الإفراج عن مسودة مشروع القانون العضوي للانتخابات، وتسليم نسخ منها للأحزاب السياسية قصد دراستها وإثرائها، هو "طوبة" جديدة في مسار بناء الجزائر الجديدة، ووسيلة أخرى لتحقيق غاية التغيير الجذري واستكمال الإصلاحات الشاملة والكاملة. تغيير قانون الانتخابات هو مرحلة جديدة بعد تغيير الدستور.. هو فرصة لمواصلة مسعى التغيير مثلما طالب به الحراك الأصيل، ووفق ما يحلم به كلّ الخيّرين والوطنيين من أجل تشييد دولة قوية وعادلة ومؤثرة. هي فرصة لقلب الطاولة والكرسي معا، على المال الفاسد، وعلى شراء الذمم في الانتخابات وعلى "البقارة" وأصحاب "الشكارة". هي فرصة لإعادة الكلمة للصندوق الشفاف، وردّ الاعتبار للإرادة الشعبية، وإعادة مفتاح القرار إلى "فخامة الشعب" وبسط الثقة والمصداقية. هي فرصة لبناء مؤسسات منتخبة قوية في المجالس المحلية، البلدية منها والولائية، وعبر البرلمان ضمن إطار النزاهة والشفافية. هي فرصة لإنهاء مسلسل "التزوير" والتلاعب بأصوات الناخبين، بما تسبّب في نفور المواطنين من المواعيد الانتخابية وانقسامهم بين مقاطع وزاهد وهارب وكاره وكافر بجدوى الاقتراع. نعم، تغيير قانون الانتخابات سيمنح فرصة لا تعوّض لطرد الرداءة، وتمكين الكفاءة من دخول مجالس منتخبة، ظلت موصدة في وجوههم من طرف انتهازيين ووصوليين و"غمّاسين" ومفسدين ومنتفعين. التغيير المنشود يتحقق باستئصال "التعنتير" وعقلية التكسير ومنع التزوير، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون في انتخابات محلية وتشريعية قادمة، ستكون وفق مسودّة مشروع القانون العضوي للانتخابات، مفتوحة للشباب والنزهاء والشرفاء وذوي التجربة والخبرة والشهادات الجامعية. لا يُمكن لمنطق "الكرسي الشاغر" أن يكرّس التغيير المطلوب والمرغوب، ولذلك، من المفيد لهؤلاء وأولئك، وللجزائر الغالية.. للتعددية الناضجة، والديمقراطية التشاركية وللهيئات المنتخبة، أن يشاركوا بالتي هي أحسن في بلورة قانون انتخابات يعيد الأمل بقادم أفضل. الكرة الآن في مرمى الطبقة السياسية حتى تناقش المشروع، وتقترح وتبادر وتغيّر ما يجب تغييره بطريقة مقنعة وهادفة واستشرافية، وبما يخدم المؤسسات وليس الأحزاب، بعيدا عن النرجسية والأنانية وذهنية "أنا أو لا أحد". الانسحاب الفلكلوري ووضع العصا في العجلة، واختلاق المشاكل، وافتعال الأزمات، وفبركة المنغّصات والمؤثرات الصوتية، لن ينفعوا في فرملة طموح الجزائريين ورغبتهم الجامحة في التغيير الذي سينجح أكثر بتغيير الذهنيات البالية التي ضربت المجتمع في الصميم. يبقى التغيير مشروعا جماعيا ينبغي أن يكرّسه الجميع، على أن يبدأ كلّ فرد بنفسه، ليكون التغيير أفقيا وعموديا، يرمّم مخلّفات وآثار وتراكمات سنوات سابقة كانت للأسف لصناعة "الخراب والتخريب" وتسويق الفساد والإفساد و"الأفسدة"، والتسابق في وضع الحجارة والمتاريس في طريق جزائر عصرية ومتقدّمة تكون فيها الدولة في خدمة الشعب وتحت تصرّفه.