ساعات قليلة تفصلنا عن موعد حلول السنة الجديدة··هذه السنة التي تحمل اسم 2008 في السلم الزمني ··· إنه رقم جديد يقتحم حياتنا حاملا معه الكثير من المفاجآت ·· الآمال ···الأماني وكذا الخوف من المستقبل ، وتزامنا مع هذا الحدث يشهد الشارع الجزائري جملة من التحضيرات لاستقبال السنة الجديدة، حيث يقصد العشرات من المواطنين الأسواق الموزعة هنا وهناك لشراء مختلف أنواع المكسرات، الشكولاطة، "التراز" أو الحلويات المشكلة التي عرضها الباعة بأسلوب مغر يسيل لعاب المستهلك المتعطش إلى مثل هذه الإحتفالات التي لها أثر خاص في نفسيته· حذاء السندريلا ··· الدب الضخم··· وشكولاطة الفيرارو روشي الباهظة الثمن كلها تربعت على طاولات باعة الحلويات الذين انتشروا في قلب الأسواق الشعبية كسوق ميسوني بالعاصمة وأسواق ساحة الشهداء وبزنقة العرب" ببوفاريك، حيث تظهر آليات المنافسة بين التجار الذين يجدون في المناسبة فرصة للربح السريع، حيث يصل ثمن حفنة من الحلويات المشكلة ببعض حبات الفول السوداني وحلوى الكبريس واللبان إلى 200دج ، طبعا هذه الأسعار تخص البسطاء وأصحاب الدخل الضعيف حيث عرضت بنفس الطاولات مختلف أنواع المكسرات على غرار الفستق، اللوز، البندق ،الجوز التي اختلفت أسعارها بين 1000دج و1300دج للكيلو الواحد· ولعل أكثر ما يميز فلسفة الشوق للقاء السنة الجديدة هو بصيص الأمل المرسوم على محيا وشفاه الشباب والكبار الذين يرون في السنة الجديدة فال خير وسنة من المكاسب والنجاحات، حيث انطلقت عملية التهاني للعام الجديد مبكرا هذه السنة عبر رسائل "أس أم أس" التي حمل معظمها كلمات التهاني مرفقة بالدعاء للأحبة والأهل· وخلال جولتنا بالأسواق إستوقفنا بعض المواطنين لمعرفة آمالهم وطموحاتهم في العام الجديد كانت البداية مع السيدة مهدية من بلكور وهي امرأة خمسينية وأم لثلاثة أطفال تقول لقد "فاتت" 2007 وتركت الكثير من الذكريات السعيدة والتعيسة أيضا ، وأنا شخصيا أتمنى أن يحصل ابني وليد على شهادة الليسانس وأن تكتمل فرحة ابنتي "وردة" بمولود خصوصا أنها متزوجة منذ أربع سنوات ولم تحل بعد وأن يحصل ابني يوسف على وظيفة خصوصا أنه يريد الإستقرار، وقبل هذا وذاك أكبر أمنياتي هي أن تكون الأم العظيمة " الجزائر بخير·" أما مراد الذي اقتنى كميات كبيرة من الحلويات والتي يريد الاحتفال من خلالها " بالتراس" لوضعها فوق جسد مولوده الصغير بالجفنة - حسب العادات الجزائرية يرى أن هذا الإحتفال بالنسبة له لا يتعدى خلق أجواء من المرح والبهجة في أجواء البيت خصوصا أنه رزق بطفله الثاني مند ثلاثة أشهر، وعن أمنياته قال" لست أريد أكثر من الصحة والهناء لي ولأفراد عائلتي الذين أحبهم كثيرا فالصحة تاج لا يعرف وميضه إلا المرضى ·· والهناء للوطن لأن سعادتنا مرتبطة به طبعا· وبمرح الشباب إلتف حولنا عبد النور وكمال شابين في العشرين من العمر بساحة الشهداء وأجابا على السؤال بالكثير من الأمل الممزوج بالحزن، حيث عرج كمال على وضعه الأسري المزري خصوصا أن والديه مطلقان ما يضطره لتحمل مسؤولية الإنفاق إلى جانب والدته الماكثة بالبيت من خلال "بيع الملابس النسوية في الأسواق يقول" لقد كانت السنوات الماضية قاسية جدا علي ·· فقد حرمت من الدراسة واضطررت لدخول عالم الشغل في سن مبكرة جدا لكني لم أفقد الأمل بعد في الحصول على وظيفة أو السفر للعمل في الخارج·· حتى أودع الفقر للأبد ··· خصوصا أن ذكريات الفقر والحاجة تكتم على أنفاسي ·· أرغب في تغيير حياتي بالعمل " يقاطعه عبد النور " الكثير من الموجودين هنا اضطرتهم الظروف الصعبة لتحمل المناخ سواء الحر الحارق في الصيف أو البرد القارس الذي يسبب الوخز في أطراف الأصابع في فصل الشتاء·· كل ما نريده هو وظيفة مستقرة للعيش بسلام وتحقيق أحلامنا كالزواج والسفر وغيرها من الأشياء التي يحلم بها الشباب في سننا · أما نوارة موظفة تفضل استقبال العام الجديد بالدعاء والتضرع للّه العلي القدير بأن يجعله عام خير وسلام على الجزائر تقول" لست أطلب أكثر من الأمان والعيش بسلام في جزائر الشهداء ·· فكلما كان الشخص مرتاحا نفسيا كان مردوده في العطاء أكثر·· كما أتمنى أن تكون هناك التفاتة للشباب الذي يبحث عمن ينتشله من بؤر الضياع والإنحراف··· كونه محاصرا بشبح المخدرات القاتل وهاجس "الحرافة "الذي أستل أرواح العشرات في عرض البحر ··· وحلم الحصول على وظيفة لتأمين متطلبات الحياة التي أصبحت جد صعبة في أيامنا"· أما شوقي شاب مرح في الثلاثين من العمر التقيناه بمحل بيع لوازم وديكور الزينة· والذي اختار كوكتال من البالونات الضخمة المختلفة الأحجام والألوان والتي يريدها أن تكون جاهزة ليلة الإحتفال التي ستحتضنها أسوار بيته بحضورأصدقائه يقول " أنا جد متفائل بهذه السنة الجديدة والتي أريد استقبالها في أجواء من المرح والضحك تيمنا بمستقبل سعيد على كل الأصعدة·"