أكدت وكالة بلومبيرغ الأمريكية أن السلطات المغربية استغلت أزمة تفشي فيروس "كورونا" للتراجع عن الإصلاحات الديمقراطية عبر إجراءات حدّت من خلاله من حرية التعبير وفرضت "تكميما" للأفواه ضمن خطة استباقية تحسبا لمؤشرات قوية لانفجار اجتماعي وشيك بسبب تضرر ملايين المغاربة من تداعيات هذه الجائحة. وأضافت الوكالة في تقرير نشرته أول أمس، أن المخزن والدولة العميقة في المغرب تشن حملة قمع ممنهجة ضد المعارضين والنشطاء السياسيين، ضمن مؤشرات قوية لدخول المغرب في أزمات اقتصادية اجتماعية وسياسية حادة، غير مسبوقة. وأكدت بلومبيرغ ضمن هذه الصورة القاتمة أن المغرب تراجع كثيرا في مؤشرات الديمقراطية، بعد أن استغل الملك المغربي، محمد السادس، الذي يعد أحد أغنى الملوك في العالم ونظامه المخزني، الجائحة للسير إلى عكس الإصلاحات الديمقراطية التي وعد بها، مستغلا في ذلك العودة القوية لما يعرف ب "الدولة العميقة"، "جهاز المخابرات" الذي يقوم عناصره بشن حملات قمع سرية في كبريات المدن المغربية مثل طنجة ومراكش جعلت لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان لا تتأخر في إدانتها وخاصة مطاردة المعارضين للملك وسياساته. وأكد يوسف الريسوني، الأمين العام للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في هذا السياق إقدام أجهزة الأمن المغربية على اعتقال أكثر من 80 ألف شخص بتهمة تحدي أوامر الحجر، بما في ذلك 30 ناشطا محكوما عليهم بالسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر، وبعض الصحفيين الذين يتابعون الوضع الاجتماعي العام في المملكة. وتوقعت الوكالة الأمريكية التي تحمل اسم مؤسسها، أن تتزايد الاضطرابات الاجتماعية في ظل هذا الاحتقان خاصة وأن الاقتصاد المغربي يعتمد على سياحة انهارت وقطاع فلاحة تعرض لصدمة حقيقة بعد تراجع صادراته باتجاه الدول الأوروبية ضمن كارثة زادتها تعقيدا حالة جفاف غير مسبوقة. وهو ما جعل الناتج الداخلي الخام المغربي يتراجع إلى ناقص 5,2 بالمائة ضمن أكبر انكماش اقتصادي سيؤدي إلى تسريح أكثر من 2 مليون مغربي يضافون إلى قرابة 30 بالمائة من الوافدين الجدد من الشباب على سوق التشغيل ولا يجدون مناصب شغل لهم. وهي كلها "توابل" قدر مغربي بدأ يغلي على نار هادئة من شأنه أن يوصل البيت المغربي إلى حافة انفجار اجتماعي شامل قبل أن يلقي وباء "كورونا" بضلاله على شعب مغربي تأكد من افتقاد بلاده لمنظومة صحية قادرة على مواجهة هذا الوباء. ونقلت الوكالة الأمريكية لتأكيد توقعاتها، تصريح محمد مصباح، رئيس المعهد المغربي لتحليل السياسات، الموجود مقره بالعاصمة الرباط، والذي أكد من خلاله أن "المخزن يواجه خطرا جديدا" في ظل غياب "الواجهات الديمقراطية للسياسيين" الذين يمكن محاسبتهم، وهو ما سيدخل النظام في مواجهة مباشرة مع المواطنين الغاضبين، في إشارة إلى تهميش نواب البرلمان المغربي وتحييد مهامهم وصلاحياتهم التي "احتكرها" المخزن. ونقلت الوكالة عن ريكاردو فابياني، مدير مجموعة الأزمات الدولية أن "هذا النوع من ردود الفعل عادة ما تتبناها السلطات المغربية كلما تفاقم الوضع وتبدأ وتيرة التململ الداخلي في الارتفاع".