أكد وزير المالية عبد الرحمان راوية أمس، أن وزراء الحكومة يقدمون بشكل مستمر ملاحظات وإجابات على جميع الملاحظات التي ترد في تقرير مجلس المحاسبة بعنوان كل سنة مالية، مشيرا إلى أن هذه الملاحظات تتضمن تسييرهم لميزانياتهم القطاعية، وكذا الإجراءات التي يتم اتخاذها لتدارك النقائص المسجلة. وتوقع الوزير من جانب آخر أن تضفي الإتفاقية المبرمة أول أمس، مع الكوريين في مجال الجمارك لعصرنه القطاع ومكافحة تضخيم الفواتير من قبل بعض المستوردين. وعاتب وزير المالية، أعضاء مجلس الأمة أمس، خلال رده على انشغالاتهم في إطار مناقشة مشروع تسوية الميزانية، بسبب تكرارهم لنفس الملاحظات التي سبق أن قدم بشأنها توضيحات وشروحات مفصلة، مقدرا بأن «ذلك يدل على عدم أخذ هذه التوضيحات بعين الاعتبار»، لا سيما في ظل اقتصار عدد الحضور أمس، في قاعة مجلس الأمة على 62 عضوا فقط، ومشاركة البقية بالوكالات ليصل العدد الإجمالي إلى 105 أعضاء. وفي سياق رده على الانشغالات المطروحة خلال مناقشة مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2016، أرجع السيد راوية التأخر المسجل في انطلاق بعض المشاريع إلى بطء الإجراءات التنظيمية المتعلقة بتوفير العقار، بفعل إجراءات قانون الصفقات العمومية وقلة مكاتب الدراسات المختصة في بعض المجالات، فضلا عن عدم جدوى المناقصات، كنتيجة لضعف الشركات المكلفة بالإنجاز وعدم تخصصها في المجالات المعنية بالمناقصة. واعترف الوزير في هذا الإطار بتسجيل تأخر في بعض مشاريع التجهيز العمومي بشكل متكرر، وتأخر انطلاق عملية إنجازها، ما يفرض حسبه اللجوء إلى إعادة تقييمها ويفتح الباب لتكاليف إضافية. إجراءات للحد من «ظاهرة» إعادة التقييم وأكد السيد راوية بأن وزارته تبذل جهودا كبيرة من أجل الحد من عملية إعادة التقييم، التي أصبحت حسبه تكتسي صفة «الظاهرة»، مشيرا إلى بعض الإجراءات العملية المتخذة في هذا الإطار، ومنها ضرورة الأخذ بالتبريرات المقنعة للمشاريع التي تحتاج عملية إعادة تقييم، مع إخضاع دراسة المشروع إلى عملية اكتمال النضج والختم على الدراسة من طرف الصندوق الوطني للتجهيز، إلى جانب إجراء تطهير دوري كل 5 سنوات لمدونة الاستثمارات لإسقاط المشاريع التي لم تنطلق، تجنبا لإعادة تقييمها. وفي إطار الحد من عملية تبذير المال العام نتيجة إعادة التقييم، يتم العمل حسب الوزير بتقنية «عدم التحرير بأقساط الموارد على أساس اعتمادات الأقساط السابقة»، مع إجبار الآمرين بالصرف بإرفاق تبعات الخدمة العمومية بدفتر الشروط العام، مع تبيان الالتزامات المفروضة على المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري وتوسيع الرقابة المسبقة إلى البلديات بالنسبة للمشاريع التي تم الشروع فيها. ومكنت هذه الإجراءات التي شرع العمل بها حسب السيد راوية من تقليص عمليات إعادة التقييم بنسبة 77 بالمائة، مع تخفيض التبعات المالية لها من 1113 مليار دينار في 2007 إلى 253 مليار دينار في 2016. وفي توضيح له حول مكافحة الغش الضريبي، قال راوية إن مصالحه تسعى جاهدة لمحاربة عملية تضخيم الفواتير التي يقوم بها بعض المستوردين، مبرزا أهمية التنسيق القائم بين مختلف المصالح، لاسيما بين الجمارك الجزائرية وبنك الجزائر، «غير أن نجاح المسعى يقتضي حسب ممثل الحكومة، وضع نظام معلوماتي عصري متطور ليتم تبادل المعلومات بالسرعة المطلوبة وتحسين عملية تحصيل الإيرادات العمومية، منوها بالاتفاق الذي أبرم أول أمس، مع الشريك الكوري الجنوبي في مجال التعاون الجمركي والذي من شأنه أن يحقق نتائج إيجابية في هذا الإطار بداية من العام القادم. تأخر تحصيل الغرامات مرتبط بتأخر صدور الأحكام وإذ أشار إلى أن تحصيل الجباية العادية عرف تطورا ملحوظا، حيث انتقل من 462 مليار دينار سنة 2000 إلى 3216 مليار دينار في سنة 2017، أوضح الوزير أن تأخر بعض باقي التحصيل ومنها الغرامات القضائية، يرتبط بتأخر صدور الأحكام القضائية التي تخص هذه الغرامات، مؤكدا في سياق متصل بأن جهودا كبيرة تبذل في الميدان لتحصيل كل الديون المتراكمة. كما أوضح الوزير بأن تقديرات الميزانية للمدى المتوسط، مرتبط بالتقديرات المنجزة حسب الاقتراحات المقدمة من طرف الآمرين بالصرف، والتي تأخذ بعين الاعتبار وتيرة استهلاك الاعتمادات المالية المرصودة في السنوات المالية الماضية، مشيرا إلى أن العمل بهذه الوتيرة سيتواصل إلى غاية العمل بالقانون العضوي لقوانين المالية المزمع دخوله حيز التنفيذ سنة 2023. وسجلت الجباية البترولية نموا بنسبة 184 بالمائة، في ظرف 9 سنوات منتقلة من 1179 مليار دينار في 2008 إلى 3343 مليار دينار في 2016. وذكر السيد راوية في سياق متصل بالتدابير المتخذة لتعزيز الرقابة على استعمال المال العام وتوسيع تطبيقها على باقي الإدارات اللامركزية من بلديات ومؤسسات لمحلية، حيث ذكر بأن عملية تعميمها انطلقت سنة 2010، وتواصل السلطات العمومية في إطارها عملية تطهير صناديق التخصيص الخاص، التي تقلص عددها إلى 54 صندوقا بعدما كانت في السابق 73 صندوقا، ما سمح حسبه بتقليص المبالغ المرصودة لهذه الحسابات الخاصة، بنسبة 63 بالمائة، متراجعة من 10627 مليار دينار في 2010 إلى 3905 مليار دينار في 2017.