* email * facebook * twitter * linkedin ينتظر أن تنظم جلسات وطنية حول الصناعة في أواخر مارس المقبل، لدراسة كل المسائل المتعلقة بالقطاع، وعلى رأسها مراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية التي تسيره، من أجل الوصول إلى وضع إستراتيجية صناعية يجمع عليها كل الفاعلين الصناعيين. ويبدو أن الصناعات العسكرية ستكون أحد ركائز هذه الإستراتيجية، لاسيما بعد عملية إلحاق المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية بمديرية الصناعة العسكرية. وهي العملية التي وصفها وزير الصناعة والمناجم ب"الجيدة"، معبرا عن أمله في أن تتبع بعمليات أخرى ومنها إلحاق مركب الحجار بالجيش، مشيرا إلى أن هذا الأخير هو الوحيد اليوم القادر على فرض "الانضباط" في العمل. قدم الوزير فرحات آيت علي أمس، عرضا عن الواقع الصناعي للبلاد، الذي اتسم ب"الكارثية"، حيث كانت انتقاداته شديدة للوضع الذي وصلت إليه الصناعة بكل فروعها بدون استثناء. ما يحتم فتح تشاور واسع مع كل المعنيين لتغيير الوضع، وذلك بدء بتغيير النصوص القانونية، التي قال إنها تتسم اليوم ب"الضبابية". وقال إن الوزارة تعكف حاليا على تحضير قوانين جديدة ستكون حاضرة على أقصى حد في أفريل المقبل، لتجسيد الوعود التي تم قطعها، كما تتم دراسة مختلف المسائل التي تعرقل الاستثمار. وقال "ستتم مراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بالاستثمار الأجنبي والمحلي، من أجل رفع الضبابية التي تعرفها النصوص الحالية، وإعطاء ضمانات للمستثمرين في مجال الحماية وتقليص تدخل الإدارة في فعل استثمار، وضمان المساواة بين المستثمرين الوطنيين والأجانب، أمام القانون". ومن بين النصوص التي ذكرها "قانون الاستثمار" و"قاعدة 51/49" و"العقار الصناعي" و"حق الشفعة" الذي اعتبره من "العراقيل الرئيسية أمام الاستثمار". وستكون هذه المسائل مطروحة على المشاركين في جلسات الصناعة والتي ستعرف حضور كل المعنيين من خبراء جزائريين وأجانب، ونقابات ورجال أعمال وهيئات عمومية. وستسمح بعرض إستراتيجية الحكومة لدفع القطاع، وبالتالي الحصول على إجماع حول ما سيتم القيام به. وأعطى بالمناسبة المحاور الرئيسية لهذه الإستراتيجية، وكشف عن بعض الإجراءات التي سيتم تطبيقها في بعض الفروع، لاسيما السيارات والصناعات الإلكترومنزلية والصناعات الغذائية، التي عارض بشدة طريقة عملها الحالية. من بين التدابير التي اتخذت لحل الإشكالات التي تعرفها بعض المؤسسات العمومية، برز مؤخرا خيار استرجاعها من طرف الصناعات العسكرية، وهو ما حدث مؤخرا مع المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية. وهي العملية التي وصفها ب"الجيدة" وب"الحل الأنجع"، ولم يتردد في التعبير عن أمله في أن تتبع بعمليات مماثلة، من دون أن يعني ذلك "تبني النموذج المصري" كما قال. في هذا الصدد، أوضح أن الشركة الوطنية للسيارات الصناعية عاشت إشكالات منذ التسعينيات، وهي الآن غير قادرة على تحمل الأعباء المالية خاصة مع كثافة عدد العمال، ولايمكن إعادة هيكلتها، لاسيما بعد أن أكلت المنافسة غير الشرعية جزء هاما من حصصها في السوق. من جهة أخرى، قال إن البلاد بحاجة إلى "صناعة عسكرية مدمجة محلية وتتمتع بالاستقلالية في مجال العتاد العسكري". وعملية الإلحاق بالجيش كما أضاف "تدخل في هذا الإطار"، "الشركة لا تذهب هباء منثورا والصناعة العسكرية عوض أن تطلب من ميزانية الدولة أن تستثمر بمعدات وتجهيزات جديدة، لديها البديل الجاهز في القطاع العمومي، فالعملية تخدم الجانبين والبلد عموما". وفي سياق حديثه عن وضعية مركب الحجار التي لم تتحسن رغم ضخ أموال ووضع مخططات، أكد أنه سيرحب بطلب الصناعات العسكرية إلحاق الحجار بها. ولم يتردد في القول بأن الجيش هو "القطاع الوحيد اليوم الذي يتمتع بالانضباط"، ليضيف موضحا "اليوم لانريد تبني النموذج المصري، ولكن في الجزائر سواء في القطاع الخاص أو العام، ما ينقصنا هو الانضباط... لقد خلقنا صناعة ريع، ووصلنا إلى حد أن الجيش اليوم هو الوحيد القادر على فرض انضباط في العمل وتحديد جدول عمل...من المؤسف قول ذلك لكنه الواقع اليوم. فالقطاع الخاص يبحث عن المرودية ولكن شهيته للربح تتجاوز البحث عن المردودية، والقطاع العمومي لديه منطق الريع من المدير العام إلى الحارس، ومن الصعب نزع هذه الذهنية منهم". دفتر الشروط سمح لبعض العلامات باحتكار سوق السيارات وكان ملف السيارات حاضرا بقوة في المنتدى، وبهذا الخصوص، وحول قرار استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات، اعتبر أنه "جيد" من باب أنه يفتح المجال أمام حرية اقتناء السيارات. لكنه لفت إلى أنه لا يجب مقارنة ما تم في التسعينات بالوضع الراهن، مشيرا إلى أن أسعار هذا النوع من السيارات لن يكون أقل من سعر السيارات الجديدة. وأن إعادة تنظيم سوق السيارات الجديدة، وعودة استيرادها بطريقة طبيعية، سيجعل الكثيرين يفضلون اقتناء الجديدة. في السياق ذاته، ذكر بالعمل على إعداد دفتر شروط جديد لتركيب السيارات محليا، متوقعا أنه لن يجلب الكثير من المستثمرين، لأنه سيتطلب منهم جلب الخبرة والأموال، منتقدا بشدة دفتر الشروط الحالي، الذي قال إنه الوحيد في العالم الذي أدى إلى "إيداع 40 ملفا للتركيب خلال عامين... أمر لم يحدث في أي بلد بالعالم...لأن الأمر لم يكن يتعلق بصناعة حقيقية وإنما للسماح لبعض العلامات باحتكار السوق والاستفادة من مزايا ضريبية وجمركية لم نشهد لها مثيلا". وهو ما سيعمل دفتر الشروط الذي يتم إعداده على تداركه من أجل "إطلاق صناعة سيارات حقيقية تتم بجلب الأموال والخبرة وبنسبة إدماج معقولة"، بالمقابل أعلن أن المستثمرين الأجانب الراغبين في تركيب السيارات لن يجبروا على البحث عن شريك محلي. وهو ما يعني إلغاء قاعدة 51/49 على الاستثمارات المتعلقة بتركيب السيارات. الصناعة الإلكترونية لم تحقق أي إدماج نفس الانتقادات وجهها إلى فرع الصناعات الالكترومنزلية، التي قال إنها لم تحقق أي نسبة إدماج منذ 2001، تاريخ السماح للخواص بالاستثمار في هذا المجال، بل إنه اعتبرها السبب وراء المشاكل المالية التي تعيشها المؤسسات العمومية ولاسيما "أينيام" و"إيني"، مؤكدا أن القوانين التي سيتم وضعها في المجال الصناعي ستكون أولويتها "وقف نزيف تحويل الأموال"، الذي تم عبر هذا النوع من المستثمرين. وهو ما يقال كذلك على فرع الصناعات الغذائية، حيث اعتبر الوزير أنه لم يجلب أي "قيمة إضافية" للبلاد، مشيرا إلى أن الكثير من المصنعين لا يستخدمون سوى المياه المحلية في مدخلاتها والباقي كله مستورد. ولهذا شدد على أن الإجراءات التي ستتم لاحقا ستسمح بمنح مزايا للمستثمرين الذين يدمجون المواد المحلية فقط. لكنه بالمقابل اعترف بوجود مشاكل تعيق ذلك وأهمها غياب سوق منظمة وهياكل تخزين من أجل تموين الصناعيين بالمواد الأولية المحلية. العقار الصناعي سير بطريقة تمييزية أما فيما يتعلق بملف العقار الصناعي، قال إن المشكل هو طريقة تسييره التي تتم بطريقة تمييزية بهدف الحصول على قروض بنكية، وأن الوزارة ستعمل على إعادة النظر في دور وكالات العقار، وخفض البيروقراطية وكذا تدخل السياسة في منح العقار، حيث سيتم وضع دفتر شروط واضح ينص على عدم التدخل في قرارات منح العقار.ولدى تطرقه لمسألة الخوصصة، أشار إلى أنه ضد الطريقة السابقة، معتبرا أنه من الأجدى التوجه للبورصة للقيام بعمليات الخوصصة، وليس التخلي عن المؤسسات العمومية بأسعار رمزية. وتحدث الوزير عن صعوبات على مستوى الوزارة في العمل مع إطارات قال إنهم اعتادوا العمل بالطرق القديمة، ولا يسيرون وفقا للنظرة الجديدة للوزير الجديد. قائلا "هناك إطارات تفعل عكس ما يقوله الوزير"، وهو ما جعله يؤكد أن عملية وضع نظام جديد متواصلة في الوزارة بطريقة تدريجية.