أكد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عزمه على تسريع وتيرة إصلاح هياكل الدولة ومهامها من اجل ضمان اكبر قدر من الصرامة في تسيير ومتابعة المشاريع، كاشفا بالمناسبة توجه الدولة إلى اعتماد مزيد من اللامركزية لتحقيق نجاعة تسيير هذه المشاريع خلال السنوات الخمس القادمة. فبعد أن أبرز أهمية تشديد الصرامة في التسيير والمتابعة، وتطوير روح المبادرة والنظرة الاستشرافية، معتبرا إياها شروطا ضرورية لتحقيق التقدم المأمول، أكد السيد بوتفليقة في الخطاب الذي استفتح به عهدته الرئاسية الجديدة، الأولوية الوطنية التي يمنحها في برنامجه الجديد لعمليات الإسراع في اصلاح هياكل الدولة ومهامها، وتفعيل هذه العمليات من خلال إعادة تنظيم نظام تسيير ومتابعة المشاريع، بشكل فعال يقوم على أساس توزيع جديد للسلطات العمومية، ودعم نظام اللامركزية في التسيير والمتابعة، وهو ما قد يوحي إلى أن الدولة لن تتأخر في اعتماد التقسيم الإداري الجديد الذي سبق لرئيس الجمهورية أن أعلن عنه، وتكفلت وزارة الداخلية بالتحضير لمخططه. غير أن السيد بوتفليقة اشترط في نجاح هذا النظام اللامركزي الفعالية في تحقيق التساوق بين المهام المحددة والوسائل الموفرة، مشيرا في نفس الصدد إلى أهمية دعم هذا النظام بأدوات رقابة ناجعة، تساهم في ترشيد تسيير ومتابعة المشاريع وليس في عرقلتها أو تعطيلها. كما دعا بالمناسبة المواطنين إلى الانخراط الواسع والمسؤول في هذه المهام، ضمانا لمبدإ الرقابة الشعبية، مؤكدا في نفس الصدد ضرورة أن تلعب الدولة من جهتها وعبر مؤسسات التربية والتعليم، دورها في ترقية وتنمية الحس الوطني وثقافة المواطنة في أوساط المجتمع، ولا سيما لدى فئة الشباب. ويذكر أن رئيس الجمهورية كان قد أكد مرارا على ضرورة الاسراع في اصلاح هياكل الدولة ومهامها قصد ضمان تحقيق تنمية مستدامة وعادلة عبر مختلف جهات الوطن، وتبعا لتوجيهاته حدد مخطط العمل الذي أعدته الحكومة خلال الأشهر الماضية، أبرز العمليات المدرجة في إطار هذه المهام، والتي يأتي في مقدمتها مواصلة تحديث الإدارة المالية والجمركية والمصرفية وإدارة أملاك الدولة، إلى جانب تطوير قدرات التخطيط والإحصاء والاستشراف. كما تعتزم الدولة ضمن نفس المسعى الاستمرار في تطبيق مسار الإنفاق العمومي لتجسيد نظام "الميزانية البرنامج" وتحسين الإدارة المالية وإضفاء الشفافية على الحسابات العمومية، علاوة على متابعة نفقات التجهيز وتمويل المشاريع من خلال الصندوق الوطني للتجهيز والتنمية، بينما تم التكفل بعمليات إبرام الصفقات العمومية من خلال مراجعة قانون الصفقات العمومية والإصلاح المعتمد على عمل اللجنة الوطنية للصفقات. وفي ميدان الجباية ينتظر أن يتم في الأشهر القليلة القادمة تجسيد الترتيبات الجبائية المتخذة من اجل تطوير شبكة تشمل 70 مركزا للضرائب موجهة للمؤسسات والمهن الحرة والعمل على وضع شبكة تشمل 250 مركزا جواريا للضرائب موجهة لصغار المعنيين بالضريبة، في حين يرتقب أن يتعزز نشاط مكافحة الغش الجبائى بتطوير مديرية الإعلام والتوثيق الجبائي وتعميم التعريف الجبائى الجديد المطلوب على المستوردين، وتوطيد التعاون بين هذه المديرية ومصالح الجمارك والبنوك، مع تعزيز خلية معالجة المعلومات المالية. كما تشمل العمليات المدرجة في نفس المسعى تعزيز قدرات مستخدمي الجمارك الوطنية، وتطوير انتشارهم وتنظيم المصالح المتخصصة، وتندرج في إطارها أيضا المراجعة الأخيرة لقانون الجمارك وقانون أملاك الدولة والتحضير لتعديل التشريع المتعلق بمسح الأراضي، مع تعميم استعمال الوسائل الحديثة للمسح بغرض إعداد سند عقاري على مجمل التراب الوطني في السنوات القليلة القادمة. وتدعيما للتسيير المحلي يرتقب إيلاء مزيد من العناية للجماعات المحلية بالنظر لأهميتها في تسيير الإقليم، حيث سيتم الاستمرار في عمليات تكوين وتأهيل الموارد البشرية التي شرع فيها خلال السنوات الاخيرة، التي عرفت توظيف حوالي 11 ألف جامعي، واستفادة أزيد من 4000 إطار سام من تكوين منتظم خصص لمؤطري الإدارة الإقليمية مع تنظيم ندوات تكوينية لمنتخبي البلديات، في انتظار إنشاء 6 مراكز جهوية للتكوين الإداري، وتوسيع عمليات الرسكلة للولاة في مجال الاتصال والتسيير. ومواصلة لجهود الدولة لدعم الجماعات المحلية سيتم تعزيز وسائل البلديات، ولاسيما منها تلك الموجهة لدعم مهام النظافة والتطهير والنقل المدرسي، فيما يرتقب إتمام مشاريع القوانين المتضمنة مراجعة قانوني البلدية والولاية والنص المتعلق بالمالية المحلية وتوفير الوسائل المالية والتأطير المطلوبين استعدادا للتنظيم الإداري الجديد، مع التحضير لعمليات جديدة تشجع على إقحام الجماعات المحلية والمجالس المنتخبة في جهود الدولة لترقية التنمية واستقطاب الاستثمار واستحداث موارد محلية. وفي نفس الإطار ينتظر خلال الأشهر القادمة استكمال ما تبقى من المخططات القطاعية لضبط المخطط الوطني لتهيئة الإقليم، الذي يشكل نواة التنمية بالنسبة للفترة الممتدة إلى غاية 2025، وستسهر مختلف أجهزة الدولة على ترقية الحوار بين الإدارات والجماعات المحلية بهدف تعزيز الديمقراطية التساهمية وإشراك المواطنين في تسيير المشاريع التنموية.