* email * facebook * twitter * linkedin أصبحت أزمات مولودية الجزائر تحير وتثير تساؤلات عديدة لدى الأوساط الرياضية، لاسيما تلك التي تتابع مسار هذا الفريق في الرابطة الاحترافية الأولى. فكيف لناد يستفيد مباشرة من تمويل تضمنه له أكبر وأغنى مؤسسة وطنية في الجزائر، يقع في أزمات لا تحصى ولا تعد، بسبب تكرارها في كل موسم رياضي، إلى درجة تشبيهها بمسلسلات تلفزيونية؟ هل التوترات التي تهز أركان هذا النادي من حين إلى آخر، سببها ضعف نتائج الفريق، أم هي راجعة لصراعات تخفيها طموحات مسيريه؟ بل لم نفهم ما الذي يدفع "سوناطراك" إلى الاعتماد على مسيرين يفتقرون لتجربة في قيادة أكبر ناد جزائري في تاريخ الرياضة الجزائرية. فكم من مسير وضعته على رأسه ولم يفلح في مهمته. الوضع المتأزم الذي يرافق مسيرة الفريق في المنافسة، لم يعد يتقبله أنصاره الذين يتنفسون ألوان النادي كتنفسهم للهواء، لكن في المقابل لا المسيرين، ولا الطاقم الفني ولا اللاعبين بإمكانهم إدخال الفرحة في نفوس هؤلاء المشجعين، للتقليل من غصبهم على ما يحدث من مشاكل داخل النادي. التصريحات الأخيرة لكل من رئيس المجلس الإداري عاشور بتروني، والمدير العام الرياضي فؤاد صخري، والتهم المتبادلة بينهم، أبانت بوضوح الهوة الواسعة المتواجدة بين الطرفين في كيفية تسيير الفريق، وكشفت بشكل واضح عن وجود تداخل بينهما في مجال تحديد صلاحية كل واحد منهما. بتروني اتهم زميله صخري بتجاوز صلاحياته في مجال توظيف وتسريح اللاعبين، ولا شك أن القطرة التي أفاضت الكأس في سوء التفاهم الحاصل بين الرجلين، هو قيام صخري بتسريح المدافع أيوب عزي، على خلفيات التصريحات الأخيرة التي أدلاها هذا الأخير إلى الصحافة، ندد فيها بتدخلات اللاعب السابق للعميد علي بن شيخ في شؤون الفريق، عبر تحليلاته الرياضية على القنوات التلفزيونية. بالنسبة لبتروني، مثل هذا القرار يعود بالدرجة الأولى إلى صلاحياته، أو على الأقل يتم التشاور عليه قبل الفصل في مستقبل اللاعب المذكور مع النادي. كما أن انهزام الفريق بملعب "مصطفى تشاكر" في الكأس العربية أمام الرجاء البيضاوي، وضد وفاق سطيف، لحساب الرابطة الاحترافية الأولى، زادت في سوء التفاهم الحاصل بين الرجلين، حيث يؤخذ على صخري قيامه باتخاذ قرارات انفرادية ودون استشارة المجلس الإداري للنادي، الذي يتساءل عما إذا سيكون صخري قد استفاد في هذا المجال من إجازة، وفرتها له مؤسسة "سوناطراك" دون علم المجلس. حدة الصراعات المتواجدة على رأس النادي، كان لها أثر سلبي وقاس جدا على الفريق، الذي قلص من حظوظه في التأهل إلى المربع الأخير من الكأس العربية، بعد انهزامه أمام الرجاء البيضاوي، وضيع فرصة التتويج باللقب الشتوي على إثر الهزيمة التي تلقاها أمام وفاق سطيف بملعب بولوغين. كل هذا يؤكد استمرار الغموض في مجال تسيير الفريق الموجود بدون مدرب رئيسي رسمي، منذ شهر كامل، بعد انسحاب الفرنسي بيرنار كازوني من العارضة الفنية. الخوف من سوء اختيار المدرب القادم، عطل بشكل واضح اتخاذ قرار حاسم في هذا المجال. فقد طرحت عدة أسماء على المدير العام الرياضي صخري، لكن هذا الأخير لم تكن له إلى حد الآن، الشجاعة في اختيار أنسب مدرب للفريق، رغم أن أوساط قريبة من فريق العميد تتحدث عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع التقني الفرنسي فران دوما، لاعتلاء العارضة الفنية. ولا يستبعد التحاق التقني فرانك دوما بالفريق في تونس، حيث يُجري هذا الأخير تربصا تحضيريا بمنطقة عين الدراهم. وبما أنه تم الفصل في استبعاد خيار استقدام مدرب جزاري، فإن اللجوء إلى تقني أجنبي تعد الورقة المطروحة للنادي، لكن مسيرو العميد متخوفون من الشروط المالية الباهظة التي تصطحب عادة الاتفاق مع هذا النوع من التقنيين، بل هناك في أوساط العميد من يعتقد أن إدارة العميد أخطأت كثيرا في تسرعها لإبعاد المدرب بيرنار كازوني من العارضة الفنية، كونها تعتقد أن هذا الأخير كان ضحية قرار ارتجالي اتخذه فؤاد صخري بعد تعرضه لضغوطات قوية من محيط الفريق. بالنسبة لهذه الأوساط كازوني، كان بوسعه تفادي سقوط الفريق أمام وفاق سطيف والفريق المغربي، بسبب معرفته الجيدة للاعبين، فضلا عن أن كازوني أنجز عملا رائعا منذ توليه العارضة الفنية، بدليل أن الفريق يتواجد في المراكز الأولى لترتيب البطولة، ولا زال يحتفظ بحظوظ كبيرة في نيل اللقب. يبدو أن مسؤولي مؤسسة "سوناطراك" أخذت هذه المرة بجد، ضرورة دراسة الوضع السائد على رأس النادي، واتخاذ القرارات التي من شأنها المساهمة في تلطيف الأجواء بين بتروني وصخري، لكي يعملا سويا لصالح الفريق. يتساءل البعض عما إذا ستتوصل "سوناطراك" إلى طي الخلاف بين الرجلين، بعدما استدعتهما إلى اجتماع طارئ بمقر المؤسسة. فعاشور بتروني أصبح يمقت العمل مع فؤاد صخري، ويتهم هذا الأخير بعرقلة كل ما يقوم به مجلس الإدارة لصالح الفريق. قالت مصادر مقربة من بتروني، أن رئيس مجلس الإدارة للعميد، سيعمل بكل ما بوسعه لدفع "سوناطراك" إلى عزل صخري من منصبه، رغم أن هذا الأخير تربطه علاقات قوية مع بعض مسؤولي المؤسسة، جعلته دائما في موقع قوة في تسيير شؤون الفريق. لكن ما يهم المؤسسة بالدرجة الأولى في هذه المرحلة من البطولة، تحديد المسؤوليات بدقة بين رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للنادي، وتعتبر هذه الخطوة أمر حتمي يتعين الالتزام به، لإعادة الاستقرار إلى النادي، ومن ثمة السماح للفريق بتحضير المرحلة القادمة من البطولة في هدوء تام، علما أن تشكيلة العميد انتقلت أول أمس إلى تونس، رفقة المدرب ميخازني الذي يقود العارضة الفنية، في انتظار استقدام تقني جديد بصفة رسمية. ينتظر قيام مؤسسة "سوناطراك" باتخاذ قرارات أخرى، منها بشكل خاص تسديد المستحقات المالية المتبقية للاعبين الراغبين في استلام أموالهم في أقرب وقت، حتى يتمكنوا من التركيز أكثر في عملهم والاستعداد معنويا وبدنيا لخوض مرحلة العودة إلى البطولة.