عاد عمر فطموش مخرجا مسرحيا لما قدّم عرضا مونودراميا عنوانه "صحّ لارتيست" إنتاج تعاونية "السنجاب" لبرج منايل، أداه بخبرته الكبيرة الممثل أحسن عزازني. ويسلط العمل الضوء على أوضاع الفنان في ظل الأوضاع الاجتماعية والسياسية التي تعرفها البلاد. المسرحية التي قدمت عرضها الشرفي أول أمس على المسرح الوطني "محيي الدين بشطارزي" بالجزائر العاصمة، تغوص في حياة الفنان. وتبدأ بقصة بسيطة جدا، حيث يبحث فنان عن وتر لآلته الموسيقية الكمان، حتى يقدّم حفل عرس، لكنه عبثا يجد محلا مخصصا للآلات الموسيقية، ويكتشف أن تلك المحلات معظمها تحولت إلى مطاعم الأكل السريع ومقاه، الأمر الذي يفجّر غضبا داخليا للفنان، وينتهي به الأمر إلى بيع مجوهرات والدته ويشتري تأشيرة تطير به إلى باريس، وهو ما يعكس الواقع الدرامي للفنان في الجزائر. لما يحلّ الفنان بفرنسا ينال فرصته في تعلّم العزف على الكمان الجهير (كونتر باس)، ويغدو من بين أهم العازفين في أوروبا في فترة وجيزة. في أحد الأيام يتلقّى اتصالا من أحد المسؤولين في البلاد، يدعوه إلى حفل تدشين صرح الأوبرا، وهنا ينتقل الممثل أحسن عزازني إلى شخصيات مختلفة، مؤديا أدواره ببراعة تامة رغم الصعوبة. ونجح المخرج عمر فطموش في مد جرعات من التشويق والفرجة نالت إعجاب الحاضرين. وفي انتقالات الممثل من شخصية إلى أخرى يقترب من العقليات الجزائرية المختلفة. رافق الممثل في أداء مقطوعات موسيقية وغناء عمار شريفي بالنغمات الشعبية، لإعطاء نص آخر من الحنين للمسرحية. وبخصوص إخراج المسرحية راهن فطموش على البساطة، حيث يضع اثنين من القيثارات وكونتر باس ضخم في الوسط. وانتهى العرض بصوت طفولي مفعم بالأمل. وغنى نصًا يحذّر من مصادرة مستقبل الأطفال. وعلى هامش العرض قال المخرج عمر فطموش في تصريح للصحافة، إنه اشتغل على أداء مسرحي حقيقي، لأن هناك أداء للممثل والموسيقي، مشيرا إلى أنه شكل جديد أراد اختباره. وأضاف: "لقد حان الوقت للذهاب إلى آفاق أخرى، لأن هناك ميلاً استثنائياً للفن الموسيقي، واليوم يتم تمازج الفنون". وقال فطموش إن فكرة المونودراما جاءته لما شاهد عرضا مسرحيا في ألمانيا لم تكن في هذا النوع، ولكنها ألهمته لخلق "صح لارتيست" التي تصبو إلى طرح انشغالات الفنان، المتمثلة في توفير مساحات أكبر للتعبير، مشيرا إلى أزمة كبيرة تتعلق بغياب سوق للمسرح أو السينما أو الفن عموما؛ كالمغني الذي ينتج كل حياته ألبومات ولا يحيي حفلة موسيقية؛ فهذا "أمر غير معقول!". واسترسل يقول إنه يجب أن يكون للمطرب عادة 100 سهرة في السنة.