استحضر المجلس الإسلامي الأعلى أوّل أمس، ذكرى المجاهد الراحل محمد حامد روابحية، وذلك بحضور أفراد من عائلته وكذا رفقاء دربه الذين عرفوه كمناضل سياسي ومجاهد في صفوف جبهة التحرير الوطني خلال الثورة التحريرية المجيدة. في البداية، أشار رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أبوعمران الشيخ أنّ تكريم المجاهد الراحل يندرج ضمن برنامج التكريمات الذي يسعى المجلس إلي تنظيمها تخليدا للشخصيات البارزة التي ساهمت في إعلاء راية الأمة. ليرفع نجل المجاهد الراحل فوزي روابحية أسمى معاني الاحترام والتقدير بتكريم والده الراحل قبل عامين، مذكّرا الحضور بالمشوار السياسي والنضالي التربوي لوالده، منذ تخرّجه من جامع الزيتونة بتونس في 1944، وتكريس حياته للعمل السياسي ليرسل في مهمة سرية إلى تونس عام 1956 ثم إلى القاهرة في 1957، وبعدها إلى العراق في 1958 حيث استطاع جمع سبعة ملايير فرنك فرنسي لصالح الثورة المسلحة. وفي أواخر 1961 أرسل إلى المغرب وبعد شهرين لم تتضح معالم الوظيفة التي وجّه إليها، ليكتب إلى وزير الخارجية سعد دحلب آنذاك رسالة يطالبه فيها بإعفائه من الحصول على أجر دون وظيفة ويستسمحه بالاتجاه إلى التعليم لكسب رزقه وهو ما كان فعلا، حيث اتّجه روابحية -حسب نجله- للتعليم، وبعد الاستقلال إلى الجزائر ليواصل اشتغاله بالتعليم حتى تقاعده في 1986. من جهته، توقّف الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني عبد الحميد مهري عند ذكرياته مع المجاهد المحتفى بذكراه، مشيرا أنّ روابحية يعدّ واحدا من المناضلين والجنود المجهولين للحركة الوطنية، تميّز بالبساطة والصبر ونكران الذات وبصيرة سياسية ثاقبة وفهم وتتبع للأحداث، "عرفت روابحية -يقول مهري- وهو يلازم الأخ لمين دباغين ويرافقه في العديد من رحلاته داخل الجزائر وخارجها من أجل حزب الدستور ثم من أجل تجهيز المنظمة الخاصة بالأسلحة"، مضيفا أنّ تلك الرحلات التي قام بها روابحية إلى جانب دباغين وكذا عبد الله فيلالي هي التي ساهمت في فتح مكتب المغرب العربي بالقاهرة في وقت لاحق. مهري أشار أيضا أنّ المجاهد الراحل كان ممن خدموا القضية الجزائرية عن طريق الصحافة من خلال كتاباته المتعددة في جريدة "المغرب العربي" و"صوت الأحرار" و"الأمة" و"صوت العرب من القاهرة"، كما يعدّ المجاهد -حسب المتحدث- إلى جانب العديد من المناضلين أمثال الشاذلي المكي، محمد محفوظ، محمد مرازقة، بلقاسم بيضاوي ...وغيرهم، من الجيل الذي تشرّب بالإصلاح الديني من جهة والسياسي من جهة أخرى بنشاطه في حزب الشعب الجزائري ليشكّل القاعدة الصلبة للثورة التحريرية، ويساهم بشكل فعّال في مدّ الجسور بين مختلف الجبهات والأطراف خلال الثورة المسلحة، ليطالب في سياق متّصل بضرورة الاهتمام بمثل هؤلاء الأخيار وخصّهم بدراسات مستقلة. أمّا المؤرخ محمد عباس الذي سعى إلى تسجيل شهادات الراحل في 1986 -أي بعد تقاعده- ونشرها في جريدة "الشعب" سنة1987 ثم أدرجها في كتابه "روّاد الوطنية"، فقد استعرض بدوره بعض المحطات البارزة من حياة المجاهد لاسيما علاقته المتميّزة مع رفيق دربه الدكتور الأمين دباغين، ورحلاته المختلفة لكلّ من تونس، القاهرة، الكويت، المغرب والعراق ..بحثا عن دعم للثورة بالسلاح والمال والاعتراف بالحكومة الجزائرية المؤقتة. ليذكّر السيد جدواني بمقاطع من نص الكلمة التي ألقاها روابحية على أسماع العرب بالكويت التي زارها على رأس الوفد الجزائري الذي ذهب في منتصف 1958 لتحصيل أموال التبرعات التي جمعت لصالح الثورة الجزائرية.