27 نوفمبر 2021، هو فرصة أخرى لإتمام التغيير والمشاركة محليا في تأسيس أركان الجزائر الجديدة، باختيار الأكفاء والنزهاء والشرفاء لتسيير المجالس الشعبية المنتخبة البلدية والولائية. على هؤلاء وأولئك من مختلف الأحزاب والمترشحين والقوائم المستقلّة، وطبعا الناخبين، أن يقولوا كلمة الفصل بإنهاء عهد الرداءة والفساد والإهمال وسوء التسيير، ومنح أصواتهم لعشرات ومئات وآلاف الخيّرين، من المتنافسين والمتسابقين باتجاه عضوية أو رئاسة مجالس عانت الويلات خلال السنوات الماضية. نعم، إنها فرصة لإنهاء عهد الفساد والإفساد و"الأفسدة"، ووضع حدّ للوعود الكاذبة والتلاعبات و"الهفّ" وفرصة لمعاقبة المنتخبين الذين خانوا الأمانة، وتأديب الأحزاب التي لم تف بالعهد، وفرصة أيضا لتمكين مسيّرين جُدد من إظهار "حنّة يدّيهم" وإثبات صدق النوايا، من خلال زرع دم جديد في مجالس حوّلها لعدة سنوات سابقة الفاسدون والنصّابون من محلية إلى "مخلية"! سينجح مسعى التغيير أحسن، وبطريقة مثالية ونموذجية، لو انخرطت المجالس المحلية في هذه العملية التي دشنها الجزائريون في 12 ديسمبر 2019، واستكملوها باستفتاء تعديل الدستور في نوفمبر 2020، ثم تشريعيات 12 جوان 2021، وها هو موعد 27 نوفمبر يحلّ لإتمام التغيير والإصلاحات وتحقيق حلم الشعب، بدقّ مسمار آخر في نعش الرداءة والفساد و"البريكولاج" و"الصابوطاج". لا يُمكن تغيير الإعوجاج ودفن العهد البائد والفاسد من دون المشاركة القوية في الانتخابات والإصلاحات، ومدّ يد العون في البناء وتبديل ما يجب تبديله من السيّئ إلى الأحسن كلّ في منصبه وموقعه، ولن يفيد دون شك التنظير والفلسفة، ذلك أن "الهدرة باطل" فمن الضروري للمنظرين والفلاسفة والناقدين والمنتقدين والمهاجمين والمشكّكين، أن يقدّموا الحلول للمشاكل والبدائل من أجل تسوية الانشغالات ومعالجة الاختلالات. الانتخابات المحلية هي مناسبة وفرصة، وبوّابة للدخول الفردي والجماعي نحو هيئات جديدة عنوانها التغيير والإصلاح، وقوامها التنمية وسماع صرخة المواطنين، ومساعدة الدولة على المستوى القاعدي في مهمة تقوية الأساسات، وترميم ما ينبغي ترميمه، عوض الغرق في مستنقع التكسير والتنفير والتيئيس والإبداع الحصري في رسم الصور السوداوية وتسليط الأضواء فقط على الجزء الفارغ من الكأس! "أخرجوا لنا شجعانكم وأنظفكم وأكفأكم وأنزهكم وأحبّكم إلى النّاس".. نداء ورجاء واستجداء قد يردّده الخيرّون الراغبون في إنجاح مشروع الجزائر الجديدة، وهم يخاطبون أفرادا وجماعات رضعوا حليب ولبن و"رايب" اليأس، ويُريدون للأسف، إرغام غيرهم على شُربه حدّ الثمالة، ليس حبّا فيهم، ولا من باب الإيثار والأثرة ولكن من زاوية "نلعب وإلاّ نفسّد"! لا داع للتردّد و"التفكير والمشاورة"، ولا فائدة من عرقلة مسار انتخابي انطلق قطاره ولن يتوقف إلاّ عند محطات التغيير والتشييد والاستجابة لطموحات وانشغالات الجزائريين، الذين سئموا من عقلية "تكريه" الناس في كلّ شيء من أجل تحقيق مصالح ضيقة وسرية لجماعات المصالح والسمسرة والبزنسة وإبرام المكاسب تحت الطاولة بعيدا عن أعين القانون والضمير والأخلاق. 27 نوفمبر 2021، هو تاريخ آخر لإعادة الأمور إلى نصابها، وحتى إن كان التغيير المستمرّ والمتواصل منذ رئاسيات 12 ديسمبر 2019، يتمّ بالتدريج فإن ذلك من باب التعقّل، واعتماد السرعة القصوى بدل التسرّع، أوّلا لتصحيح الأخطاء السابقة وتفادي خطايا الماضي، وثانيا لتقوية الديمقراطية بمؤسسات جديدة نزيهة ومسنودة، وثالثا ورابعا وآخرا وليس أخيرا، إعادة الكلمة ل"فخامة الشعب" وردّ الاعتبار للإرادة الشعبية التي يبقى لها القرار والاختيار.