فرضت مسألة انسحاب القوات الأمريكية من العراق نفسها بقوة منذ مجيء الإدارة الأمريكيةالجديدة برئاسة باراك أوباما بعدما كان تعهد خلال حملته الانتخابية بسحب قوات بلاده من المستنقع العراقي في غضون 16 شهرا.ويعكف البيت الأبيض حاليا على دراسة مجموعة من الاحتمالات وفق اقتراحات طرحها مسؤولون عسكريون لتنفيذ انسحاب مدروس ومسؤول من دون أي مخاطر. وحدد البيت الأبيض مهلة لانسحاب هذه القوات في مدة أقصاها 23 شهرا وأدناها 16 شهرا غير أن مصادر من البنتاغون الأمريكي أكدت أن مستشارين عسكريين اقترحوا خطة انسحاب وسطية على مدى 19 شهرا بناء على طلب البيت الأبيض نفسه. ويأتي الإعلان عن تحديد جدول زمني للانسحاب بعدما كان الرئيس اوباما أعلن الأسبوع الماضي عن نيته في سحب معظم قوات بلاده من العراق في غضون العام بعدما اعتبر أن الولاياتالمتحدة أصبحت الآن في موضع يسمح لها بتسليم كافة المهام إلى الحكومة العراقية. واعتبر الرئيس اوباما السير الحسن لانتخابات مجالس المحافظات العراقية بداية الأسبوع الماضي دليل قوي على تحسن الوضعية الأمنية في هذا البلد الذي عان من ويلات الاحتلال وحرب طائفية لأكثر من خمس سنوات. ويقوم عدد من كبار أعضاء الكونغرس الأمريكي منذ نهاية الأسبوع بزيارة إلى العراق لتقييم وضع الحملة العسكرية المستمرة منذ نحو ست سنوات في العراق وسط مراجعات أميركية رسمية لجهود الحرب في هذا البلد وفي أفغانستان. وتهدف الزيارة أيضا إلى وضع تقييمات عبر المشاهدة الشخصية للوضع في العراق في أعقاب انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مؤخرا ووسط مساعي الرئيس الأميركي باراك اوباما لسحب القوات الأميركية المقاتلة من العراق خلال 16 شهرا. وفي خطوات استباقية تجرى حاليا وبشكل متتابع عمليات تسليم المراكز الأمنية والقواعد التي تشغلها قوات التحالف إلى سيطرة الحكومة العراقية وفقا لبنود الاتفاقية الأمنية التي وقعتها بغداد وواشنطن نهاية العام الماضي. ورغم أن قرار الرئيس اوباما بسحب قواته في أقصى مدة ممكنة لم يلق استحسان لدى بعض المسؤولين العراقيين الذين أبدوا تخوفات من أي انسحاب عشوائي فإن برلمانيين عراقيين أشادوا أمس بهذا القرار. وأكد نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان النائب عن جبهة التوافق عبد الكريم السامرائي أن القوات الأمنية ووزارة الدفاع وبعض قطاعات وزارة الداخلية قد أصبحت حاليا جاهزة لاستلام الملف الأمني في جميع محافظات العراقية. من جانبه أعرب مقرر اللجنة الأمنية في البرلمان النائب عن التحالف الكردستاني فرياد راوندوزى عن اعتقاده بأن اوباما سيبقي على عدد من القوات العسكرية حتى موعد الانسحاب النهائي المقرر في عام 2011. في حين أكد الناطق باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا جاهزية القوات العراقية لشغل الفراغ الذي ستتركه القوات الأمريكية وهو ما يؤكد رغبة الحكومة العراقية في تولي جميع المهام لفرض سيطرتها على كامل التراب العراقي. غير أن هذه الرغبة يبدو أنها ستصطدم بالسعي الأمريكي في التدخل في الشؤون الداخلية العراقية من خلال الاتفاقية الأمنية الموقع بن بغداد وواشنطن أياما فقط قبل رحيل الإدارة الأمريكية السابقة. وبدا هذا السعي واضحا من خلال تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن مساء أول أمس بعدما أكد أن واشنطن ستنتهج سياسة متشددة تجاه الحكومة العراقية لدفعها لإجراء إصلاحات سياسية. فقد انتقد بايدن ما يحدث فى العراق على مستوى القيادة..وأشار الى ان "القادة العراقيين لم يحلوا بعد خلافاتهم السياسية". وقال خلال خطاب رسمي ألقاه بولاية "فيرجينيا" أول امس الجمعة أن الخلافات السياسية قد تؤدى إلى عدم الاستقرار في العراق بعد مغادرة القوات الأمريكية. واعتبر ان الانتخابات التي جرت الأسبوع الماضي في العراق كشفت عن تحقيق تقدم لكنه ما زال يتحتم القيام بالمزيد. وذهب المسؤول الأمريكي إلى التأكيد على أن القادة العراقيين "لم يتموا حتى الآن ترتيباتهم السياسية معا" وقال "سيتحتم على إدارتنا الالتزام بشكل كبير وليس فقط للاضطلاع بالتعهد الذي قطعناه بسحب قواتنا بشكل منطقي كما قلنا بل سيتوجب عليها أن تكون أكثر تشددا بكثير لإرغامهم على التعاطي مع هذه المسائل".