لا يزال التونسيون، ثلاثة أيام بعد قرارات الرئيس، قيس سعيد بتجميد البرلمان وإقالة الحكومة، في انتظار خارطة طريق احتواء الأزمة السياسية المتفجرة في بلدهم وسط قلق داخلي وحتى خارجي من تداعيات إطالة أمد تجميد نشاط البرلمان على وضع عام متفاقم على كل المستويات. وإلى غاية أمس، واصل الرئيس قيس سعيد توليه المهام التنفيذية في انتظار تعيين رئيس حكومة جديد خلفا لهشام المشيشي المقال والذي أكد استعداده تسليم السلطة بطريقة سلسلة للشخصية التي يعينها رئيس الجمهورية. وبحسب متتبعين للشأن التونسي فإن الرئيس سعيد الذي فرض موقفه على الوضع مطالب بالحذر في اختيار وزير أول وحكومة جديدة من أولى أولوياتها العمل على تحسين ظروف معيشة التونسيين. ورغم أن قراراته "الجريئة" حظيت بدعم أطراف تونسية على غرار الاتحاد العام للعمال ونسبة كبيرة من الشارع التونسي، إلا أن أصوات عديد مؤسسات المجتمع المدني بدأت تحذر من مغبة إطالة أمد تجميد نشاط البرلمان. وطالبت الرئيس باحترام مضمون المادة 80 من الدستور التي استند إليها في إصدار قراراته والتي تمنحه مهلة شهر فقط لتجميد البرلمان. من جهتها جددت حركة النهضة صاحبة الأغلبية البرلمانية، أمس، مطالبتها الرئيس سعيد، بالعدول عن قراراته وخاصة تلك المتعلقة بتجميد البرلمان لمدة شهر ورفع الحصانة عن نوابه. وقال نورالدين بحيري أحد قادة الحركة، إن هذه الأخيرة قررت مواصلة نضالها السلمي لإفشال مشروع الرئيس سعيد ودعاه إلى الرجوع عن قراراته. ويرى مسؤول أهم تشكيلة سياسية على الساحة التونسية أن "البلاد بحاجة إلى تضامن وطني وليس إثارة قضايا نزاعية تفرق المجتمع وتعزل تونس على المستوى الدولي". وكانت النهضة اقترحت الذهاب لانتخابات تشريعية ورئاسية مسبقة لإخراج البلاد من أزماتها، لكنها ترى أنه قبل مباشرة هذه الخطوة يتعين رفع التجميد عن البرلمان لتمكينه من ممارسة أنشطته باعتباره هو "حامي الدستور". وفي خضم التطوّرات السياسية المتسارعة في تونس، فتح القضاء تحقيقا ضد ثلاث تشكيلات سياسية تتقدمها حركة النهضة وحليفها في البرلمان "قلب تونس" للاشتباه في تلقيهما تمويلا أجنبيا خلال الحملة الانتخابية في 2019. وأوضح المتحدث باسم النيابة العامة، محسن دالي أمس، أن القطب القضائي المالي فتح منذ 14 جويلية الجاري تحقيقا حول "تمويل أجنبي وقبول هبات من جهات مجهولة خلال الحملة الانتخابية في 2019". وأضاف أن التحقيق يتعلق بحركة النهضة التي تمثل الحزب الرئيسي في البرلمان وحزب "قلب تونس" الذي أسسه رجل الأعمال ومرشح الرئاسيات السابق، نبيل القروي وجمعية "عيش تونسي" التي تقودها النائبة أولفا طراس والتي قررت دخول غمار المنافسة السياسية من باب انتخابات 2019. يذكر أن القطب المالي كان تلقى في أكتوبر 2019 دعاوى قضائية رفعها حزب "التيار الديمقراطي" المعارض ضد حركة النهضة وضد القروي الذي يخضع منذ فترة للتحقيق في اتهامات أخرى بارتكاب مخالفات مالية أدت إلى حبسه احتياطيا خلال معظم الحملة الانتخابية عام 2019 ومرة أخرى هذا العام. وأيضا ضد مسؤولة تشكيلة "عيش تونسي".