الجزائر برجالها الذين ضعوا التاريخ، ونحتوه بإراداتهم وإيمانهم رغم أن هذا التاريخ كانت أحداثه قاسية وصعبة على الجزائر نظرا لمكانها الجغرافي الاستراتيجي، حيث توسطت منشأ حضارات الدنيا وامبراطورياتها الكبرى، وهذا ما جعلها محل أطماع، وجعلها تواجه الغزو والاعتداءعسكريا، ومن هذا التاريخ وصناعه المرحوم يوسف بن خدة. نظمت جمعية الجاحظية نهاية الأسبوع الماضي بمناسبة الذكرى السادسة لرحيل الرئيس يوسف بن خدة ندوة تارخية استرجعت فيها الخصال والبصمات التي تركها الرجل على الصعيدين السياسي والثوري، نشط هذه الندوة الاستاذ محمد عباس الذي استعرض اهمية الوقوف عند تاريخ هذا الرجل، حيث أكد أن إحياء ذكرى هذا المناضل بن يوسف بن خدة الذي انتقل الى جوار ربه في 04-02-2003 تعد من بين المحطات التاريخية الكبرى، وأكد الاستاذ محمد عباس أن مواقف هذا الرجل العملاق من أزمة 1962 التي اعقبت استقلال الجزائر تعد من المواقف الخالدة التي تم فيها التنكر للذات من أجل الوطن. كما استعرض الاستاذ عباس سيرة وحياة الرئيس يوسف بن خدة منذ دراسته الى انخراطه في الحياة السياسية وفي مركز القيادة في الحركة الوطنية، حيث دخل السجون الاستعمارية وهو مايزال طالبا في الصيدلة سنة 1943، وذلك بسبب موقفه ضد التجنيد الإجباري في الجيش الفرنسي، ثم تولى منصبا قياديا بالأمانة العامة لحركة انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1951، والصراع الذي نشب بينه وبين زعيم الحركة مصالي الحاج، حيث قاد يوسف بن خدة المعارضة ضد الزعيم أو بما يسمى المركزيين ضد المصاليين، كما تطرق الى نضالاته المتواصلة ودخوله السجن عشية انطلاق الثورة أي سنة 1954، والتحاقه بالثورة بعد خروجه من السجن في صائفة 1955، كما تم انتخابه في لجنة التنسيق والتنفيذ رفقة عبان رمضان وكريم بلقاسم وسعد دحلب والعربي بن مهيدي الذين كانوا يمثلون قيادة الداخل، ليتم فيما بعد تعيينه وزيرا للشؤون الاجتماعية في الحكومة المؤقتة، وفي أوت سنة 1961 تولى منصب رئيس الحكومة المؤقتة، وقد عاش الخلافات التي أعقبت الاستقلال والازمة التي عرفتها الجزائر، وآثر الرئيس يوسف بن خدة حقن الدماء الجزائرية على الكرسي تلبية لنداء الشعب الجزائري، فكان هذا الموقف من بين المواقف الخالدة التي يذكرها له التاريخ الجزائري بكل اعتزاز وتقدير.