أكد مدير التكوين بوزارة العدل، السيد سي الحاج محمد ارزقي، أمس على أهمية التعاون الدولي في محاربة الجريمة وخاصة الجريمة المنظمة ومصادرة عائدات هذه الظاهرة العابرة للحدود، مشيرا إلى أن التشريعات الحديثة أخذت بعين الاعتبار هذا الجانب للتكفل به من خلال وضع اليد على أرباح الجريمة للقضاء عليها. وأوضح المتحدث على هامش انطلاق ملتقى تكويني حول التعاون الدولي القضائي في مجال القانون الجزائي الذي ينظم في إطار التعاون الجزائري البلجيكي أن محاربة الجريمة تعد محورا هاما من المحاور التي يتناولها الملتقى الذي يضم 30 مشاركا منهم26 قاضيا من قضاة التحقيق ووكلاء الجمهورية ووكلاء الجمهورية المساعدين وضباط الشرطة القضائية. وفي هذا السياق أشار مدير التكوين بوزارة العدل إلى أهمية الدورة في تبادل التجارب والخبرات في مجال التعاون الدولي القضائي خاصة بالنسبة للقضاة واطلاعهم على الإجراءات المعمول بها في باقي الدول منها بلجيكا وذلك من خلال الخبير البلجيكي والعامل بالمصلحة المتخصصة في القانون الجزائي بوزارة العدل البلجيكية السيد إيريك فيربير الذي يشرف على الدورة التكوينية لمدة ثلاثة أيام بإقامة القضاة بالعاصمة تجسيدا لمسار التعاون المؤسساتي الذي كانت قد باشرته الجزائر مع بلجيكا منذ 2004 . واعتبر السيد ارزقي أن المواضيع التي يتناولها الملتقى ذات صلة بالتعاون الدولي في المجال الجزائي تهم كثيرا الدول والسلطات القضائية خاصة فيما تعلق بتسليم المجرمين وتحويل المتابعات القضائية وتنفيذ العقوبات ضد الأشخاص المحكوم عليهم، بالإضافة إلى تمكين المشاركين من الاطلاع على العديد من الجوانب القضائية المندرجة ضمن مجالات التعاون الدولي، أهمها الشروط الواجب توفرها لتسليم المجرمين من خلال عرائض التوقيف الدولية وإجراءات تنفيذ المحكوم عليه العقوبة في بلده الأصلي من خلال تحويل ملفه إلى بلد جنسيته. وفي هذا الصدد رفض المتحدث الخوض في ملف مسؤول الاستخبارات الأمريكية السابق بالجزائر اندرو وارن المشتبه في تورطه في قضية اغتصاب فتاتين جزائريتين مكتفيا بالقول أن مثل هذه القضايا مرتبطة بالحصانة الدبلوماسية، كما رفض أيضا الرد على أسئلة الصحفيين بخصوص الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني الذي يوجد تحت الرقابة القضائية بفرنسا وعدم تحويل ملفه للجزائر للنظر في قضيته، مشيرا إلى انه ليس لديه دراية كافية بالملف. بدوره أوضح الخبير البلجيكي أن تطور وتنامي الجريمة المنظمة على المستوى الدولي أدى إلى تزايد أهمية التعاون في فضاء الاتحاد الأوروبي وهو الأمر الذي أوجب تكريس تعاون مباشر بين الدول والسلطات القضائية مؤكدا أن هذا التعاون أدى ومنذ حوالي خمس سنوات إلى نجاح حقيقي سمح بتسليم المطلوبين للعدالة بصفة فعالة وفي آجال معقولة، معتبرا أن هذا النجاح دفع بالدول الأوروبية إلى التفكير والبحث عن أشكال أخرى للتعاون ذي الطبيعة المعقدة خاصة بعد بروز جرائم أخرى جديدة على غرار جرائم الانترنت التي تبقى -حسبه -كمشكل مطروح حاليا. وفي هذا الصدد؛ أكد الخبير البلجيكي على ضرورة إنشاء هياكل أكثر قدرة على مكافحة مختلف مظاهر الجريمة المنظمة وعقد اتفاقيات توضح معالم هذا التعاون. وعن التعاون الجزائري -البلجيكي أشار المتحدث إلى انه يبقى متواضعا لحد الآن خاصة بالنظر إلى قلة عدد الجالية الجزائريةببلجيكا مقارنة بدول أخرى، مذكرا بأن معاهدة تسليم المطلوبين قضائيا بين الدولتين تعود إلى السبعينات وتتطلب تطويرها وإعادة تكييفها مع المستجدات الراهنة لتشمل محاور أخرى. من جهة أخرى وصف ضيف الجزائر التعاون الثنائي في المجال القضائي بالفعال، حيث تمت معالجة العديد من القضايا بنجاح خاصة فيما تعلق بالجريمة التقليدية التي تعد مثالا للتعاون الايجابي. وقد تم الثلاثاء الماضي تنظيم ملتقى حول "التعاون القضائي الدولي في المجال المدني" إلى جانب عدة دورات أخرى سابقة بهدف تدعيم إصلاح قطاع العدالة وذلك من خلال تكوين القضاة والموظفين لتمكينهم من استيعاب طرق العمل القضائي والتسيير في بلدان أجنبية وعربية.