يتواصل تحايل بعض المقاولين العقاريين على المواطن البسيط، الذي أوقعته رحلة بحثه الشاقة عن سكن لائق في شباك محترفي النصب والاحتيال، في غياب رقابة صارمة لردع المتلاعبين الذين لم يأبهوا بمعاناة ضحاياهم في سبيل الحصول على ابسط حقوقهم في الحياة الكريمة، ألا وهو الحق في السكن، فأخذوا منهم المال والحلم وتركوهم يتخبطون في دوامة قوانين لا تحمي المغفلين، ولعل ما حصل بالتعاونية العقارية المسماة " 8 ماي 1945" بزرالدة، نموذج حي للتحايل من جهة وغياب الرقابة من جهة أخرى. ... وقد تحولت فرحة خمس عائلات في الحصول على سكن، خاصة مع اقتراب تسلمهم مفاتيح سكناتهم الجديدة، إلى كابوس تبخر من خلالها الحلم الجميل وضاعت معه "تحويشة" العمر بعد أن أقصيوا من المشروع، في الوقت الذي كانوا ينتظرون تسلم مفاتيح سكناتهم مما دفع المستفيدين إلى اللجوء للقضاء. وكان الضحايا الخمسة قد انخرطوا في التعاونية العقارية المسماة " 8 ماي 1945 " منذ ما يزيد عن أربعة أعوام، التزموا خلالها بكل الإجراءات اللازمة والمتفق عليها في العقد الموثق، الذي وقعته الأطراف المستفيدة وصاحب التعاونية، بالإضافة إلى تسديدهم الأقساط المالية من كلفة المسكن المحجوز عند التسجيل في شكل دفعات تتراوح بين 2.5 مليون دينار و2.9 مليون دج من مجمل التكلفة الإجمالية للسكن والتي تفوق 3.5 مليون دج... غير انه وبعد مرور فترة زمنية توقفت خلالها أشغال البناء بالمشروع، بدأ المستفيدون يطالبون رئيس التعاونية بالوثائق الخاصة بالمشروع السكني، خاصة ما تعلق بتراخيص البناء، هذه الأخيرة التي اتضح أنها لا تصلح إلا لإنجاز قبو وطابق أرضى وطابقين تشكل عمارة متكونة من مستودع وخمسة مكاتب وعشرة مساكن، بموجب رخصة البناء التي تحمل الرقم 38/2003 الصادرة عن بلدية زرالدة، في حين يتكون المشروع السكني من 15 مسكنا، وهو ما يعني أن هناك خمسة مساكن إضافية كانت ستنجز دون رخصة بناء وبشكل فوضوي. للعلم، فإن الأرضية التي أنجز عليها المشروع تابعة لأحد الخواص الذي تنازل عنها لصالح المشروع، على أن يكون القبو والمحلات التجارية المشكلة للطابق الأرضي من نصيبه، ويتكفل صاحب التعاونية ببنائها. ويقول المعنيون، أنهم بعد اكتشافهم الأمر، سارع صاحب التعاونية العقارية إلى تبرير الوضع وإيجاد تفسيرات للضحايا.. مؤكدا لهم أن البلدية وعدته برخصة ثانية لإتمام بناء الطابق الثاني، الذي لم يدرج ضمن الرخصة الأولى، غير انه وبعد أن تعذر عليه استصدار الرخصة لإتمام أشغال البناء، فاجأهم بقرار آخر يقضي بإقصائهم النهائي من التعاونية وتعويضهم للمبالغ المدفوعة مع خصم نسبة 5 % من المبلغ المعوض ليتبخر حلم الضحايا بعد مرور سنوات من الانتظار. للإشارة، فقد اتصلنا برئيس التعاونية العقارية السيد م. عبد العزيز لمعرفة روايته للحادث، وبدا مرحبا في بادئ الأمر وحدد لنا موعدا لتفسير ادعاءات الضحايا - حسبه - لكنه سرعان ما تراجع عن الموعد بعد أن نصحه محامي التعاونية بعدم الإدلاء بأي تصريح للصحافة. ويطلب اليوم الضحايا من العدالة، أن تعيد إدراج أسمائهم ضمن المستفيدين، لأنهم الأحق بالسكن بعد أن انتظروها طويلا.. مشيرين إلى أن تعويضهم بأموالهم لا يعني إنصافهم، فالإنصاف الحقيقي هو تسلمهم مفاتيح سكناتهم.