دعا السيد عبد العزيز بوتفليقة المترشح للانتخابات الرئاسية القادمة الجزائريين والجزائريات إلى التصويت بقوة يوم 9 افريل المقبل "ولو بورقة بيضاء" من اجل الرد على الداعين إلى الامتناع والمقاطعة، والتأكيد على أن الجزائر لازالت حية، داعيا في سياق متصل الشعب إلى البقاء على العهد من أجل بناء الجزائر، وتحقيق الاستمرارية في الإنجازات والمكاسب، لا سيما مع وفرة الموارد والإمكانيات. وكان لاختيار المترشح بوتفليقة لولاية باتنة لتدشين حملته الانتخابية بمناسبة رئاسيات أفريل 2009، أكثر من دلالة، فصلها الرجل في خطابه خلال التجمع الشعبي الذي نشطه بالقاعة متعددة الرياضات "أول نوفمبر" بوسط المدينة، حيث أبلغ تحياته للجزائريين عامة ولسكان هذه الولاية التاريخية التي سجلت الانطلاقة الفعلية لشرارة الثورة التحريرية المجيدة، بمناسبة عيد النصر المصادف للتاسع عشر مارس، مستذكرا رفاق السلاح من أمثال الشهيد مصطفى بن بولعيد وقوافل الشهداء الآخرين "الذين لم يتكلم عنهم التاريخ وبقوا في خانة الجندي المجهول". وأسدى المترشح بالمناسبة تحية خاصة للرئيس السابق اليامين زروال الذي كان نجله حاضرا بالقاعة إلى جانب أعيان ومواطني الولاية والولايات المجاورة، وقال السيد بوتفليقة في كلمته "تحية مني إليكم إلى اعز أصدقائي في هذه الولاية وأخص بالذكر الأخ اليامين زروال الذي سبقني في هذه المسؤولية، عندما كانت الأوضاع صعبة جدا وكان واقفا وبذل جهودا كبيرة من اجل إنقاذ الجمهورية" . كما حيا المترشح الذي كان قد ترجل وسط مدينة باتنة واقترب من المواطنين الذين جاؤوا لاستقباله، كل الذين دفعوا أرواحهم الغالية من اجل الجزائر ودافعوا عنها أمام الإرهاب الأعمى، مذكرا بأنه كان ليكون من ضمن تعداد هؤلاء الشهداء الذين سقطوا في وسط المدينة خلال العملية الإرهابية التي استهدفت زيارته الأخيرة للولاية، لولا أن الله تعالى أراد غير ذلك. وفي سياق حديثه عن هذه الحادثة وغيرها من الأحداث الحالكة التي ميزت المأساة الوطنية، جدد المترشح تمسكه وحرصه على مواصلة تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مؤكدا بأن بناء الجزائر لن يكون بالعنف وإنما بتحقيق الأمن والسلم، وأن التجربة المريرة التي خاضها الشعب الجزائري، جعلته مقتنعا كل الاقتناع بأنه "لابد من المصالحة الوطنية"، ولا بديل عنها لبناء جزائر ليست ملكا للاستئصاليين ولا ملكا للذين يغالون في الإسلام، وإنما "الجزائر لكل الجزائريين". وبعد أن دعا إلى تلقين أطفال الجزائر وشبابها، ولاسيما منهم أولئك الذين بلغوا سن الانتخاب هذا العام، دروس المعاناة التي عاشتها الجزائر خلال سنوات الإرهاب الأعمى، قبل أن يمن الله عليها برحمته وخيره، اعتبر المترشح بأن واجب المجتمع أن يكون واضحا في اختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، مشيرا إلى أن ما يقترحه من جهته للشعب الجزائري، تترجمه الحصيلة وسلسلة الانجازات التي تحققت خلال السنوات العشر الأخيرة، "فتلك سلعة معروضة أمامكم إن وجدتموها جيدة فاشتروها وإن لم تجدوها كذلك تخلوا عنها"، مضيفا بأنه لم يأت للشعب بمناسبة الاستحقاقات القادمة "بقرآن جديد" وإنما بأفكار تضمن الاستمرارية فيما تحقق. وعرج بالمناسبة على الخطوط العريضة للبرنامج الذي ينوي تجسيده في المرحلة القادمة إن نال ثقة الشعب في الرئاسيات المقبلة، مشيرا بالأساس إلى استحداث 3 ملايين منصب شغل ومواصلة جهود التقليص من البطالة، وبناء مليون وحدة سكنية جديدة، مرتكزا في تأكيده على إمكانية الوفاء بهذه العهود بما تحقق خلال عهدتيه الأخيرتين، لاسيما في مجال عودة الطمأنينة في نفوس الجزائريين وإلى ربوع الوطن، وتسديد الجزائر لمديونيتها الخارجية، وعودتها إلى مكانتها المرموقة بين الأمم، وتجسيدها لبرامج طموحة من اجل التنمية مما سمح "بتدارك العجز والتأخر في المشاريع التي كانت مسجلة منذ الثمانينيات، بالرغم من انتقادات المشككين"، وأشار المترشح في هذا الصدد إلى تقليص نسبة البطالة من 30 إلى 10 بالمائة من خلال استحداث 6 ملايين منصب شغل، وانجاز 1,5 مليون وحدة سكنية، ومنشآت قاعدية وهياكل التعليم تحضيرا لاستقبال مليوني (2) طالب في آفاق 2015 . وفي حين أجاب السيد بوتفليقة على "الذين يقولون بأن في هذه الانتخابات هناك مؤازرة لفلان على حساب فلان رد بالقول إن "المؤازرة لن تكون إلا من قبل الشعب يوم الإقتراع"، ولخص خطاب حملته الانتخابية في أول أيامها في رسالتين، "الأولى هي أن نجيب على الذين يدعون إلى الامتناع عن التصويت، بالذهاب بقوة للتصويت يوم الإقتراع، ولو بورقة بيضاء، وذلك من اجل أن نبين لهم بأن الجزائر حية" أما الرسالة الثانية فقد ضمنها المترشح دعوة الشعب الجزائري إلى البقاء على العهد لبناء البلاد، لا سيما مع وفرة الإمكانيات والموارد المقدرة ب150 مليار دولار"، ليطلب في الأخير من سكان الأوراس الأشم وكل المناطق المجاورة للمنطقة مساندته ومؤازرته في اقتراع أفريل المقبل. ونفس الرسائل حملها المترشح عبد العزيز بوتفليقة إلى مواطني ومواطنات ولاية بشار وولايات الجنوب الغربي المجاورة، الذين جاؤا لاستقباله من البيض والنعامة وأدرار وتندوف، حيث التقى المترشح بأعيان وممثلي فعاليات المجتمع المدني بهذه المناطق ببهو دار الثقافة بمدينة بشار، وعرض عليهم بعض المحاور الكبرى لبرنامجه الرئاسي مع التأكيد على أنه سيحرص على ضمان كل الحقوق المكفولة للمرأة الجزائرية، قائلا في هذا السياق "مادمت هنا فإن حقوق المرأة لن تهضم" ليجدد لهم الدعوة إلى الذهاب بكثافة إلى صناديق الإقتراع يوم 9 أفريل المقبل، وتأدية واجبهم الانتخابي "مهما كانت الظروف"، وذلك لإبلاغ المجتمع الدولي بأن "الشعب الجزائري استفاق من محنته". وفيما ذكر بحالة الحصار التي عانى منها الشعب الجزائري بفعل تلك المحنة التي خرج منها بفضل تطبيق سياسة المصالحة الوطنية، أشار المترشح المستقل إلى أن الجزائر "التي واجهت في السنوات الأخيرة وببرودة أعصاب، البلاء الذي جاءها من الخارج، لن تتدخل في سياسات الغير ولا تريد ان يتدخل الغير في سياساتها" مؤكدا بأن كل الإنجازات التي تحققت خلال العهدتين الرئاسيتين هي انجازات كل الجزائريين وإنها لم تكن لتكون لولا الثقة التي وضعها فيه الشعب والمساندة التي لقيها منه، وفي هذا الصدد أوضح أنه اختار التقدم للانتخابات الرئاسية بصفة المترشح المستقل، حتى يكون ممثلا لكل الجزائريين ولا يغضب أي جهة من الجهات، "بالرغم من أنني شربت من لبن جبهة التحرير الوطني وعملت وناضلت مع إطارات من التجمع الوطني الديمقراطي، كما يعرفني كل الناس على أنني رجل زاوية" ودعا المترشح في الأخير الشباب الجزائري للاستعداد للعب دور اكبر في تنمية البلاد وحمل المسؤولية، مؤكدا بأن الجزائر لن تهجر أبناءها لا سيما وأنها اختارت المصالحة الوطنية بتزكية من الشعب وبرضاه.