سطرت مؤسسة "الشهيد العقيد زيغود يوسف" التاريخية، برنامجا علميا واحتفاليا ضخما، بمناسبة اليوم الوطني للهجرة، المصادف ليوم 17 أكتوبر 1961، يهدف إلى ترسيخ هذه الملحمة في ذاكرة الشباب، من خلال معارض كتب وصور وندوات وأفلام تسجيلية وغيرها، مع قراءة لمسرحية "أمسية باريس" التي تناولت الذكرى. أشار رئيس مؤسسة "زيغود يوسف"، الدكتور احسن تليلاني، إلى أن مجزرة باريس وقعت في حق المهاجرين الجزائريين الذين تم قتل الكثير منهم، عندما قامت إدارة الاحتلال بأوامر من محافظ شرطة باريس، المجرم موريس بابون، باعتقال مئات الجزائريين وتقييدهم بالأسلاك قبل القذف بهم أحياء في نهر السين. أضاف الأستاذ تليلاني أنه "للأسف الشديد، مازالت هذه المجزرة الرهيبة لم يكشف عن خيوطها، ولم يتم تصويرها لا أدبيا ولا سينمائيا ولا مسرحيا، حيث توجد مسرحية وحيدة صورت هذه المأساة، عنوانها "أمسية في باريس" للكاتب الشاب مجيد بن الشيخ المقيم في طوكيو باليابان، قام هو بترجمتها من الفرنسية إلى العربية ونشرها في كتاب "مختارات من المسرح الجزائري الجديد"، وتولى مسرح أم البواقي مشكورا تقديمها للجمهور". مسرحية "أمسية في باريس"، تم إنتاجها في إطار الاحتفالات الخاصة بالذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية، تناولت أحداث مجازر 17 أكتوبر 1961، والقمع الوحشي الذي أعقب المسيرة السلمية التي نظمتها الجالية الجزائرية، التي كانت مقيمة آنذاك بفرنسا، والتي رفضت من خلالها، حظر التجوال العنصري الذي فرضته الإدارة الفرنسية على الجزائريين، كما أظهر العرض، عملية إبادة البوليس الفرنسي لآلاف الجزائريين، خلال هذه المظاهرة التي استعملت فيها أبشع الطرق والوسائل، والأكثر من ذلك، أنها عملت بإلقاء ما تبقى من المتظاهرين في نهر السين. أخرج هذه المسرحية حسن بوبريوة، وشاركت فيها كوكبة لامعة من الممثلين، من بينهم الممثل المحترف كريم بودشيش، عبد الحميد الزواي، مراد باديس، عنتر زايدي، ياسمينة فرياك، إيناس بوسعيد وغيرهم. للإشارة، دعت مؤسسة "زيغود يوسف" إلى إدانة رموز العنصرية والعبودية والاستعمار، متوجهة للضمير الفرنسي كي يتحرك بشجاعة مثل الإنجليز، للاعتراف بما اقترفه آباؤهم وأجدادهم من جرائم في حق الشعب الجزائري، والجهر بحقيقة "المأساة الخرساء"، كما يقول كاتب ياسين، وهي المأساة التي تظل تلاحق الضمير الفرنسي حتى يواجه صرخة فيلسوفهم جون بول سارتر، الذي ألف كتابا كاملا عنوانه "عارنا في الجزائر"، هذا العار الذي تجسده العديد من الشخصيات الاستعمارية الفرنسية الملطخة بدماء آلاف وملايين الجزائريين الأبرياء منذ بداية الاحتلال سنة 1830، كما تثمن المؤسسة التوجه نحو تجريم الاستعمار من أجل عالم إنساني حر وعادل. يبقى البروفيسور أحسن تليلاني، رئيس المؤسسة، وفيا لهذه المواعيد التاريخية الهامة في ذاكرة الجزائريين، وهو لا يكل ولا يمل عن الكتابة في الشؤون التاريخية والأدبية، علما أن له ما يقارب ال 20 كتابا مطبوعا، تشمل أقاليم المسرح والأدب والترجمة والإعلام وأدب الأطفال، كما له عشرات الدراسات الأكاديمية، إضافة إلى مشاركاته المتعددة في إلقاء المحاضرات في مختلف المؤتمرات داخليا وخارجيا، وهو حاصل على جوائز وطنية وعربية، كما كتب سيناريو فيلم سينمائي كبير حول الشهيد زيغود يوسف، بإشراف وزارة المجاهدين، ومن بين مؤلفاته "أبوليوس لوكيوس - زيتونة المنتهى (مجموعة مسرحيات)- مختارات من المسرح الجزائري الجديد (ترجمة)- المسرح الجزائري والثورة التحريرية (دراسة)- الثورة الجزائرية في المسرح العربي (دراسة)- المسرح الجزائري، دراسات في الجذور التراثية وتطور المجتمع (بحث)- بانوراما المسرح في سكيكدة- الحداد الثائر، صفحات من سيرة الشهيد البطل زيغود يوسف، وغيرها.