يعقد الروائي والكاتب الجزائري واسيني الأعرج اليوم الأحد 16 ديسمبر الجاري، ندوة عن روايته الجديدة "مَيْ، وليلة من ليالي إيزِيس كُوبِيَا"، ضمن فعاليات معرض بيروت العربي والدولي للكتاب، وهي من الأعمال الأدبية الأخيرة التي كتبها الروائي الجزائري، والصادرة عن دار "الأهلية" الأردنية للنشر، وخصص طبعتها لفلسطين. «مَيْ، واسيني وليلة من ليالي إيزِيس كُوبِيَا" أول رواية عربية تكشف جانبا كبيرا ومظلما من حياة الكاتبة والأديبة الفلسطينية-اللبنانية مي زيادة (1886 – 1941)، إذ غاص من خلالها الأعرج في لحظات الجحيم والمأساة الطويلة التي عاشتها في مستشفى "إيزيس كوبيا" للأمراض العقلية والنفسية في بيروت، التي استغرقت 300 ليلة. «العصفورية" كما يسميها أهل لبنان وسوريا، شاهدة على حياة مي زيادة في الفترة الأخيرة، داخلها عاشت مجبرة ومكرهة، إذ اتهمها ابن عمتها جوزيف زيادة بالجنون، طمعا في التخلص منها والاستيلاء على ثروتها المالية والعقارية، ويقول واسيني الأعرج في مستهل روايته، إنها تتحدث عن "مخطوطة ضائعة كتبتها مي في العصفورية اسمها (ليالي العصفورية)"، ويضيف أن "تلك المخطوطة مرت عبر الكثير من الأماكن، إلى درجة باتت محط تنافس كبير بين أطراف كثيرة للحصول عليها لمصالح غامضة، موضحا "كانت مليئة بالأسرار، ورحلة شاقة بين مختلف الأماكن؛ البيوت الواطئة وتلك المعلقة في الجبال والأديرة والمستشفيات والمصحات والمهاجر التي مرت عبرها هذه المخطوطة". عن هذه المخطوطة، يقول الأعرج، إن مي زيادة "دونت فيها تاريخها الشخصي، وقسوة الأهل، والظلم الاجتماعي الذي تعرضت له، وتنكر أصدقائها لها"، لذا يشكل العثور عليها رهانا كبيرا، ويحاول الروائي الجزائري من خلال روايته، الإجابة عن أجوبة لأسئلة طرحها من خلال شخوص جسدت أدوارا مفصلية في روايته، ومن بين الأسئلة: "هل سيجد ياسين الأبيض ومساعدته روز خليل المخطوطة؟ وهل سيتجاوزان المصاعب التي وضعت أمامهما في باريس والناصرة وبيروت والقاهرة؟". لم يقف صاحب رواية "طوق الياسمين" عند خبايا حياة مي زيادة، بل استغل القصة للبحث عن تحليلات وإجابات لمشكلات خطرة بدأت في الانتشار مع بداية القرن الماضي ومستمرة حتى اليوم، خاصة ما تعلق منها بوضع المرأة في المجتمعات الشرقية، التي يصفها واسيني الأعرج بأنها "تعيد إنتاج أفكار العصور الوسطى". إضافة إلى مشكلة "الذكورة" التي يرى أنها "لم تعد مقتصرة على الأفراد، بل تحولت إلى نمط من التفكير الثنائي، ومعضلات الحداثة في مجتمع بين الحربين التي ظلت خطابا فوقيا نخبويا، ولم تتحول إلى فاعلية اجتماعية وحياتية، إذ اختار جيل ميادة الحداثة، لكنه رفض دفع ثمنها"، كما يقول في روايته. كشف الأعرج، صاحب رواية "أشباح القدس"، عن سر كتابته هذه الرواية وسبب اهتمامه بقصة مي زيادة، موضحا أن ذلك يعود إلى كتاب "أمين الريحاني.. قصتي مع مي" للكاتب أمين الريحاني الذي كانت تربطه علاقة خاصة بزيادة، ويصف واسيني الكتاب ب«الوثيقة الاستثنائية عن حياة مي ومعاناتها"، ويقول عنه أيضا "ما أثمن هذا الكتاب، وما أعظم أمين الريحاني". يتطرق الكتاب إلى "بعض التفاصيل الحميمية" التي دونها أمين الريحاني، التي يقول عنها الأعرج إنها كانت "موضوعية وحتى تلك التي كانت تدينه"، من بينها انجراره في البداية مع الرأي الذي كان يقول بجنون مي، ورغم اعتذاره منها، فإنها رفضت اعتذاره واستقباله، لكنها شعرت بصدقه عند محاولته الثانية، خاصة أنها كانت بحاجة إلى من يواسيها في فترة نقاهتها بالمستشفى الأمريكي، قبل أن يقف بجانبها حتى النهاية"، كما يذكر الروائي.