تحدثنا السيدة سهيلة بوبكر، في هذه الدردشة الشيّقة عن سر هوسها بتربية طيور الزينة، هذا العالم الذي طالما كان حكرا على الرجال واقتصر فيه دور النساء على مجرد الاستمتاع بزقزقة هذه الكائنات الجميلة أو النظر إليها. التقتها "المساء" مؤخرا على هامش مشاركتها بالمعرض الوطني للطيور الذي نظم بالعاصمة، حيث حازت فيه على الجائزة الأولى في تصنيف ألوان الطيور من نوع الكناري، وعن تعلّقها بهذا العالم الواسع كان هذا اللقاء. تقول المربية سهيلة في بداية وحديثها مع "المساء" إنّ سرّ حبها لطيور الزينة ليس حديثا وإنّما كبر معها، حيث تذكر أنّه في طفولتها كان والدها واحدا من محبي تربية العصافير، وكان يملك مجموعة مميزة من الطيور، ورغم أنّه لم يتخصّص فيها إلا ّأنّ ولع الاهتمام بهذه العصافير والاستمتاع بزقزقتها جعله يحرص على ضرورة تواجدها في المنزل، تقول "أذكر حين كان عمري لا يتجاوز 13 سنة، حدّقت لوقت طويل في عصفور من نوع كناري كان موجودا في قفص بالمنزل، ولفت انتباهي أنّ رجليه متسختين، فما كان مني إلا أن أخرجته من قفصه وحاولت تنظيف رجليه، وخوفا من احتمال هروبه ضغطت عليه فمات دون أن أشعر بذلك". البداية..مأساة هذه الحادثة المؤلمة، حسبها، تركت أثرا كبيرا في نفسيتها، وسرعان ما تحوّل الى اهتمام كبير بهذه الكائنات الجميلة، وشيئا فشيئا انتقلت من مجرد محبة لهذه الطيور إلى مربية تحرص على اقتناء كل أنواع العصافير المتوفرة، وتجتهد لتلبية كل احتياجاتها من مأكل ومشرب ونظافة خاصة، تبتسم قائلة "ولا أخفيكم في بعض الأحيان أشعر أنّني أبالغ في الاهتمام بها، حيث أعطيها الأولوية على حساب أولادي، ومنطقي في ذلك أنّها عاجزة عن الكلام، وبالتالي لا ينبغي أن ينقصها شيء" وتضيف "أعتقد أنّ درجة اهتمامي الكبير بها جعلني انتبه الى حاجتها للماء أو الغذاء إن كان غير متوفر لديها، حيث تقوم مثلا بالتصفير والقرع على آنية الماء إن نفذ منها ". من المحطات الجميلة التي ارتأت أن تقاسمنا إياها محدثتنا، وتعكس هوسها بتربية الطيور الذي سرعان ما انتشر بين الأقارب والأهل الذين أحبوا فيها هذه الميزة، أنّ الذي تقدّم للزواج منها أهداها عصافير تقول "وهي من أهم وأحب الهدايا على قلبي". مجموعة ب50 طائر زينة وعن طريقة العناية بهذه الكائنات الحية، أشارت محدثتنا إلى أنّ تربية الطيور تعدّ من الأعمال المتعبة لأنّها تتطلب وقتا كبيرا وحرصا أكبر خاصة إن كانت أعدادها كبيرة لأنّها حساسة وتحب النظافة وأي إخلال في نظامها الغذائي أو طريقة العناية بها، يعرّضها، حسبها، للمرض ومن ثمة الموت مشيرة في السياق إلى أنّها تملك في رصيدها أكثر من خمسين طائر زينة ومن بين الأصناف التي تملكها تذكر الحسّون، البلبل العراقي، الكناري الملون، الموزاييك، الأسود والأصفر، موضحة أنّها تقتنيها من الباعة الذين يستثمرون في هذا المجال، وبالمناسبة تقول "حبذا لو تمنح لنا كمربين معتمدين بالجمعية تراخيص لاقتناء العصافير من الدول المجاورة حتى نتمكّن من إنتاج سلالات نقية على غرار الحسون الذي أكّدت لجنة التحكيم التي أشرفت على المسابقة مؤخرا، أننا نملك أحسن أنواعه خاصة من حيث الألوان توضح وتشير إلى انّه ينتظر أن يتم لتميّزه عن غيره المتواجد بالدول المجاورة افراده باسم "الحسون الجزائري". وعن العصفور الذي تتطلع الى تربيته ولا يوجد في مجموعتها، أشارت إلى طائر الببغاء الذي أثار انتباهها بالنظر الى ما يتميّز به من خصائص وترغب في إدراجه ضمن مجموعتها، غير أنّ غلاءه جعلها تتمهل على الأقل حتى يتسنى لها بناء استراتيجية لتتحول من مجرد هاوية للاستثمار على غرار مايحدث في كل من المغرب وتونس اللتين قطعتا أشواطا كبيرة في مجال تربية طيور الزينة. من هاوية إلى منافسة للرجال هوس تربية طيور الزينة دفع بسهيلة الى البحث في شبكة الانترنت عن كلّ ما يمكنه أن يدعم هوايتها ويساعدها في معرفة الجديد عن هذه الطيور سواء ما تعلق بتربيتها أو بكيفية الاستثمار فيها، وقد قادها بحثها إلى التعرف على الجمعية والانخراط فيها، هذا الانخراط الذي لم يكن سهلا بعد أن وجدت معارضة من زوجها الذي تقول إنّه ردّ عليها بعبارة واحدة "تربية الطيور عالم من اختصاص الرجال واهتمامها لا ينبغي أن يخرج عن إطار الهواية" غير أنّه حسبها سرعان ما تراجع عن رأيه بعد إصرارها وتمسّكها بأنّ الاحتراف في هذا المجال لم يعد مجرد هواية وإنّما هوس". من بين الأسباب التي دفعت بمحدثتنا للانخراط بالجمعية ورفع درجة الاهتمام بهذه الطيور أيضاه و انتقالها إلى مرحلة إنتاج العصافير، هذا العمل الذي يتطلب وضع أسوار في رجل العصفور يحمل بعض الأرقام التي تكون بمثابة بطاقة هويته والتي تعرّف بصاحبه وتقول "حتى تكون عصافيري معروفة ويكون نشاطي مضبوطا انخرطت في الجمعية التي كان من أحد نتائج عضويتي فيها أن مكّنت محبي العصافير من الاطلاع على مجموعتي، وشاركت في المسابقة الوطنية التي توّجت فيها بالجائزة الأولى في المجموعة التي تنافست معي، حيث حاز طائري من صنف الكناري ذو الأجنحة الرمادية و كناري أصفر وأسود اللون على المرتبة الأولى". تغيير العقلية السائدة ترفض محدثتنا القول إنّ تربية طيور الزينة حكر على الرجال، لأنّ تجربتها الميدانية في المجال جعلتها تتعرّف على عدد من النساء اللواتي يعشقن هذه الهواية، غير أنّهن يفضّلن دائما العمل في الخفاء، الأمر الذي جعل من هواية تربية طيور الزينة تعطي الانطباع دائما بأنّها مهنة رجالية وتؤكد "وإن كنت أعتقد أنّه عالم لم يحتكره الرجال وإنمّا النساء هن اللواتي سمحن للهم بالظهور في الفضاء العام". من الأحداث التي وقعت مع المربية سهيلة واعتبرتها بمثابة الدليل على أن تربية طيور الزينة ليست حكرا على الرجال وأن بعض المربين هم السبب في اختفاء بعض الممارسات لهذه الهواية وتفضيلهن البقاء بعيدا عن الأضواء، ما حدث معها بعد أن تم تكريمها بالجمعية كونها من المربين الذين نجحوا في إنتاج الحسون في القفص، ونشر على موقع صفحة الجمعية بالفضاء الأزرق، فكان من ردود الأفعال أنّ رجلا علق بالقول "مكانك في الكوزينة " تكشف "الأمر الذي جعلني أرفع التحدي وأشارك في المسابقة وتمكّنت من صنع بطلين حازا على المرتبة الأولى، وبالمناسبة تعلق "أنصح الراغبات من عشاق هذه الهواية أن يثبت وجودهن لأنّ ما يصنع الفرق في تربية طيور الزينة هو حب هذه الهواية لا غير".