❊ ملامح خارطة سياسية في الأفق..والأحزاب تستعدّ للتكيّف ❊ التغيير ينهي عهد "الشكارة" و"الكوطة" ويعيد الكلمة للشعب تؤشر الاستقبالات التي خصّ بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون عددا من قادة الأحزاب السياسية، منذ عودته من رحلته العلاجية الثانية لتغييرات في الخارطة السياسية برأي متابعين للشأن السسياسي، على ضوء تصريحات بعض "ضيوف" الرئيس، كان يعتزم البت فيها قبل نهاية السنة الفارطة لولا إصابته بفيروس كورونا، ما استدعى تنقله إلى ألمانيا لتلقي العلاج لأسابيع. غير أن إصرار الرئيس على إعداد مشروع قانون الانتخابات في أول تدخل له من ألمانيا بعد تعافيه من الوباء، قد فتح المجال أمام عدة تحليلات وتوقعات أجمعت في مجملها على أن حلّ البرلمان وإجراء التعديل الحكومي، سيكون من ضمن أولويات رئيس الجمهورية في السنة الثانية من عهدته الرئاسية، من أجل استكمال التغيير والإصلاحات الشاملة. ويراهن متتبعون على أن الساحة السياسية الوطنية ستشهد خلال الأيام القريبة حدثين هامين في ظل الصبغة السياسية التي أضفاها الرئيس على نشاطه منذ عودته إلى أرض الوطن، حيث حرص على الاستماع إلى قادة أحزاب سياسية تمثل الاتجاهات الوطنية، الإسلامية والعلمانية، أدلوا بدلوهم إزاء الانشغالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، وقدموا للرئيس مقترحاتهم. مواصلة إحداث تغييرات سياسية إلاّ أن تركيز ممثلي الأحزاب وهي حمس، والإصلاح الوطني، وجيل جديد، وجبهة المستقبل، والافافاس وحركة البناء، على ضرورة الإسراع في إحداث تغييرات سياسية وإجراءات اجتماعية، قد استحوذ على فحوى هذه اللقاءات، خصوصا وأن تصريحاتهم كشفت بأن الرئيس تبون مقبل على قرارات هامة في قادم الأيام. وأكثر ما عزّز هذا الطرح هو استقبال رئيس الجمهورية، أول أمس، لرئيس لجنة مراجعة قانون الانتخابات أحمد لعرابة لعرض حصيلة التوجيهات المستخلصة من دراسة مقترحات الأحزاب في إطار إثراء المشروع التمهيدي لقانون الانتخابات، ما يؤكد بأن البت في قرارات حاسمة بخصوص إجراء الانتخابات النيابية بدأ فعلا يدخل العد التنازلي. وإذا كانت تصريحات ممثلي بعض الأحزاب الذين حظيوا بهذه الاستقبالات، قد تباينت في تحديد موعد حلّ البرلمان، حيث أعطى رئيس حزب جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد تاريخ 18 فيفري الذي يصادف يوم الشهيد، في حين أرجأ جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد موعد إجراء الانتخابات النيابية المسبقة إلى شهر جوان القادم، فإن الكرة تبقى في مرمى الرئيس تبون الذي يكون قد استجمع كافة انشغالات الأحزاب السياسية لاتخاذ قراراته الحاسمة. كما أن حل البرلمان يندرج في سياق صلاحيات الرئيس في إدراج تغييرات سياسية، وقد سبق له أن أكد على مجموعة من الشروط في ممارسة العمل البرلماني وذلك خلال حملته الانتخابية، وبعد انتخابه رئيسا للجمهورية، في إطار استعادة مصداقية الهيئة التشريعية على غرار التخلي عن نظام "الكوطة" مقابل اشتراط المستوى الجامعي. ويطرح مراقبون سيناريوهات حول إمكانية تسبيق الرئيس لحل البرلمان قبل المصادقة على قانون الانتخابات، في حين يرى آخرون أن ذلك قد ينتج عنه "فراغ مؤسساتي"، ما يستدعي أولا تمرير قانون الانتخابات على البرلمان للمصادقة عليه، وهو ما يثير حالة "السيسبانس" في انتظار الحسم في القرار. تكريس رؤية جديدة في الممارسة السياسية والمؤكد حسب متابعين، أن الأحزاب التي استقبلها رئيس الجمهورية تطمح لأن يكون لها نصيب في إطار التشكيلة البرلمانية القادمة، والتي يسيطر عليها حاليا حزب جبهة التحرير الوطني والتجمّع الوطني الديمقراطي "المغضوب عليهما" شعبيا بسبب إخفاقاتهما خلال العهد البائد. وإذ لا يُستبعد وجود تشكيلة فسيفسائية في الهيئة التشريعية القادمة التي تنتهي عهدتها "قانونا" في ماي 2022، إلا أنه يمكن المراهنة على وجود تنافس بين الأحزاب الوطنية التي أبدت عدم رضاها عن نشاط بعض النواب الحاليين إزاء ملفات اجتماعية محضة. أما بخصوص تغيير الحكومة أو إخضاعها لعملية جراحية، فهو أمر وارد أيضا، بناء على مؤشرات واضحة، حيث سبق للرئيس تبون وأن لمح لذلك قبل مغادرته البلاد من أجل رحلة علاجية ثانية بألمانيا، عندما قال إن "الحكومة فيها وعليها"، بل عبر عن عدم رضاه لسير بعض القطاعات خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، منتقدا إياها لعدم مسايرتها السرعة القصوى في تجسيد ما هو مطلوب منها. وقد عزز التعديل الوشيك لحكومة عبد العزيز جراد، تصريحات بعض ممثلي الأحزاب الذين استقبلهم تباعا رئيس الجمهورية، وقبلهم وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر، عندما أقر في حديث ل"المساء" بفشل بعض الدوائر الوزارية، مضيفا أن عجزها يستدعي مراجعة عاجلة لأداء الجهاز التنفيذي ومعالجة النقائص. حكومة تكنوقراطية أم سياسية؟ غير أن السؤال يبقى مرهونا بتوقيت إدخال هذه التغييرات، أي هل سيكون قبل أو بعد تنظيم الانتخابات النيابية، وهل ستكون حكومة تكنوقراطية أم سياسية، في الوقت الذي لمح فيه رئيس حزب جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد بأن المنطق يقتضي أن تكون الحكومة ائتلافية. كما أن السؤال الذي يطرحه ملاحظون أيضا هو هل ستكون حكومة مؤقتة أي "تصريف أعمال" إلى غاية تنظيم الانتخابات التشريعية ليتم عندها تشكيل حكومة جديدة من الأغلبية وفق ما ينص عليه الدستور الجديد؟. وتبقى هذه التساؤلات مثار جدل بين متتبعي الشأن السياسي الوطني، الذين يترقبون أي إعلان لرئيس الجمهورية بهذا الخصوص قريبا.