تفتقر مدينة سكيكدة إلى المعالم التاريخية والجداريات والنصب التذكارية، المخلدة لبعدها الضارب في أعماق التاريخ القديم والحديث.. علما أن كل ما هو موجود لا يليق بمقامها التاريخي كعاصمة ل"روسيكادا" ومقر للولاية التاريخية الثانية ومسرحا لمظاهرات 20 أوت 55، ناهيك عن مكانتها الاقتصادية على المستوى الوطني باعتبارها عاصمة البتروكيماء دون منازع... فيما يخص النصب التذكاري الموجود بوسط مدينة سكيكدة وبالضبط بالمكان المسمى عند السكيكديين "باب قسنطينة" بوسط ساحة الشهداء والمجسد لملحمة 20 أوت 55، فقد أنجز بطريقة غير فنية على الإطلاق تفتقد إلى المسحة الجمالية، ناهيك عن الأخطاء المسجلة فيما يخص شبه النافورة المحيطة به، أما عن النصب في حد ذاته والذي استهلك أموالا باهظة، فهو لا يعبر تماما عن الموضوع الذي أقيم من أجله، سواء من حيث تصاميم الأشكال أو الألوان المستعملة أو حتى في طريقة البناء التي لم تخضع لمقاييس الإنجاز، أما عن الإنارة التي تمثل الألوان الثلاثة للراية الوطنية فهي منعدمة أصلا، ليبقى الفرق كبيرا جدا بين هذا النصب المنجز والمجسم الأصلي الموجود بالنزل البلدي لسكيكدة. نفس الصورة تنطبق تماما على النصب التذكاري المتواجد داخل مقبرة الزفزاف والمخلد هو الآخر لأرواح شهداء مجزرة 20 أوت 55 الذين تم دفن عدد منهم هناك، والمشهد كما وقفنا عليه بعين المكان يعكس بصدق مدى الإهمال وعدم الاهتمام بمثل هذه المعالم، لا سيما وأنه يوجد في وضع سيئ للغاية، ناهيك عن الطريقة التي أنجز بها هذا الأخير الذي تحاصره الحشائش الضارة والأحراش. و فيما يخص الجدارية الموجودة بالقرب من محطة نقل المسافرين محمد بوضياف بوسط سكيكدة بمحاذاة الأمن الولائي والمجسدة لثورات الجزائر الثلاث، فإنها توجد هي الأخرى في وضع جد كارثي للغاية بسبب تراكم الأوساخ وانتشار الروائح الكريهة وتهدم بعض الأجزاء الرخامية و غياب المسحة الفنية، بما في ذلك الأشكال المجسدة على الجدارية التي تفتقد هي الأخرى إلى البراعة والإتقان، مما يوحي بأن عملية الإنجاز لم تخضع للمقاييس الفنية الواجب مراعاتها عند عملية إنجاز مثل هذه الجداريات، وحتى الراية الوطنية المتواجدة به هي بحاجة إلى التفاتة المعنيين، ليبقى اختيار مكان إقامة هذه الأخيرة يطرح أكثر من سؤال. أما الجدارية المتواجدة بداخل ملعب 20 أوت 55 بسكيكدة، إن صح تسميتها كذلك، والتي تجسد شخصية البطل زيغود يوسف مهندس هجومات 20 أوت 55، وعدا مناسبة إحياء ذكرى 20 أوت 55 التي تحظى باهتمام المعنيين بالأمر، فإنها وفي سائر الأيام الأخرى تبقى تعاني من الإهمال، حيث تتحول المساحة المحيطة بها إلى مرتع للحيوانات وحتى لبعض مدمني الخمور، ومكان للعب الأطفال فتختفي الحشائش الخضراء والزهور وتحل بدلها الأوساخ والقاذورات والنفايات. أما الجارفة التي استعملها المستدمر في دفن الجزائريين بالملعب البلدي مباشرة بعد أحداث 20 أوت 55 والموجودة بذات الملعب، فهي أيضا تحتاج إلى عناية أكثر... وتكاد تكون مدينة سكيكدةالمدينة الوحيدة على المستوى الوطني، التي لا تملك جدارية تضم أسماء كل شهداء المدينة الذين سقطوا في ميدان الشرف خلال الفترة الممتدة من 1954 إلى 1962، والمقدر عددهم حسب وثيقة لمديرية المجاهدين (نملك نسخة منها) بحوالي 682 شهيدا، كما تفتقر أيضا إلى جدارية تخلد مقاومة أهالي سطورة خلال سنة 1838 الذين ثاروا ضد التواجد الفرنسي بالمنطقة مكبدين العدو خسائر معتبرة في الأرواح والعتاد، والتي دامت على فترات متقاطعة إلى غاية مقاومة سي زغدود خلال سنوات1841، 1842 و1843.. كما تبقى مدينة سكيكدةالمدينة الوحيدة التي تفتقر إلى جدارية أو نصب تذكاري يضم أسماء كل الشهداء الذين سقطوا أثناء مظاهرات 20 أوت 55 لتكون شاهدا للأجيال على وحشية الاستعمار.. مع العلم يوجد بولاية سكيكدة 42 معلما تذكاريا مخلدا لأحداث ورموز ثورة التحرير الوطني، 05 منها تقع بمدينة سكيكدة تحتاج إلى التجديد حسب المواصفات المعمول بها عالميا حتى تتمكن من أداء رسالتها للأجيال بكل أمانة، أنجزت كلها بطريقة جد بسيطة تفتقد إلى المسحة الفنية الجمالية... وفي انتظار استلام مشروع المركب التاريخي الجاري إنجازه منذ أكثر من 05 سنوات، يبقى من الضروري بمكان على المعنيين بالأمر، إعادة النظر فيما يخص بعض الجداريات والنصب المنجزة بسكيكدة، بالاعتماد على الفنانين المحترفين والحرفيين المختصين في إنجاز مثل هذه الهياكل التي تشكل جزءا جد هام من الذاكرة الجماعية لسكيكدة والتي بإمكانها تفعيل السياحة الثقافية. للتذكير، يتواجد بولاية سكيكدة حسب وثيقة رسمية لمديرية المجاهدين للولاية، نملك نسخة منها أيضا، 268 مركز من بين أهم مراكز جيش التحرير الوطني، منها 10 بمدينة سكيكدة وضواحيها، إضافة إلى 15 مكانا استشهد فيها قادة الولاية التاريخية الثانية من بينهم الشهداء زيغود يوسف وبشير بوقادوم وقويسم عبد الحق ومسعود بوجريو وحمروش حمودي وغيرهم، زيادة على 18 مكانا شهدت هجومات 20 أوت 55 منها 06 بمدينة سكيكدة، وهي مركز الشرطة الدائرة الثانية ومركز الجندرمة بالقبية ومركز الشرطة القضائية بباب البحر وثكنة مانجا ثانوية محمد الصديق بن يحيى حاليا والمطار القديم بحمروش حمودي ومركز الشرطة المتحركة بوسط سكيكدة.