* email * facebook * twitter * linkedin لم تجد السلطات الإيرانية بدا من تغيير طريقة تعاطيها مع التهديدات الأمريكية المتصاعدة ضدها سوى الانتقال إلى السرعة القصوى، وقررت تجميد العمل ببنود الاتفاق النووي الموقع مع القوى الكبرى شهر جويلية من سنة 2015. وأعلن الرئيس الإيراني أمس، أن بلاده قررت التوقف عن تطبيق بعض «تعهداتها» التي تضمنها الاتفاق النووي في رد على قرار إدارة الرئيس الامريكي الانسحاب منه في الثامن ماي من العام الماضي. ومنحت السلطات الإيرانية مهلة 60 يوما للقوى الغربية الأخرى التي وقعت على الاتفاق بأن تلتزم بتعهداتها وأن تجد طريقة للتخفيف من حجم العقوبات التي فرضتها الادارة الأمريكية عليها في القطاعين النفطي والمصرفي. واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق بالتنصل من تعهداتها بعد قرار الولاياتالمتحدة الانسحاب من هذا الاتفاق الذي شكل في حينه اكبر انجاز تحققه الأممالمتحدة في معالجة أزمة النووي الإيراني. وقال جواد ظريف، إنه باستثناء روسيا والصين فإن ألمانياوفرنسا وبريطانيا لم تقم بتنفيذ أيا من تعهداتها بعد الانسحاب الامريكي. وجاء قرار السلطات الإيرانية في سياق ضغوط أمريكية متزايدة عليها بعد قرار الرئيس دونالد ترامب، فرض عقوبات على الدول التي تتعامل مع إيران وإلزام شركاتها الكبرى الانسحاب من مشاريعها في هذا البلد. وقال الرئيس حسن روحاني، إن هذه الإجراءات تتماشى ومضمون اتفاق فيينا الذي يسمح للأطراف الموقعة بإلغاء بعض أو كل تعهداتهم في حال نقض طرف آخر التزاماته. وأضاف أن الاتفاق كان في حاجة ماسة إلى إجراء عملية جراحية بعد عام من المهدئات التي لم تجد نفعا، وأكد أن العملية الجراحية هدفها إنقاذ الاتفاق وليس تدميره. وأكد المجلس الأعلى للأمن الوطني في إيران أن طهران قررت وقف بداية من يوم أمس، التزاماتها بتخفيض إنتاج اليورانيوم المخصب والماء الثقيل الذي يدخل في تصنيع القنبلة الذرية في تحد واضح للموقف الامريكي الرامي الى خنق الاقتصاد الإيراني، وإخضاع سلطاته بعدها للإملاءات السياسية الأمريكية. وقامت السلطات الإيرانية أمس، بتبليغ قرارها الى سفراء الدول المعنية بالاتفاق وهي فرنساوألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا. وفي أول رد فعل على هذا القرار أيدت روسيا بطريقة ضمنية الخطوة الإيرانية التي أرجعتها الى الضغوطات الكبيرة التي تتعرض لها ودفعت بها الى اتخاذ مثل هذا القرار، وطالبت الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق الالتزام بتعهداتها لإنقاذه من الانهيار التام. ودعت السلطات الصينية من جهتها كل الأطراف المعنية باتفاق فيينا الى التعقل وتعزيز الحوار لتفادي كل انزلاق للوضع وطالبت بمواصلة تطبيق نص الاتفاق. والى النقيض من ذلك لم تستبعد فرنسا على لسان وزيرة الجيوش فلورانس بيرلي، لجوء دول الاتحاد الأوروبي الى فرض عقوبات ضد إيران في حال أقدمت على خطوتها بانقضاء مهلة الشهرين التي منحتها للدول الأوروبية للامتثال لتعهداتها، في نفس سياق الموقف الذي أبدته المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، التي طالبت هي الأخرى إيران باحترام كلي لبنود الاتفاق. وهي مواقف متخاذلة عززت الموقف الامريكي بعد أن فضّلت حماية مصالحها الاقتصادية ومصالح شركاتها الكبرى من سيل العقوبات التي توعد الرئيس دونالد ترامب، بفرضها عليها في حال واصلت استثماراتها في إيران، بل أن الكثير منها قرر الانسحاب من مشاريع اقتصادية ضخمة في هذا البلد رضوخا لتهديدات الإدارة الأمريكية. سر زيارة بومبيو المفاجئة إلى بغداد وفي سياق هذه التطورات حملت الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو، إلى بغداد بعد إلغاء زيارته إلى برلين الألمانية الكثير من التساؤلات من حيث توقيتها ودوافعها الخفية. ولكن تزامنها مع قرار السلطات الإيرانية قد يفسر جانبا من أسبابها التي قد تصل إلى تصعيد عسكري في منطقة الخليج، بعد اتهامات أمريكية سابقة تجاه إيران بالقيام بتحليقات جوية فوق بوارج حربية أمريكية في عرض مياه الخليج وهو ما اعتبره البنتاغون الأمريكي، بمثابة تحد لقواته في هذه المنطقة الحساسة من العالم. ويضاف إلى ذلك تحرك بوارج الأسطول الحربي الامريكي في عرض مياه الخليج ووصول الطائرات الإستراتيجية المقنبلة «بي 52» المعروفة في وقت وضعت فيه إيران قواتها في حالة تأهب تحسبا لأي طارئ قد تفرضه تطورات الموقف خلال الساعات القادمة. ولذلك فإن إرجاع السلطات الأمريكية هذه الاستعدادات العسكرية بوجود تهديدات إيرانية وشيكة لضرب القوات الأمريكية يبقى أمرا واهيا، إذا سلّمنا أن حجم الاستعدادات العسكرية الأمريكية لا يستدعي الاحتياط لمجرد تهديدات بعمليات تفجير محدودة إلا إذا كانت تريد جعلها مجرد غطاء لتبرير إعطاء الأمر لحاملة الطائرات ابراهام لينكولن بالتوجه إلى مياه الخليج.