أكد وزير العدل، حافظ الأختام، الطيب لوح، أن الجزائر تعد من البلدان القليلة في العالم التي تعمد على مبدأ عدم التقادم بالنسبة للجرائم الخاصة بتهريب الأموال نحو الخارج، مشيرا من جانب آخر إلى أن مشروع القانون الخاص بالوقاية من الفساد ومكافحته، جاء لتلبية دعوة رئيس الجمهورية الخاصة بتكوين "جبهة شعبية صلبة لمكافحة الآفات الاجتماعية وفي مقدمتها الفساد" وذلك بالتعاون بين الحكومة والمجتمع المدني، مع تكريس الالتزامات الدولية للجزائر في هذا المجال. وقدم الوزير خلال عرضه لمشروع القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني، السياق العام الذي يندرج في إطاره هذا النص الجديد ومنها العمل على الرفع من مستوى فعالية الجهات المكلفة بمكافحة الفساد وتعزيز مساهمة المواطنين والمجتمع المدني، في أخلقة الحياة العامة وتعميم النزاهة والشفافية وتكريس روح المسؤولية في تسيير الأموال العمومية، فضلا عن تكييف التشريع الوطني مع التوصيات المنبثقة على الاستعراض الدولي الأول الذي خضعت له الجزائر. وعرض الوزير في سياق متصل المسار الدولي المتصل بمكافحة الفساد الذي انخرطت فيه الجزائر، وخص بالذكر مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2003 بميريدا المكسيكية على الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، والتي تعد حسبه الآلية القانونية الوحيدة ذات البعد العالمي ضد جرائم الفساد، وكانت متبوعة بمصادقة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية سنة 2006 على آلية استعراض من أجل تسهيل التطبيق الفعلي للاتفاقية، مع تحديد الإطار المرجعي لها في سنة 2009، والذي يعتبر أداة تقييم تجمع بين الاستعراض الذاتي والاستعراض من طرف النظراء، حيث يتم استعراض كل دولة طرف في الاتفاقية من طرف دولتين يتم تعيينهما عن طريق القرعة. وتتم عملية الاستعراض الدولي، وفقما ذكره السيد لوح، على مرحلتين تدوم كل منهما 5 سنوات، حيث تخصص كل مرحلة لاستعراض فصلين من الاتفاقية، مضيفا بأن المرحلة الأولى من هذا الاستعراض الذي خص الجزائر، امتدت من 2010 إلى 2014، وخصصت لمعاينة الفصل الثالث من الاتفاقية الدولية، المتعلق بالتجريم والفصل الرابع المتعلق بالتعاون الدولي، فيما بدأت المرحلة الثانية سنة 2015، وخصصت لاستعراض الفصل الثاني المتعلق بالوقاية والفصل الخامس المتعلق باسترداد الموجودات. في هذا الإطار، أكد السيد لوح أن الجزائر تعتبر من الدول الأولى التي صادقت على هذه الاتفاقية سنة 2004، وكيفت تشريعها الداخلي مع إحكام هذه الاتفاقية من خلال إصدار القانون الخاص بالوقاية من الفساد ومكافحته، الذي يتبنى المبادئ الدولية التي تنص عليها الاتفاقية، "ومكن تطبيقه من التصدي للعديد من أفعال الفساد ومعاقبة مرتكبيها". كما أشار وزير العدل إلى أن الجزائر قامت بعد تقييمها في إطار المرحلة الأولى من الاستعراض، بعرض التقرير النهائي للاستعراض على الحكومة التي وافقت على نشره كاملا على موقع مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، حيث تضمن التقرير حسب ممثل الحكومة التأكيد على أن الجرائر تتمتع بتشريع نموذجي في مكافحة الفساد مطابق للاتفاقية الدولية في هذا المجال، مضيفا بأن بعض النقاط من التقرير "كانت محل إعجاب الأطراف الدولية". الجزائر في المرحلة الثانية من الاستعراض الأممي لمكافحة الفساد وكشف السيد لوح في نفس السياق بأن الوزير الأول أحمد أويحيى، كلف الخلية الدائمة لمتابعة تطبيق اتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بمكافحة الفساد والتي يترأسها وزير العدل حافظ الأختام، بمواصلة مهامها خلال المرحلة الثانية من الاستعراض، مع تعيينها نقطة اتصال مع الأمانة العامة للحكومة ومنسقا بين مختلف القطاعات المعنية، مؤكدا في هذا الصدد بأن الجزائر حريصة على احترام الآجال وإتمام عملية الاستعراض، تجسيدا لالتزامها بمقتضيات الاتفاقية الأممية، بخصوص مجال الاسترداد في المواعيد المحددة في المرحلة الثانية. تسيير أنجع لعائدات الفساد وحماية كاملة للمبلغين من جانب آخر، أكد وزير العدل أن تعديل مشروع القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته الذي صدر سنة 2006، جاء استجابة إلى طبيعة الجرائم المالية شديدة التعقيد والمتعددة الأطراف، حيث استحدثت قطبا ماليا يتشكل من وكيل الجمهورية ومساعديه وقضاة تحقيق، يكلف بالتحريات والتحقيقات في الجرائم المالية شديدة التعقيد، ويتولى الحكم في القضايا التي تدخل في اختصاص القطب الجزائي المالي، محكمة سيدي امحمد ومحكمة الجنايات لمجلس قضاء الجزائر. ويوفر النص الجديد الذي يتكيف مع مواد الدستور 202 و203، الحماية التامة للمبلغين عن جرائم الفساد وكذا الشهود، حيث يمكن كل من يتعرض للمضايقات من اللجوء إلى قاضي الاستعجال لوقف الإجراءات التي اتخذت ضده دون الإخلال بحقه في طلب التعويض. ونفس الحماية يتمتع بها الشهود مثلما ينص عليه قانون الإجراءات الجزائية، وأحكام المادة 33 من اتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بمكافحة الفساد، التي تطلب من الدول توحيد التدابير الملائمة لتوفير الحماية من أي معاملة، ضد أي شخص يقوم بإبلاغ السلطات المختصة بوقائع تتعلق بالفساد". وأبرز وزير العدل، حافظ الأختام في سياق متصل أهمية استحداث وكالة وطنية لتسيير عائدات الفساد، التي جاء بها النص الجديد، وكذا الجوانب المتصلة بتعزيز مصداقية الأحكام الجزائية في جانبها المتعلق بتجميد وحجز الأموال الناتجة عن الجريمة، مع تمكين الجزائر من استرجاع الأموال المترتبة عن هذه الجرائم.