أن يجد المساندة من محيطه المباشر وغير المباشر.