❊الشيخ قسوم: دور الجامع سيكون أعظم من جامع الأزهر والزيتونة والقيروان ❊الشيخ غول: مجمع علمي ضخم سيمنح الجزائر بعدا عالميا أجمع كل من رئيسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والمجلس الوطني للأئمة في تصريحات ل "المساء" أمس الأحد، على أن جامع الجزائر الذي عاينه رئيس الجمهورية في غرة محرم وذكرى المجاهد، وأعلن عن تدشينه في الفاتح نوفمبر القادم، هو صرح ديني ومعلم حضاري ببعد تاريخي وحتى سياحي يمجد الحضارة الجزائرية ويشكل رسالة وفاء للشهداء ويحمل عدة معاني وخطابات ليس فقط للجزائريين بل للإنسانية قاطبة. بالنسبة لرئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم، فان اختيار الفاتح نوفمبر لتدشين جامع الجزائر يمثل لقاء ذو معاني وخطابات عدة للانسانية قاطبة وإلى الجزائريين بصفة خاصة، أولاها أن هذا الصرح الديني "يخلد الحضارة الإنسانية الإسلامية في الجزائر كونه يبين بأن الجزائر تملك الآن أعظم مسجد بعد الحرمين الشريفين وهذا تخليد للشهداء والمجاهدين والمثقفين وتخليد بالتالي الحضارة الجزائرية بكيفية عظيمة". والمعنى الثاني يضيف السيد قسوم مرتبط بالمكان الذي بني فيه المسجد والذي عاشت فيه الجماهير الجزائرية مأساة القتال ضد المحتلين وحاولت فرنسا الاستعمارية جعله قطبا للتبشير النصراني لكل إفريقيا، حيث قال أن "التبشير الذي كان يقوم به الكاتدرائي "لافيجري" الذي كان يخطف الأطفال ليحولهم عن عقيدتهم مقابل كأس حليب وقطعة خبز.. فجاء اسم المحمدية بعد الاستقلال ليعيد العقول إلى أهلها والناس إلى ذاتهم وهذا في حذ ذاته ذا معنى عظيم". كما يرى السيد قسوم أن "المسجد لن يشع علينا نحن فقط الجزائريين بل سيشع على الانسانية قاطبة والأمة الاسلامية"، متوقعا بأن يكون أعظم من جامع الأزهر والزيتونة والقيروان شريطة أن يقوم بالدور المنوط إليه على أحسن وجه وكما هو مسطر له. وأكثر شيء أكد عليه رئس جمعية العلماء المسلمين هي "العلاقة بين جهاد نوفمبر وجهاد المسجد الذي يقوم بالجهاد الصحيح من خلال الكلمة الطيبة والأخلاق السليمة وتصحيح المفاهيم وإعادة الناس إلى الإسلام الحقيقي بعيدا عن الغلو والتشدد والتطرف وهذا كله مهم جدا لأن معناه إحياء العقول والقلوب". وأضاف أن "الفاتح نوفمبر أيضا جاء لإعادة الجزائريين إلى ذاتهم وإحياء عقولهم وقلوبهم وتوعيتهم ضمن جهاد مقدس حافظ على الذات والعقيدة والاخلاق والتسامح وكلها معاني تلتقي بين الجامع وبين الفاتح نوفمبر الذي هو أيضا جامع وطني". ولذلك يرى محدثنا أن "الإشكال المزعوم" الذي يحاول البعض طرحه في هذا الوقت من خلال توجيه انتقادات لبناء الجامع وتكلفته الباهظة، "لا يدل على حسن نية بل على نية سيئة" من منطلق كما أوضح أن "كل الناس يعلمون بأن الجامع عندما يقوم بدوره كما يجب سيكون أحسن من المستشفى فهو يعالج النفس والقلب والعقل وهي أمور تتحكم في البدن بينما المستشفى يعالج البدن دون التحكم فيه". وقال أنه "لهذا يقال أنه من بنى مسجدا أو مدرسة قد أغلق سجنا". اقتراح تسمية الجامع باسم الإمام البشير الابراهيمي وتقترح جمعية العلماء المسلمين تسمية هذا الصرح الديني باسم الإمام محمد البشير الابراهيمي، بقناعة أنه "أعظم عالم في الأمة الإسلامية قاطبة وليس في الجزائر فقط... لم تنجب الأمة الإسلامية عالم بمستوى البشير الابراهيمي". وقال السيد قسوم أنه كلام "نقلته للرئيس تبون نفسه وأبلغته أنه ليس من باب التعصب تسمية الجامع الأعظم باسم هذا الإمام وإنما نعتقد أننا نفتح به أيضا قلوب وعقول الناس سواء بالعلم أو المنطق". والاقتراح الثاني أن لا يكون كباقي المساجد به إمام وإنما تكون هناك هيئة تمثل مشيخة علمية عظمى تضم العالم الديني والقانون وعالم الاجتماع والطبيب والاقتصادي وعالم نفسه وحتى الدبلوماسي حتى تكون نربط علاقات دولية مع العالم الإسلامي. ليختم بالقول "لو نستطيع أن نقوم بدور المسجد كما ينبغي والله سنفتح به العالم ككل في مسؤولية ملقاة علينا وامتحان لنا". ونفس الموقف المثمن ذهب إليه رئيس المجلس الوطني للأئمة جمال غول الذي عبر عن اعتقاده الصريح بأن "يكون جامع الجزائر بدون شك صرح ديني ومعلم حضاري". حتى أنه أكد أنه "يمكن القول بانه سوف يغير من وجه الجزائر خاصة وأن كل دولة تستثمر في المجال الديني بالنظر الى تأثيره على باقي المجالات الأخرى". وتساءل في هذا السياق لماذا لا يكون للجزائر معلما دينيا عند ذكره يتبادر الى الأذهان على غرار جامع الزيتونة في تونس أو الأزهر في مصر أو المسجد الأزرق وآيا صوفيا في تركيا وجامعة القراويين في المغرب... لذلك يرى محدثنا أن هذا المسجد سوف يمنح الجزائر بعدا عالميا كونه "لا يشكل فقط مسجدا لأداء الصلاة رغم عظمة الصلاة ولكنه مجمع علمي وديني وأيضا سياحي يتربع على مساحة 25 هكتار تضم قاعة صلاة تتسع ل 120 ألف مصلي ومكتبة تتسع لألفين طالب وباحث وتضم أكثر من مليون عنوان في مختلف العلوم إضافة إلى مكتبة رقمية عصرية ومتحف خاص بالتاريخ وبكل المحطات التي تعرف بتاريخ الجزائر". ويرى المتحدث أن "المهم أنه يضم مدرسة عليا سوف تعني بالتعليم ما بعد التدرج لقطاع الشؤون الدنية ولتكوين الائمة الذي يعد من أهم الأمور التي سوف تنفع البلاد" باعتبار أنه "كلما كان تكوين الإمام في المستوى تمكن من إيصال رسالته إلى كل شرائح المجتمع، بالإضافة إلى دار القرآن الكريم التي ستكون مختصة في التعليم القرآني". وهوما جعل غول يؤكد أن هذا الجامع المكون من 12 بناية ضخمة سوف يصبح مجمع علمي حقيقي سيستفيد منه الكثير من شرائح المجتمع وسيكون له تأثير كبير جدا مستقبلا عندما يمشي في المسار الذي يني له،. بما دفع بفئة قال أنها "لا تحب الخير للبلاد" لانتقاد مشروع من هذا النوع وشرعوا في مهاجمته لكن ليس بطريقة مباشرة. وقال المتحدث أن هؤلاء "يتخذون طرق ملتوية ويختلقون أسباب لتغليط الرأي العام منها أن تكلفة الجامع تكلفة عالية وكان ينبغي صرفها في مشاريع أخرى كبناء المستشفيات على سبيل الميثال". وقال أن "هذه مغالطة ونحن لسنا ضد المستشفيات ولكن كما تم تخصيص ميزانية لجامع الجزائر كان بإمكان تخصيص ميزانية لبناء مستشفى كبير وعصري". وأضاف أن "الانتقادات طالت بناء هذا الجامع رغم أن التكلفة التي خصصت لبناء قصر المؤتمرات عبد اللطيف رحال تقارب تكلفة بناءه كننا لم نسمع أصوات تنتقد وتقول حبذا لو تم بناء مستشفى مكان قصرالمؤتمرات". خلفيات ومغالطات ويرى السيد غول أن الخلفية الحقيقية لمن يهاجم هذا المعلم هي خلفية حضارية دينية وتاريخية، حيث ذكر في هذا السياق أنه كان من بين مشاريع فرنسا الاستعمارية جعل المنطقة التي بني عليها الجامع أكبر حاضنة للتبشير في كل افريقيا. وقال أنها "قامت ببناء كنيسة الآباء البيض لتكوين اباء تبشير في مختلف أنحاء افريقيا، غير أن الدولة الجزائرية بعد الاستقلال غيرت اسمها إلى "المحمدية" بما يرمزه هذا الاسم لاستقلال الجزائر وتشبت الجزائريين بدينهم". وأضاف أنه "يأتي اليوم بناء هذا الصرح الديني ليمثل الحضارة والتاريخ وديننا وليكون بمثابة وفاء للشهداء الذين لم يقبلوا الاستعمار الفرنسي والتبشير النصراني في الجزائر". واعتبر غول أن "ذلك ازعج فرنسا ومن سار في دربها خاصة وأنها كانت تسعى للظفر بالمشروع بقيمة 2 مليار دولار لكن بعدها لم يكن لها نصيب فيه ليظفر به الصينيون فخسرت فلرنسا وبقيت تهاجم المشروع بلا مبرر". أما بالنسبة للتسمية فقد أكد رئيس مجلس الأئمة أن هذا الأخير يفضل التسمية الحالية "جامع الجزائر" ويعتبرها كافية وتجمع كل مكونات وعلماء الجزائر والناس المحبين لها ولها رمزية وقوة وتمنح بعدا في هوية الجزائر.