أدخلت عملية اغتيال رئيسة حزب الشعب الباكستاني بنظير بوتو نهاية الأسبوع، باكستان في مصير مجهول العواقب وفتحت الباب أمام كل الاحتمالات باتجاه الأسوأ في بلد لا يعرف الاستقرار·واغتيلت زعيمة حزب الشعب في باكستان ظهر الخميس في أعنف عملية انتحارية استهدفتها في مدينة رو البندي من طرف مجهول تمكن من إطلاق النار عليها قبل أن يفجر نفسه على مقربة منها مما أودى بحياتها وحياة أكثر من 20 شخصا معظمهم من حراسها الشخصيين· وفتحت السهولة التي تم بواسطتها تنفيذ هذه العملية الباب أمام الكثير من التساؤلات حول الجهة التي خططت ودبرت لعملية الاغتيال ،خاصة وأن منفذها لم يترك وراءه أي أثر يمكن اعتماده للشروع في التحقيقات التي يمكن أن تساعد في تحديد المستفيدين الفعليين من عملية الاغتيال· وإذا كانت أصابع الاتهام وجهت مباشرة الى تنظيم القاعدة والاسلاميين المتشددين في باكستان بالنظر إلى التقنية المستعملة، فإن ذلك لا يمنع من القول أن ذلك ربما يبقى مجرد غطاء استغلته أطراف داخلية أو خارجية للتخلص من شخصية سياسية أبدت طموحا مفرطا في العودة إلى مقاليد السلطة في اسلام أباد بعد تغييب دام ثماني سنوات· ولكن تقنية الفعل الانتحاري يمكن اعتبارها أيضا بمثابة توقيع من تنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية التي تكن عداءً كبيرا لبنظير بوتو تماما كما هو الحال بالنسبة للرئيس الحالي برويز مشرف أو منافسه الوحيد نواز شريف وتقاطعت عدة معطيات في المدة الأخيرة لتصب في اتجاه المنحى الذي أخذته أصابع الاتهام، فعلمية الاغتيال نفذت يومين فقط بعد وعيد بنظير بوتو بالقضاء على المتشددين الإسلاميين واتهامها للرئيس مشرف بعدم الحراك الجدي لفعل ذلك كما أنها جاءت بعد أن أكدت قبل أيام أنها لا تشعر بالأمان ولنقص الحماية الشخصية لها من طرف السلطات الباكستانية، ومما يؤكد أنها كانت خائفة على حياتها رغم مغامرتها بتنظيم تجمعات شعبية ضخمة بما يحمله كل ذلك من مخاطر· ويضاف إلى ذلك لقاءها يومين قبل استهدافها الرئيس الأفغاني حميد كرازي وهي رسالة مشفرة ولكن خيوطها سهلة الفهم وتؤكد أن كابول مستعدة لتعاون أكبر مع إسلام أباد لمحاربة طالبان والقاعدة في حال وصول بنظير بوتو إلى سدة السلطة بعد الإنتخابات العامة بداية العام القادم· ويبقى طرح هذه التخمينات في وقت نفت فيه الحكومة الباكستانية وجود بيان باسم تنظيم القاعدة بتبني عملية الاغتيال· ولكن المؤكد أن رمز نضال المرأة الباكستانية لأكثر من عقدين وأمل البسطاء وفقراء باكستان كانت مستهدفة ولكنها لم تحتط لذلك بالكيفية اللازمة وكان عليها أن تفهم رسالة السيارة الملغمة التي انفجرت في طريق موكبها يوم عودتها من منفاها وخلفت مقتل 150 شخصا، والأكيد أيضا أن بنظير بوتو التي "رضعت" خفايا السياسة من والدها لم يكن خافيا عليها كل ذلك ويبدو أن حكم القدر كان أكبر من أية احتياطات تتخذها، بل إنه القدر الذي حكم على آل بوتو لأن تكون نهايتهم مأساوية ولكنها ستخلدهم في نظر عامة الباكستانيين·