افترق العرب من قمة الكويت بخلافات أعمق بكثير من تلك التي كانت من قبل، حيث كدنا نعتقد أن لقاء المصالحة الذي عقد هو بداية خطوة عربية جادة نحو تجاوز الخلافات. كنا نعتقد ونأمل أن الدماء التي سالت في قطاع غزة من شأنها أن توحد صفوف العرب، وأن العدوان الصهيوني الذي تحدى كل المشاعر واقترف أبشع الجرائم من شأنه أيضا أن يوحد الموقف العربي، لكن هيهات،، فالعرب لم يتصالحوا ويطالبون الفلسطينيين بالمصالحة، وهم الذين تسببوا، بل أذكوا نار الفتنة بين الفلسطينيين لتعميق الخلافات بينهم، وذلك بمحاولات فرض الوصاية تارة والمساومة تارة أخرى! ومما عمق الشرخ العربي أن القضية الفلسطينية لم تعد كما كانت القضية المركزية التي يتمحور حولها الإجماع العربي، بل أصبحت رهينة حسابات عربية ضيقة يغذيها في كثير من الأحيان حب الزعامة! وقد اعترف عمرو موسى بأن العلاقات العربية بعد قمة الكويت متوترة، والدليل أن القمة التي كان يراهن عليها في أن يعزز العرب نتائج قمة الدوحة، خرجت بقرار يدعو إلى مصالحة عربية ومصالحة فلسطينية، ولم تتمكن من تحديد آليات تسيير الأموال المرصدة لإعادة إعمار غزة وكذا عدم الخروج بموقف موحد من مبادرة السلام مع إسرائيل، وهي المبادرة التي أعلنت إسرائيل عن وفاتها من خلال عدوانها الأخير على غزة. إلا أن العرب لازالوا منقسمين بشأنها وبعضهم يسعى إلى بث الحياة فيها وهي جثة فقدت روحها منذ أمد بعيد!