ما تزال ولاية سكيكدة بالرغم من كونها كانت معقلا للثوار، لاسيما وأنّها كانت تحتضن مقر الولاية التاريخية الثانية، إلا أنّها تكاد تكون الولاية الوحيدة على المستوى الوطني التي لا تملك على الأقل جدارية تضم أسماء كل شهداء الولاية الذين سقطوا في ميدان الشرف خلال الفترة الممتدة من 1954 إلى 1962 والمقدر عددهم حسب وثيقة لمديرية المجاهدين بحوالي 682 شهيدا، كما تفتقر أيضا لجدارية تخلد مقاومة أهالي سطورة خلال سنة 1838، الذين ثاروا ضد التواجد الفرنسي بالمنطقة وكبّدوا العدو خسائر معتبرة في الأرواح والعتاد والتي دامت على فترات متقاطعة إلى غاية مقاومة سي زغدود وذلك خلال سنوات 1841 /1842 و1843. كما تبقى مدينة سكيكدة الوحيدة التي تفتقر إلى جدارية أو نصب تذكاري يضم أسماء كل الشهداء الذين سقطوا أثناء مظاهرات 20 أوت 55 لتكون شاهدا للأجيال على وحشية الاستعمار. للعلم، يوجد بولاية سكيكدة 42 معلما تذكاريا مخلدا لأحداث ورموز الثورة التحريرية 5 منها تقع بمدينة سكيكدة تحتاج إلى التجديد حسب المواصفات المعمول بها عالميا حتى تتمكن من أداء رسالتها للأجيال بكل أمانة، أنجزت كلها بطريقة جد بسيطة تفتقد إلى المسحة الفنية الجمالية... ويبقى من الضروري بمكان على المعنيين بالأمر، إعادة النظر فيما يخص بعض الجداريات والنصب التذكارية المنجزة بسكيكدة بالاعتماد على الفنانين المحترفين والحرفيين المختصين حتّى تساهم في أداء دورها التاريخي وحتّى السياحي والثقافي. للتذكير، يوجد بولاية سكيكدة حسب وثيقة رسمية لمديرية المجاهدين للولاية نملك نسخة منها إلى جانب ما تمّ ذكره، 268 مركزا من أهمها مراكز جيش التحرير الوطني، يتواجد 10 منها بعاصمة الولاية وضواحيها، إضافة إلى 15 مكانا استشهد فيه قادة الولاية التاريخية الثانية من بينهم الشهداء زيغود يوسف وبشير بوقادوم وقويسم عبد الحق ومسعود بوجريو وحمروش حمودي وغيرهم، إضافة إلى 18 مكانا شهد هجومات 20 أوت 55 منها 6 بمدينة سكيكدة وهي مركز الشرطة، الدائرة الثانية ومركز الجندرمة بالقبية ومركز الشرطة القضائية بباب البحر وثكنة مانجا، ثانوية محمد الصديق بن يحيى حاليا بوسط المدينة والمطار القديم بحمروش حمودي ومركز الشرطة المتحركة بوسط سكيكدة. أكثر من 7 آلاف شهيد سقطوا في مذبح الحرية بسكيكدة كشفت وثيقة تاريخية صادرة عن مديرية المجاهدين لولاية سكيكدة، بأنّ عدد شهداء الثورة التحريرية بالولاية خلال الفترة الممتدة من الفاتح نوفمبر المجيد إلى غاية سنة 1962 قد بلغ 7272 شهيد سقطوا في ميدان الشرف عبر 38 بلدية، منهم 682 شهيدا سقطوا عبر تراب بلدية سكيكدة لوحدها. وحسب نفس الوثيقة. فإن أهالي سكان سكيكدة وعبر مختلف القرى والمداشر، ومنذ أن دخلها الاستعمار الفرنسي يوم 10 أبريل 1838، شنوا مقاومة شرسة ضد المحتل، من أبرزها مقاومة الشيخ الزغدود والشيخ بوقرة. كما عرفت عاصمة الولاية التاريخية الثانية نشاطا مكثفا للحركة الوطنية حيث عدت سكيكدة مهدا لها، وقد تميز نشاط هذه الأخيرة بتنظيم المظاهرات والاحتجاجات، من أهمها مظاهرة عمال ميناء سكيكدة سنة 1904، حيث تمّ ولأول مرّة رفع العلم الوطني الجزائري في شكل تقريبي للعلم الحالي، وكذا تمرد بعض الشباب ضد التجنيد الإجباري للمشاركة في الحرب العالمية الثانية خلال فترة 1914 /1920 الذي اصطلحت عليه فرنسا الاستعمارية بثورة الخارجين عن القانون، ناهيك عن النشاط المكثف للتشكيلات السياسية وللحركات الإصلاحية. وحسب ذات الوثيقة، فقد زار سكيكدة خلال تلك الفترة كل من الشيخ عبد الحميد بن باديس سنة 1933 ومصالي الحاج سنة 1952. وكانت سكيكدة منذ ثلاثينيات القرن الماضي تضم 3 قياديين في حزب الشعب الجزائري، وهم مسعود بوقادوم وموسى بوالكروة وحسين لحول الذي كان عضوا في اللجنة المركزية وأمين عام للحزب، كما كان لولاية سكيكدة الشرف في تأسيس المنظمة السرية بشكل منظم والتي كان يشرف عليها الشهيد البطل بوكرمة بوجمعة المدعو عيسى... فيما يخص مشاركة سكيكدة في انطلاق الثورة التحريرية الكبرى لأول نوفمبر 1954، فقد كشف تقرير آخر لمديرية المجاهدين للولاية، بأنه وعلى إثر الاجتماع التاريخي لمجموعة 22 الذي انبثق عنه قرار تفجير الثورة بعد أن أصبحت سكيكدة ضمن التقسيم الذي اعتمد خلال ذات الاجتماع تابعة للمنطقة الثانية للشمال القسنطيني والتي كانت تسمى اصطلاحا منطقة السمندو بقيادة الشهيد البطل الرمز ديدوش مراد، وبمساعدة زيغود يوسف ولخضر بن طوبال ومصطفى بن عودة، تمّ ليلة 1 نوفمبر 1954 وبعد تشكيل فوجين من المجاهدين الأوائل، أسندت إلى الفوج الأول مهمة الهجوم على ثكنة الجندرمة بمدينة السمندو، بينما كلّف الفوج الثاني بمهمة حرق مستودع الفلين لأحد المعمرين ببلدية الحروش، وعند الساعة الصفر، شرع المجاهدون بتنفيذ العمليتين لتكون سكيكدة قد انظمت إلى الثورة من أجل التحرير منذ الساعات الأولى. وبموازاة ذلك، مارس الاستعمار الفرنسي حرب الإبادة على أهالي المنطقة بوحشية لا توصف، حيث أقاموا بداية من سنة 1956 المحتشدات التي وصل عددها إلى حوالي 117 محتشدا، كما قاموا ببناء 79 ثكنة عسكرية، بالإضافة إلى 10 ثكنات للجندرمة و62 مكتبا للشؤون الأهلية أو كما تعرف ب«لاصاص"، زيادة على 4 محافظات للشرطة دون الحديث عن البوليس السياسي، وعن العدد الكبير من المجندين ضمن شبكة العملاء، دون إغفال القوات الضخمة للقواعد البحرية العسكرية، كما قام الاستعمار الفرنسي بإنجاز مطارين عسكريين، ولم يكتف بذلك، بل راح سنة 1955 وبعد تعيين السفاح "أوساريس" على رأس الجهاز المخباراتي داخل مدينة سكيكدة، بإنشاء 21 مركزا للتعذيب مجهز بأحدث وأبشع وسائل الاستنطاق غير الإنسانية، منها 4 مراكز للتعذيب بمدينة سكيكدة. ولأن وحشية المستعمر الفرنسي لا توصف، فقد ذكر نفس التقرير، بأنه ومنذ انطلاق الثورة المباركة لأول نوفمبر، ارتكب العدو مجازر رهيبة وعمليات إبادة من خلال تخصيصه ل20 مكانا دفن فيه أهالي المنطقة أحياء، وهي ملعب سكيكدة ومشتة الزفزاف ومشتة بارو وفلفلة والحدائق وأمجاز الدشيش وجندل وسيدي مزغيش والحروش ورمضان جمال وعزابة وعين شرشار وزردازة والقل والسبت وحمادي كرومة وبني زيد. بوجمعة ذيب