توسيع دائرة المشورة حول إخراج صناديق الزكاة من المساجد وسيصدر قرار في هذا الشأن قريبا قرابة 146 مليار سنتيم حصيلة الزكاة، وهي أقوى حصيلة منذ تأسيس صندوق الزكاة قريبا اتفاقية بين وزارتي الشؤون الدينية والبريد لوضع بطاقة دفع إلكتروني للزكاة.. وأخرى مع متعاملي الهاتف النقال حول خدمات الرسائل النصية القصيرة يكشف الأستاذ خالد يونسي مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف، رئيس اللجنة الوطنية لصندوق الزكاة في هذا الحوار، عن المشروع الجديد للوزارة في سبيل الارتقاء بمؤسسة الزكاة إلى ما يناسب العصر الحديث، حيث يتحدث بالتفصيل عن جملة من الخطوات والآليات الجديدة التي يتم الإعداد لها؛ سواء على مستوى الوزارة أو بالتنسيق مع عدة شركاء. كما يتطرق في هذا الحديث لعمل اللجنة التي يرأسها في إعداد برنامج خاص في هذا المجال، يتضمن عدة محاور لبلوغ هدف "مأسسة" الزكاة؛ أي جعلها مؤسسة قائمة بذاتها. كما يتحدث عن آخر قرار صدر عن وزير القطاع فيما يخص إخراج صناديق الزكاة من المساجد. دار حديث مؤخرا حول جعل صندوق الزكاة مؤسسة قائمة بذاتها؛ فما صحة هذا القول؟ وهل ذلك هو السبب وراء سحب صناديق الزكاة من المساجد؟ ❊❊أولا.. أريد أن أوضح الأمور؛ حيث إن مسألة إخراج صناديق الزكاة من المساجد قد أسالت الكثير من الحبر، وآخر قرار صدر عن معالي الوزير محمد عيسى، يقضي بتوسيع دائرة المشورة في هذه القضية، حيث طلب استشارة اللجان الولائية والقاعدية، أي الاستشارة من الميدان، لما لهذه اللجان من خبرة في تسيير شؤون الزكاة وكذا بفضل الاحتكاك المباشر لها بالمزكي والمستفيد على السواء، وأنا أؤكد هنا أن القضية ماتزال في التشاور والتداول إلى أن يصدر القرار النهائي ليكون جماعيا بعد تفكير عقلي. هل معنى ذلك أن القرار الأخير في هذا الخصوص لم يصدر بعد؟ ❊❊لم يصدر نهائيا، لماذا؟ لأن المواطن ألف وجود هذا الصندوق في المسجد، وتغيير الآلية بتوجيهه نحو الحسابات البريدية الجارية لتقديم زكاته، قد يجده شيئا جديدا؛ لذلك فإنه لا بد أولا من تهيئة.. كما أن الأحداث المتتالية المسجلة ببعض مساجد الوطن كالاعتداء على المساجد وسرقة صناديق الزكاة هي في الحقيقة انتهاك لحرمة المساجد، والاعتداءُ الجسدي على الأئمة وهم يدافعون عن الزكاة والتبرعات، وسرقةُ حقوق الفقراء وضياع أموال المزكين، كلها عوامل حتّمت على الوزارة التدخل صونا لحرمة المسجد، وحماية للإمام، وحفظا لأموال الزكاة؛ لذلك اسمحوا لي هنا أن أشير إلى مشروع "مأسسة الزكاة" الذي تحضّر له وزارة الشؤون الدينية والأوقاف حاليا، وهو مشروع يعنى بالارتقاء بمؤسسة الزكاة وجعلها في مصاف تجارب الدول الرائدة. ولدينا ثقة في الجزائريين بأن يساهموا معنا في هذا المنحى، والارتقاء بهذه المؤسسة إلى أبعد الحدود. ماذا تقصدون بقولكم "مأسسة"؟.. هل يعني الخروج من الصورة النمطية للزكاة إلى صورة أخرى تجعلها مؤسسة قائمة بذاتها؟ ❊❊أحسنت.. هو ذاك، نريد الارتقاء بالزكاة؛ بإخراجها من صورتها التقليدية إلى مشروع مجتمع يحقق الهدف الذي أوتي من أجله، وهو تحقيق التكافل المجتمعي، وتأكيد دائما وأبدأ أن الشعب الجزائري شعب كريم وقادر على تحقيق المزيد من الإنجازات في الشأن الديني. وهنا أشير إلى الحصيلة الإيجابية لصندوق الزكاة خلال موسم 2017، حيث بلغت حصيلة الزكاة قرابة 146 مليار سنتيم، وهي أقوى حصيلة منذ تأسيس صندوق الزكاة بالمساجد عام 2003، كما أنه أقوى دليل على أن الشعب الجزائري كريم، يبادر بالتضامن بكل صوره، مما يؤكد أن الصندوق قد استطاع أن يجمع الجزائريين على الخير، وأن ينشر بينهم ثقافة التطوع في سبيل الله، وأن يؤسس قوة تنظيمية في المجتمع، والدليل وجود 48 لجنة ولائية عن اللجنة الوطنية لصندوق الزكاة، وأكثر من 500 لجنة قاعدية، وقرابة 20 ألف لجنة محلية، كلها تعمل بالتنسيق حول مسألة إيصال الزكاة التي هي حق الفقير على الغني إلى مستحقيها. كما أن الصندوق مكن طوال سنوات من تكوين الأئمة، وأكسبهم خبرة في تسيير العمل الخيري، وهذه هي الخبرة التي تريد الوزارة الأخذ بها لما تحدثنا مسبقا عن توسيع دائرة المشورة للخروج بنتيجة واضحة شافية في مسألة إخراج صندوق الزكاة من المساجد. أما القول ب "مأسسة الزكاة" فذلك مشروع طموح، تعمل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تحت إشراف الوزير محمد عيسى، على عصرنة الزكاة، ونعمل على جعلها مؤسسة قائمة بحد ذاتها متأثرة بروح العصر الحديث، ونحن عازمون على الأخذ بتجارب أمم أخرى انتهجت هذا النهج ونجحت فيه. وعَلامَ يقوم هذا المشروع العصري تحديدا؟ ❊❊كما أشرنا إليه، فإن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تعكف حاليا على جعل صندوق الزكاة مؤسسة دينية قائمة بذاتها؛ من خلال جملة من المعايير الرامية عموما إلى عصرنة الزكاة، وجعلها في خدمة التكافل الوطني، فهذا الأمر أصبح اليوم أكثر من حتمية في ظل التطور التكنولوجي الكبير حتى نرتقي بالزكاة إلى ما يناسب العصر الحالي، إذ تعمل اللجنة الوطنية لصندوق الزكاة في هذه الآونة، على إعداد برنامج خاص يتضمن عدة محاور، فيعنى المحور الأول بالجانب التحسيسي عن طريق تنظيم أيام إعلامية تحسيسية حول محاور المشروع ككل، ومنه تنظيم أيام دراسية عبر الولايات، آخرها يوم 18 ديسمبر بولاية البويرة كالمحطة 17 في الحملة الوطنية التحسيسية للجنة وفق برنامج اللجنة الوطنية تارة، ومرة بدعوة من مديريات الشؤون الدينية والأوقاف عبر الولايات، للحديث دائما حول الآليات الجديدة للصندوق وكذا كلقاء تكويني للائمة والمرشدات الدينيات وأعضاء اللجان الولائية والقاعدية للصندوق، واعتباره أيضا لقاء تحسيسيا للرأي العام ولوسائل الإعلام، والاستماع لكافة الأطراف، وتبادل التجارب إثراءً للنهج العام المتّبع في عصرنة صندوق الزكاة. وهناك محور آخر يُعنى بإنشاء بوابة إلكترونية، تكون عبارة عن شبكة وطنية تربط اللجنة الوطنية باللجان الولائية والقاعدية حتى يتم إعداد قاعدة بيانات يمكن تحيينها دوريا. هذه البوابة نرتقب أن تساهم في توثيق عمليات الزكاة جمعا وصرفا، وفي ضبط قوائم العائلات المعوزة وتحيينها دوريا، إلى جانب توثيق كل المساهمين في صندوق الزكاة خاصة رجال المال والأعمال؛ عملا على نفع أكبر للفقراء، وهنا أوجه نداء لهؤلاء للانضمام إلى اللجان الولائية والقاعدية لصندوق الزكاة بكافة الولايات؛ للمساهمة في تسيير شؤون الزكاة وهيكلتها بطرق أفضل. كما لا يفوتني هنا دعوتهم ومن خلالهم كافة رجال المال والأعمال، إلى المساهمة بأموال زكاتهم في صندوق الزكاة، حيث إنهم يفضلون في العادة إخراج الزكاة في 31 ديسمبر من كل سنة بعد الفراغ من عملية الجرد السنوي. وننوه بأن الوزارة بصدد فتح حساب بنكي وطني خاص بصندوق الزكاة، وآخر دولي يوجه إلى الجالية الجزائرية المقيمة في المهجر، سيكون رابطا لهؤلاء بوطنهم؛ حيث سيمنحهم فرصة المساهمة في تحقيق التكافل الاجتماعي. هل ينتهي مشروع عصرنة الزكاة عند هذا الحد؟ ❊❊لا أبدا؛ لأنه مشروع متكامل يأخذ الكثير من العصر الحديث، ففي سياق عصرنة الزكاة فإن الوزارة تعمل كذلك على محور ثان، يخص إعداد تطبيق لحساب الزكاة، سيكون على مستوى "متجر الألعاب" (Play store)، بحيث يمكن لأي مزكّ أن يحمّل التطبيق على هاتفه الذكي، ومن ثم الاستعانة به لحساب مقدار الزكاة الواجب إخراجها، وهذا بعد إدخال المعطيات، ثم يتلقى النتيجة جاهزة؛ فقد علمتنا التجربة أنه كلما حل موعد الزكاة المتبع في العرف المجتمعي وهو ذكرى عاشوراء، تنهال أسئلة المزكين عادة حول كيفية حساب مقدار الزكاة، ففكرنا في إعداد تطبيق عصري يتيح خدمة حساب الزكاة بطريقة ذكية؛ تماما مثل سمة العصر الذي نعيش فيه. كما نشير إلى خدمة عصرية جديدة يسعى الوزير محمد عيسى إلى استحداثها قريبا، وتتعلق برقمنة مؤسسة الزكاة والارتقاء بها إلى النظام الإلكتروني عن طريق بطاقة الدفع الإلكتروني لدى مصالح البريد، وستكون اتفاقية إطار بين وزارتي الشؤون الدينية والأوقاف والبريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال والرقمنة قريبا، حيث نريد الوصول إلى سقف معيّن من الخدمات العصرية، وهو تمكين المستفيد من صندوق الزكاة من أن يتقاضى أموال الزكاة باستعمال بطاقة إلكترونية لاستخراج المبلغ، شأنه في ذلك شأن أي موظف يقصد مصالح البريد لاستخراج أجرته، وهذا أقصى درجات الحفاظ على الكرامة الإنسانية. وماذا عن البطاقة الإلكترونية؟ من أين يتم استخراجها؟ ولمن توجه تحديدا؟ ❊❊طبعا كما سبق وأشرت إليه، فإن دائرة المشورة هنا متواصلة للوصول إلى "مأسسة" الزكاة بطريقة أدق وأشمل، ولكن المرجح هنا أن تعطى البطاقات الإلكترونية للمستفيد من صندوق الزكاة على المستوى الولائي؛ أي بمديريات الشؤون الدينية والأوقاف، فلما ذكرنا أن أول محور في عصرنة الصندوق يمر عبر بوابة إلكترونية تجمع قاعدة بيانات حول الفقراء المستفيدين من الصندوق، فإن الخطوة التي تلي هي إعداد بطاقة إلكترونية تعطى لهم مستقبلا للاستفادة من مال الصندوق عبر نظام الدفع الإلكتروني. كما يوجد خدمة عصرية جديدة تتمثل في خدمة الرسائل النصية القصيرة عبر متعاملي الهاتف النقال الثلاثة بالوطن، حيث سنعمل على إرسال (sms) إلى هواتف كل مشترك حول مؤسسة الزكاة وجديدها في كل مرة، وقد تقدمنا بطلب إلى وزارة البريد في هذا الشأن، وحظينا بالموافقة حول نظام الدفع الإلكتروني، وكذلك موافقة متعاملي الهاتف النقال حول خدمات الرسائل النصية القصيرة، وسيتم طرحها في المستقبل القريب دائما للارتقاء بمؤسسة الزكاة. وماذا عن فضاء التواصل الاجتماعي؟ هل هو مبرمج ضمن خطوات العصرنة لا سيما أن قرابة 21 مليون جزائري يستعمل هذه المنصات؟ ❊❊طبعا.. فمسعى "مأسسة "الزكاة كمشروع قار وعصري يستند إلى كل ما هو عصري، ومنصات التواصل الاجتماعي فرع ضمنه، حيث بادرت اللجنة الوطنية لصندوق الزكاة مؤخرا، بإنشاء صفحة عبر الفضاء الأزرق خاصة بصندوق الزكاة الجزائري يتابعها الملايين، بالإضافة إلى إنشاء حساب على كل من تويتر وأنستغرام بروابط، ونفس الأمر بالنسبة للجان الولائية، حيث إن كل مديرية لديها صفحة خاصة تمكنها من متابعة أي جديد قد يطرأ على هذه الساحة، كما يمكن للمواطنين التفاعل معها، وتقديم آرائهم، ونحن نرحب بالجميع. كما أشير إلى أن الوزارة بصدد إنجاز ومضة إشهارية صوتية، مرئية ومكتوبة، موجهة لمختلف وسائل الإعلام الوطني حول "لوغو" صندوق الزكاة والشعار المرفوع والرسائل المضمّنة، ستكون رسائل متغيرة تتناول الصندوق من عدة زوايا ونواح لتعميم الفائدة. كما سيتم خلال الأيام القليلة القادمة، إصدار كتيّب عن اللجنة الوطنية لصندوق الزكاة، هو في الحقيقة عبارة عن دليل الإمام في صندوق الزكاة، يكرس هذا الكتيب ثقافة "مأسسة" الزكاة؛ أي أنه يساعد الإمام في جهوده الرامية إلى وضع الإطار المؤسسي للزكاة.. هذه مجملا مساعي وزارة الشؤون الدينية والأوقاف لمأسسة الزكاة؛ بحيث تسعى لجعلها تسيّر نفسها بنفسها. هل تتوقعون تفاعلا إيجابيا من المواطنين مع هذا المشروع الطموح؟ ❊❊بالطبع، هناك مثل يقول: "من كانت بدايته محرقة فإن نهايته مشرقة"، ولنا في تجربة صندوق الزكاة في بدايته المثل الواقعي، حيث إن البداية كانت محتشمة إلى أن ترسخ لدى العامة، فأصبح السنة تلو الأخرى يحصّل مبالغ مالية مهمة جدا، بفضلها نسمح للمعوزين بأن يحصلوا على حقهم من باقي أفراد المجتمع الميسورين والأغنياء. وأشير هنا إلى أن أزيد من 3 ملايين أسرة تستفيد من صندوق الزكاة؛ ما يدعو إلى تحسين الخدمة أكثر فأكثر. كما أريد أن أوضح أن بدايات الزكاة؛ أي في وقت الرسول عليه الصلاة والسلام، كانت عبادة فردية، ولكن لما كثر الخلق وزاد الأغنياء بيّن القرآن حق الفقير على الغني في قوله تعالى: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها"، وكان الصحابة يكتبون الزكاة جمعا وصرفا إلى أن تم التأسيس لذلك في عهد الخليفة عمر بن خطاب، الذي استفاد من خبرة الفرس في هيكلة ديوان الزكاة؛ مما يجعلنا لا نجد نحن أيضا حرجا أو مانعا من الاستفادة من تجارب دول أخرى في هيكلة صندوق الزكاة؛ كون "المأسسة" في هذا العصر مشتركا إنسانيا. كما أن على مستوى التاريخ كلما ظهر الإطار المؤسس للزكاة إلا وقويت الزكاة، ويتم التحكم فيها أحسن جمعا وتوزيعا حتى تبلغ مقاصدها بطريقة أحسن. ويكفي الإشارة إلى التجربة التي تؤكد أن الجزائري الذي وضع ثقته في صندوق الزكاة الذي يعمل بشفافية ويطلب ثقة المزكي، سيضع ثقته أيضا في الآليات الجديدة التي تعمل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف على وضعها في هذا الإطار لتواكب العصر الحديث. ولكن أستاذ، ألا تتوقعون تخوفا من الجزائريين من التعامل بهذا النظام الجديد؟ ❊❊لذلك أكدنا على أهمية التحسيس الواسع كأول محور بادرت الوزارة بوضعه. ودعيني أؤكد هنا على تجربة الصندوق في بدايته، وكيف تطور وتمكن اليوم من تحصيل مبلغ كبير يقارب من 146 مليار سنتيم، لذلك فإننا نقول إننا غير متخوفين تماما، بل متأكدين من التفاعل الإيجابي للمواطنين مع هذه الخطوات. هل من كلمة نختم بها حوارنا هذا أستاذ؟ ❊❊أود تقديم خالص عبارات الشكر والامتنان إلى كل المزكين ممن يساهمون في صندوق الزكاة للمشاركة في استمرار أواصر التضامن والتآخي بين الجزائريين، وإلى الأئمة والمرشدات الدينيات والأعوان وكل اللجان والمتعاونين من المجتمع المدني أصالة عن الوزير محمد عيسى، على الجهود المبذولة، الرامية إلى تفعيل شعيرة الزكاة وخدمة صندوق الزكاة. وندعوهم إلى الاستمرار في هذا العمل النبيل الذي يشكل صمّام الأمان في المجتمع، سواء في إسهامهم في تنشيط الحملة التحسيسية حول الهيكلة الجديدة لصندوق لزكاة، أو تسييره على المستوى المحلي. كما لا يفوتني أن أشكر الأسرة الإعلامية الجزائرية على تعاونها مع المؤسسة الدينية في خدمة الدين والوطن. وأؤكد هنا أن تجربة صندوق الزكاة لأزيد من 15 سنة، جعلتنا نطّلع على المعدن الطيب للإعلاميين والصحفيين. كما أشكر يومية "المساء" على التفاتتها والسماح لنا بتقديم الشرح اللازم عن مساعي وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الرامية إلى "مأسسة "الزكاة.