نظم أول أمس المجلس الإسلامي الأعلى ملتقى لرجل الظل في الحركة الوطنية المرحوم حامد روابحية الذي كان من بين رواد الحركة الوطنية الذي يظل مجهولا لدى العديد من المؤرخين والجيل الصاعد بالنظر لتفضيل عمله في الظل والخفاء، وأجمعت الشخصيات التي رافقت المرحوم على خصاله الحميدة وتفانيه في خدمة الجزائر قبل أو أثناء الثورة التحريرية وحتى في مرحلة الاستقلال أين واصل نضاله في قطاع التربية الى غاية فترة تقاعده في منتصف الثمانينات . أكد السيد محمد عباس المؤرخ الجزائري أن المرحوم حامد روابحية الذي غادرنا في 2006 منبر من منابر الحركة الوطنية، وأضاف المتحدث أنه سجل شهادة نادرة للمجاهد الراحل في 1986 تاريخ تقاعده من سلك التربية والتي نشرها في جريدة الشعب في يناير 1987 وأعاد نشرها في كتابه رواد الوطنية الذي صدر في .1992 وعاد السيد محمد عباس في سرده للسيرة الذاتية للمرحوم حامد روابحية أنه تعرف عليه غداة الاستقلال في عنابة بواسطة الأستاذ الطاهر حراث بين 1963و1964 ، وأشار نفس المصدر أن المرحوم كان رفيقا للمناضل المعروف في الحركة الوطنية مسعود بوقادوم المدعو الحواس. ومن المحطات التاريخية التي عاشها الراحل روابحية حامد المولود في 1918 الحرب العالمية الثانية التي صادفت تواجده في تونس أثناء دراسته في جامع الزيتونة الذي تخرج منه أستاذه الشيخ العربي التبسي، وحاول المرحوم الاتصال بقادة الجيوش الألمانية لبحث سبل التنسيق معهم لإنصاف الجزائر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتخليصها من الاستعمار الفرنسي. وبعد حصوله على أصداء ايجابية من الألمان لعب دورا كبيرا في توزيع مناشير بخنشلة وسوق أهراس وتبسة في 8 مايو 1945 لتحريض الجزائريين على التظاهر وقاد بنفسه المسيرة بتبسة رفقة مجموعة من الشباب المناضل غير أن تدخل سلطات الاستعمار حال دون تمكينهم من مواصلة الاحتجاجات تم اعتقال العديد من المناضلين التابعين لأحباب البيان والحرية مع القبض على حامل الراية الوطنية التي رفعت في المسيرة. وبالموازاة مع ذلك حضر المرحوم حامد روابحية أثناء تواجده بتونس جلسات التنسيق بين الجزائروتونس والمغرب لمكافحة الاستعمار ودراسة سبل بناء مغرب عربي، وكان المجاهد الشاذلي مكي وراء الاتصال بالراحل روابحية حامد لحضور الجلسات التنسيقية، وكان كذلك وراء إدخال الوثيقة النهائية لجلسات التنسيق للجزائر. ولعب رجل الظل في الحركة الوطنية في سنوات 1948 دورا كبيرا في تونس ومصر بجمع السلاح للمنظمة الخاصة التي كانت الجناح العسكري لحركة انتصار الحريات الديمقراطية التي ترأسها محمد بلوزداد والتي ضمت حوالي 3000 عنصر الذين كتب له فيما بعد تفجير الكفاح المسلح. واتصل المرحوم في مصر بوزير الخارجية المصري آنذاك عزام باشا والذي كان الأمين العام لجامعة الدولة العربية واتفق معه على مساعدة الجزائريين في جمع السلاح وطلب من المرحوم حامد روابحية أن تختار ليبيا كمكان لتفريغ الأسلحة وإدخالها للجزائر. وتطرق المؤرخ محمد عباس الى قضية اكتشاف سر المنظمة الخاصة التي تسبب فيها عبد القادر خياري عن غير قصد حيث نشر احتجاج في جريدة ''لاديباش دو كونستونتين '' احتج فيها على إبعاد الأمين دباغين الذي كان رائدا من رواد الحركة الوطنية، وأعلن استقالته فيما بعد ما جعل قوات الاستعمار تتحرك وتلقي بالقبض على العديد من عناصر المنظمة الخاصة،وذكر ذات المؤرخ هذه الحادثة بالنظر للعلاقة المتينة التي كانت تربط الأمين الدباغين مع المرحوم حامد روابحية، ومما ذكره المتحدث هو النقاش الدائم حول العمل المسلح في الجزائر بين الطرفين، وهي شهادات تعكس موقف جمعية العلماء المسلمين من العمل المسلح والذي حاولت بعض الأطراف فيما سبق إلصاق شبهة رفض العمل المسلح بجمعية العلماء المسلمين . وبعد معركة جبل الجرف التي حدثت في سبتمبر 1955 بتبسة بين المجاهدين والجيش الاستعماري اتصل الشهيد بشير شحاني بالمرحوم المجاهد حامد روابحية وكلفه بجلب آلة راقنة بالعربية وبعدها وبعد أن اطلع عبان رمضان على كفاءة المرحوم حامد روابحية كلفه بمهمة في تونس ،وفي منتصف سبتمبر 1956 عمل المجاهد روابحية بإذاعة صوت العرب بالقاهرة ليواصل ترحاله فيما بعد في سبيل البحث عن الدعم للقضية الوطنية، وتنقل بين السعودية والكويت لجمع التبرعات وأموال التضامن مع الثورة التي كانت تتسع وتقوى أكثر فأكثر، ولقيت الثورة في هذين البلدين تعاطفا وتضامنا كبيرا بفضل دبلوماسية المرحوم والتي لم تقل أهمية عن دوره في العراق وما أدراك ما العراق المعروف بتنوع وتشعب تياراته السياسية وحنكة وقوة نظر قادته والتي تأقلم معها المرحوم وتمكن من كسب ود جميع التيارات السياسية في العراق . ومهدت تلك الاتصالات مع مختلف التيارات العراقية من كسب الاعتراف بالحكومة المؤقتة الجزائرية التي أنشات بقيادة فرحات عباس في نهاية ,1958 وفي 1961 انتقل المرحوم للعمل بالمغرب، وبعد الاستقلال عاد لمزاولة نشاطه كمفتش في قطاع التربية إلى غاية 1986 تاريخ تقاعده. مهري يعتبره من الجنود المجهولين للحركة الوطنية. اعتبر السيد عبد الحميد مهري المرحوم حامد روابحية من الجنود المجهولين للحركة الوطنية، وقال المتحدث في الشهادة التي قدمها أن المجاهد كان يتمتع ببساطة ورباطة جأش وصبر ونكران للذات وبصيرة سياسية وفهم للأحداث، وكشف السيد مهري أنه تعرف على المرحوم مع الأمين دباغين الذي كان رفيقه في عدد كبير من الرحالات بين الجزائروتونس ، وأوضح أنه يعلم بأن ذات الشخصية قد قامت بجمع السلاح للمنظمة الخاصة الجناح المسلح لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، كما كان له دور كبير في انشاء المكتب العربي في القاهرة. ومن الجوانب التي تطرق إليها نفس المتحدث الحياة الصحافية للمرحوم حيث كانت له عدة كتابات في جريدة ''المغرب العربي '' التي كانت تابعة لحزب الشعب وكان يشرف عليها سعيد زاهري حيث عمل رفقة محمد العربي دماغ العتروس، وعاشر المجاهد الراحل محمد عابد جلابي، وعبد القادر الياجوري ،ومحمد محفوظي، ومحمد مرازقة، وبلقاسم البيضاوي. وأشار السيد مهري الى دور الرجل في الإصلاح الديني والسياسي حيث كان من بين واضعي لبنات انشاء حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي ظهرت في 1946 وترأسها مصالي الحاج ،كما شارك بقوة في انشاء الاتحاد الذي قاد الثورة التحريرية ،ولم يبخل بأي جهد في سبيل التقريب والتوحيد بين مختلف التيارات الوطنية لأنه كان يملك علاقات طيبة مع جميع التيارات وبفضل مرونته في الاتصال كسب المرحوم حسب شهادة السيد مهري تقديرا كبيرا من قبل جميع الشخصيات التاريخية. الشيخ شيبان يعترف للمرحوم بالجدية والتواضع والتفاني في خدمة الوطن اعترف السيد عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين في كلمة أرسلها لملتقى تخليد المرحوم حامد روابحية الذي عرفه في الأربعينيات بجامع الزيتونة ونقل بأن الراحل كان معروفا بالوطنية ومناضلا سياسيا وبالإضافة الى ذلك كان جديا في القول والعمل والتواضع مع تفانيه في خدمة الثورة والحركة الوطنية. ومن المواقف التي ذكرها الشيخ واقعة حدثت بمكتب جمعية العلماء المسلمين بالعاصمة وكان حاضرا فيها الشيخ شيبان والمرحوم والشيخ العربي التبسي والمرحوم أحمد حماني ويحيى ضيف المدعو فضلي وكان القيم على المكتب، وأثناء حديثنا عن الثورة لاحظ المرحوم حامد روابحية صمت فضلي القيم على المكتب فسأله عن سبب صمته وعدم مشاركتهم الحديث فقال القيم على المكتب لا نستطيع التكلم عن الثورة وأمثالك يتحدثون وتنبأ القيم بمستقبل دبلوماسي كبير للمرحوم وكان له ذلك وهذه شهادة تبرز مكانة المرحوم حامد روابحية التي شهد له فيها رئيس جمعية العلماء المسلمين فضيلة الشيخ المرحوم محمد البشير الإبراهيمي الذي وصف الرجل بالمرن في عملية الاتصال. ونقل الشيخ شيبان حفظه الله تنسيقه مع المرحوم حامد روابحية بعد الاستقلال في مجال التربية الوطنية والشؤون الدينية وأثنى على دوره في نشر اللغة العربية وتعزيز مكانة المعلم والتعليم. الأستاذ جدواني يروي حماسة المرحوم في التعريف بالثورة بالكويت نقل الأستاذ جدواني عضو بجمعية العلماء المسلمين مقاطع من محاضرة ألقاها الشيخ حامد روابحية أمام مثقفي الكويت في 1958 والتي تضمنت تعريفا شاملا بالثورة وبأسلوب جذاب جعل المرحوم الحاضرين يتفاعلون مع الثورة وهذا بعد أن وصل إليها في سفرية مع أعمر أوعمران وسي موسى محمد بعد المرور على القاهرة وعمان وبغداد والبصرة قبل أن يحتضنهم أمير الكويت آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح لمدة 10 أيام بأحد قصوره ووجدوا منه كل الرعاية والمساندة والتأييد وألح شيخ الكويت آنذاك على معرفة كل كبيرة وصغيرة عن الثورة والثوار والتي تأثر كثيرا بها. وتحدث المرحوم حامد روابحية في محاضرته التي كانت مؤثرة أمام مثقفي الكويت عن مأساة الشعب الجزائري وقوة الثورة التي أجبرت فرنسا على مد يد العون من الحلف الأطلسي ومن المقاطع التي أثرت في الحضور انتقاد الحضور لتماطل بعض الدول العربية في دعم الثورة ،وحذرهم من أن فشل الثورة الجزائرية سيكون نكبة لا تقل عن نكبة فلسطين . وقال المجاهد المعروف العربي دماغ العتروس أنه عرف المرحوم في 1946 أين كان رفيقا حميما للأمين دباغين، وذكر بأن المرحوم كتب في جريدة ''الأمة '' رفقة مسعود بوقادوم ،وكانت الجريدة ناطقا رسميا باسم نجم شمال إفريقيا وعرفوا بكتاباتهم الوطنية التي افتخر بها الجميع، وأضاف المتحدث الذي أثقلته السنين أن الراحل كان أديبا ومناضلا وصحفيا وكان زميلا لعبد الحكيم بن الشيخ الحسين، وسيد علي بن عبد الحميد وعبد الله فيلالي الذين ساهموا في الكتابة في صحيفة ''صوت الأحرار '' السرية التي صدر منها 3 أعداد ،ومن المهمات التي أسندت للمرحوم كتابة الرسائل وكان يتولى أيضا الاتصال بين الوطنيين في المشرق والمغرب واستلهم المرحوم من كتابات الكاتب اللبناني الكبير شكيب أرسلان الذي أرثاه بمقالة في جريدة ''العلم '' المغربية نالت إعجاب المغاربة الذين تعجبوا من إخفاء الكاتب لاسمه حيث كتبها المرحوم باسم مستعار ''توفيق '' ومن المصلحين الذين تأثر بهم المرحوم جمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده كما كان متفتحا على العالم من خلال اطلاعه على كتابات ''فيكتور هيغو '' خاصة كتابه البؤساء. ومن الشهادات التي ألقيت في الملتقى شهادة محمد شريف الخروبي الذي كان وزيرا سابقا للتربية و الذي كان طالبا في العراق وتحدث عن خلافة المرحوم حامد روابحية لأحمد بودة على رأس البعثة الجزائرية في العراق ونقل أنه كان وراء ضمان منح دراسية للطلبة الجزائريين المدنيين والعسكريين وبعد اتصاله بالرئيس العراقي عبد الكريم قاسم أمر هذا الأخير بمنح مساعدات إضافية للطلبة الجزائريين من خلال تخصيص منح للألبسة والكتب وهو ما انفرد به الطلبة الجزائريون دون الطلبة العرب الآخرين. كما ذكر المتحدث أن المرحوم كانت له علاقات طيبة مع مناضلي منطقة القبائل على غرار الشيخ حنافي والشيخ فرنان، وكانت هذه العلاقات سببا في الحفاظ على وحدة الحركة الوطنية وحمايتها من الشقاق خاصة حزب الشعب الجزائري . وختم الشيخ بوعمران رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشهادات بالإشارة الى دور المرحوم حامد روابحية في تنشيط العمل النقابي وتكوين الأساتذة في هذا الجانب والذي كان له الدور الكبير في نشر الوعي وأهمية اللغة في قطاع التربية بعد عودته للنشاط في القطاع بعد الاستقلال كمفتش للغة العربية التي ساهم في نشرها وتعزيزها ------------------------------------------------------------------------