يُعكف حاليا على مستوى وزارة الداخلية والجماعات المحلية على الإعداد للقانون الخاص بالمقاومين المعروفين ب" الباتريوت" يضمن لهم حقوقهم ويعترف بدورهم كطرف فعّال حمل السلاح لمحاربة الإرهاب في أوج سنوات الجحيم الذي عاشته الجزائر إلى جانب قوات الجيش والأمن. ومن المنتظر حسب احد قادة المقاومين السيد ادريس زيطوفي في لقاء مع "المساء" أن يصدر هذا القانون الذي سيشمل أزيد من 200 ألف مقاوم خلال هذه الصائفة. من بين ما ينص عليه رفع راتب المقاوم إلى 24 ألف دينار إضافة إلى الإدماج ضمن شبكة الضمان الاجتماعي وبأثر رجعي اعتبارا من جانفي 2009 . ويشمل هذا القانون الذي لا طالما طالب به المقاومون -حسب السيد إدريس زيطوفي- كل الذين حملوا السلاح ضد الإرهاب سواء الذين يعملون ويتنقلون مع الجيش ويشاركون في مختلف العمليات كالتمشيط ونصب الكمائن والحواجز الأمنية أو أفراد الدفاع الذاتي الذين يتموقعون حيث يقطنون ولا يتنقلون مع قوات الجيش. وسيستفيد المقاومون الذين قدرهم السيد زيطوفي بأزيد من 200 ألف مقاوم موزعين على مختلف أنحاء الوطن وبمقتضى هذا القانون الذي يجري حاليا إعداده على مستوى وزارة الداخلية من طرف شخصيات مطلعة على ملف هذه الفئة ومسارها من جملة من الحقوق، اطلعت "المساء" على البعض منها تتمثل في التكفل بعائلات المقاومين الذين قتلوا أثناء مواجهتهم الإرهاب والمقاومين الذين أصيبوا بعاهات، كبتر الأرجل أو السيقان وهي الحالات المسجلة بكثرة في صفوف هذه الفئة. وقد أعطى محدثنا في هذا الصدد مثالا عن مجموعة المرحوم "عمي المخفي" احد قادة المقاومين الذين نشطوا بمنطقة الزبربر بالاخضرية والتي سجل ضمنها 90 حالة بتر للأرجل . ومن أهم ما تضمنه مشروع القانون الذي طالب به المقاومون منذ سنوات رفع الراتب الشهري الذي يتقاضاه عدد كبير من المقاومين من 11 ألف دينار إلى 24 دينارا شهريا. علما أن هذا المبلغ الذي يفضل المقاوم إدريس زيطوفي تسميته بمنحة تعويض كانت حددت في سنة 1996 ب8 آلاف دينار لترفع سنة 1999 إلى 11 ألف دينار وهي منحة غير كافية بالنظر إلى العمل الذي تقوم به هذه الفئة. مع الإشارة إلى أن عددا كبيرا ممن حملوا السلاح في وجه الإرهاب بطالون وبلا مدخول، مما قد يسمح القانون الجديد بإنصافهم وضمان حقوقهم كباقي زملائهم. علما أن ثلثي عدد المقاومين حاليا إما أنهم ينشطون في عملهم الأصلي كالفلاحة وغير ذلك وإما أنهم عاطلون. من جهة أخرى سيصبح من حق المقاومين المندمجين ضمن سلك الحرس البلدي أو الشرطة أو غيرها من الأجهزة الأمنية المختلفة الاستفادة من شبكة الضمان الاجتماعي وذلك بأثر رجعي ابتداء من جانفي 2009 وبالتالي حق العلاج وتعويض تكاليف الأدوية وغيرها من امتيازات الضمان الاجتماعي. ويأمل عميد المقاومين السيد زيطوفي في أن يتكفل القانون الجديد الذي سيصدر خلال صيف 2009 بأرامل المقاومين وعائلاتهم والمسنين الذين لا يمكنهم الاستمرار في حمل السلاح إضافة إلى أولئك المسلحين الذين توفوا بعد مرض خارج ميدان المعركة. واسترجع محدثنا من جهة أخرى تجربة، كان الغرض منها إدماج فئة المقاومين في الحياة العملية، حيث تم توظيف في فترة سابقة البعض منهم كحراس لدى بعض المؤسسات العمومية والخاصة إلا أن المحاولة باءت بالفشل بعد ظهور شركات الحراسة المعتمدة والتي تخلت عن هؤلاء بعد أن قامت بتوظيف حراس آخرين بدلهم. ويعتقد المتحدث انه رغم توظيف عدد كبير من المقاومين في سلك الحرس البلدي وهي تجربة جيدة إلا أن الصيغة التي تعتبر أكثر ملاءمة للكثير من المقاومين حاليا هي اعتمادهم كحراس على مستوى المؤسسات العمومية منها والخاصة وهو الاقتراح الذي تقدم به السيد زيطوفي لوزير الداخلية في رسالة وجهها له مؤخرا. وعبر محدثنا عن ارتياحه بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة والوزير الأول السيد أويحيى وكذا وزير الداخلية السيد زرهوني خلال دورة من دورات المجلس الشعبي الوطني والتي أجمعوا فيها بأن الجزائر لا يمكن أن تتخلى عن أبنائها الذين حملوا السلاح للدفاع على البلاد وإنقاذها من جحيم الإرهاب وتعهدوا بإيجاد الصيغة الملائمة للتكفل بهؤلاء المقاومين في اقرب وقت ممكن مما أثلج صدور مئات الآلاف من الجزائريين الذين واجهوا جحيم الإرهاب بصدورهم. "وها هي الدولة قد وفّت بعهدها وهي تحضر للنص القانوني الذي سيمنح هذه الفئة حقوقها ويعترف لها بالجميل وبالدور الفعال الذي قامت به إلى جانب قوات الجيش والأمن.