عاش باكستان أمس شللا تاما بعد أن أغلقت المدارس وكل الهيئات العمومية أبوابها ولكن الجو أخذ مسحة حزينة بنفس درجة الكارثة التي ألمت بالبلاد وفتحت مستقبله أمام ذلك المصير المجهول الذي حذرت منه المعارضة والحكومة على السواء· وكانت المواجهات الدامية التي اندلعت مباشرة بعد عملية اغتيال بنظير بوتو بمثابة اشارة انذار لتوسع رقعة المواجهات إلى مختلف كبريات المدن في البلاد بين أنصار الفقيدة وقوات الأمن التي سعت إلى فرض النظام في بلد معقدة معطياته القبلية والسياسية وحتى الاقليمية والدولية· واستشعرت الحكومة الباكستانية توسع المواجهات واستمرارها لأيام مما دفعها إلى إعطاء أوامرها لقوات الشرطة بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في مدينة كراتشي إحدى أكبر المدن الباكستانية·وقال قائد القوات شبه العسكرية الرائد أثار علي أمس أنه أعطى أوامر لعناصره بإطلاق النار على من أسماهم المارقين الذين يقومون بوضع أمن البلاد في خطر أو يهاجمون البنايات أو الممتلكات الخاصة· وكانت المواجهات أكثر ضراوة صباح أمس ولليوم الثاني على التوالي في مختلف المدن الباكستانية في ظل مؤشرات لتصعيدها خلال الأيام القادمة وخاصة وأن أنصار فقيدة الأمة الباكستانية شعروا بأنهم فقدوا رمز نضالهم من أجل المساواة والعيش الرغيد في بلد تعددت مشاكله الاقتصادية والسياسية والأمنية وأصبح تقاطعها يهدد بتفككه الوشيك·وعرفت مقرات الهيئات الرسمية وسيارات الشرطة عمليات تخريب وحرق من كل المدن الباكستانية وكذا مقرات الحزب الحاكم من طرف أنصار زعيمة حزب الشعب واستنكاراً لاغتيالها رافعين شعارات "بوتو مازالت حية"· وخلفت أعنف المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين الى حد الآن مصرع 32 شخصا في حصيلة تبقى مفتوحة وسط تنامي السخط العام بعد أن حمل المتظاهرون مسؤولية مقتل زعيمتهم على السلطات الحكومة وشخص الرئيس برويز مشرف تحديدا· وتخشى هذه السلطات اشتداد المواجهات وخاصة في مدن كراتشي في منطقة بلاد السند الجنوبية ولاهور أكبر مدن شمال شرق البلاد وبيشاور على الحدود الأفغانية والتي تضم أكبر معاقل حزب الشعب بالإضافة إلى العاصمة إسلام أباد· وتحسبا لأي تطورات غير محسوبة العواقب وضعت مختلف أجهزة الأمن الباكستانية في حالة تأهب قصوى لمواجهة أي طارئ·