عرّت مرّة أخرى الأمطار الطوفانية الأخيرة التي تساقطت على مدينة سكيكدة وضواحيها سياسة البريكولاج المنتهجة منذ سنوات وما تزال من قبل الجماعات المحلية، لاسيما من قبل مصالح البلدية، وكذا مؤسسة التطهير التي تعتمد على وسائل بدائية في تنقية البالوعات ومجاري المياه، والغريب في الأمر أنّه رغم الأرصدة المالية الضخمة التي تمّ صرفها في حماية المدينة من الفيضانات، إلا أن قطرات الأمطار التي تتساقط خلال فصلي الخريف والشتاء، الماضيين، فضحت كل شيء. وقد كشفت أشكال التهاون المسجّل على جميع الأصعدة مع التراخي والتغاضي لاسيما في متابعة المشاريع، وما يدل على ذلك سيناريو الفيضانات المتكرر الذي تحدثها الأمطار دائما على مستوى نفس الأماكن التي تعدّ من النقاط السوداء بالمدينة وامتدّت حتّى إلى الكورنيش السكيكدي، والمحيّر في كل هذا عملية تنقية البالوعات والمجاري المائية التي تتمّ بطريقة فوضوية وبإمكانات بدائية دون مراقبة، ودون الحديث عن الأتربة والحجارة التي كثيرا ما تجرفها السيول من ورشات البناء التي لا يتقيد أصحابها بالإجراءات المعمول بها، مما يطرح أكثر من سؤال عن دور شرطة العمران، وحتّى اللجنة التقنية الولائية التي شكّلها والي سكيكدة السّابق القابع بسجن الحراش لمعاينة أشغال التهيئة والتزفيت وكذا الوقوف على مدى مطابقة تلك الأشغال مع المقاييس التقنية المطلوبة والدراسات المنجزة، إضافة إلى قيامها بإحصاء كل النقائص التي كشفت عنها الأمطار الطوفانية التي اجتاحت سكيكدة السنة الماضية، إذ تبقى مجرد لجنة ليس إلاّ لذرّ الرماد على العيون. المؤكد في كل هذا أنّ الوضعية الكارثية لأغنى بلدية على مستوى الوطن لم تتغير، وحتّى مديرية الري التي كان عليها القيام بعملية شاملة لتنقية الأودية الرئيسية وكذلك الثانوية لم تتحرّك أمام غياب شبه كلي لمختلف الهيئات والإدارات الأخرى، ليبقى عمال النظافة التابعين للبلدية أو لمؤسسة "كلينسكي" وكذا أعوان الحماية المدنية يقومون بتدخلات تخص امتصاص مياه الأمطار، وتسريح البالوعات، إضافة إلى مديرية الأشغال العمومية التي تسهر على تنقية كل المجاري والقنوات، أمّا الجمعيات فأغلبها غير موجود إلا على الورق، أو تظهر في المناسبات لحاجة في نفسها. وقد أبدى العديد من المواطنين الذين تحدثت إليهم "المساء"، استياء كبيرا للوضع الذي تصير إليه سكيكدة عند تساقط الأمطار، ناهيك عن تدني المحيط، واهتراء كل الطرقات الرئيسية والثانوية، كما هو الحال بالشارع الرئيسي بمرج الذيب، وكذا على مستوى 20 أوت 55 ونهج هواري بومدين، وحي عيسى بوكرمة، و500 مسكن، وحي الإخوة ساكر وغيرها، ويطالب هؤلاء بضرورة فتح تحقيقات في العديد من المشاريع التي استفادت منها سكيكدة وفي جميع الميادين خاصّة وأنّ مدينة سكيكدة اصبحت كلّ سنة تفقد بريقها. وخلال اتصالنا برئيس البلدية السيد الشريف بودعاس، فقد أكّد لنا بأنّه يسهر شخصيا على مراقبة الوضع بمعية العمال من خلال العمل على تنظيف المدينة وتنقية البالوعات، ومن ثمّ إعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي، مضيفا ل«المساء" بأنّ وضع المدينة فيما يخص الفيضانات معروف منذ القدم، رغم ذلك فالبلدية تبذل جهودا كبرى لتفادي هذه الأخيرة، "والحمد لله هذه السنة بفضل تجنيد الجميع تمكّنا من امتصاص المياه على مستوى النقاط السوداء في حينها"، قال نفس المسؤول. في أوّل لقاء له مع رؤساء البلديات والدوائر ... والي سكيكدة يشدّد على ضرورة إحداث التغيير شدّد والي سكيكدة الجديد، السيد عبد القادر بن سعيد، على ضرورة إحداث التغيير المنشود والمطلوب في الحياة اليومية للمواطن، وذلك من خلال إعادة النظر في محتوى والأهداف المنتظرة من خلال إنجاز المشاريع التنموية التي لها صلة مباشرة بالمواطن، خصوصا تلك التي تمسّ مناطق الظل التي كما قال تنفرد بخصوصية تختلف عن باقي العمليات التنموية المحلية الاعتيادية بعنوان "مختلف مصادر التمويل". وخلال لقائه، نهاية الأسبوع، برؤساء الدوائر ورؤساء البلديات في أوّل اجتماع له منذ تنصيبه على رأس الولاية، دعا والي سكيكدة رؤساء البلديات خاصّة للعمل من أجل إعادة النظر في كل العمليات التنموية المسجلة لفائدة مناطق الظل، وذلك بالتركيز على سلم الأولويات في أيّة عملية تسجيل جديدة أو برمجة، حتّى تتسنّى لمصالح الدولة من استلامها قبل نهاية السنة الجارية.