بهتافات وشعارات مناهضة ورافضة للتطبيع وكل الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والكيان الصهيوني، الأمنية والعسكرية، انتفض سكان مختلف المدن المغربية، أول أمس، على وقع مظاهرات احتجاجية ومسيرات عارمة لبت نداء "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" التي دعت للاحتجاج بقوة في مواجهة قطار التطبيع المغربي الإسرائيلي. فمن طنجة والدار البيضاء مرورا بالجديدة والمحمدية وصولا إلى القصر الكبير والوزان، كان المشهد واحد ذلك الذي وثقته الفيدوهات المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي والتي أظهرت جموعا غفيرة من المتظاهرين المغاربة يحملون شعارات ويرددون هتافات مناوئة للتطبيع ورافضة لما يقدم عليه نظام مخزني وضع يده في يد سفاحي الكيان الصهيوني بكل ما يحمله ذلك من مخاطر ليس فقط على تفتيت وصهينة المغرب، بل وكل المنطقة. ورفع المتظاهرون الذين تحدوا قمع أجهزة الأمن المغربية، تزامنا مع اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني المصادف ليوم 29 نوفمبر من كل عام، الرايات الفلسطينية وأبدوا غضبهم من "القرارات غير الشعبية" التي يتخذها نظام بلدهم وإمعانه في "إذلال شعبه وتجاهله إرادته وموقفه الرافض للتطبيع". وأكد المشاركون في مختلف الوقفات الاحتجاجية على أنه "رغم الجريمة التي اقترفها النظام المخزني بحق القضية الفلسطينية فإن الشعب المغربي كان ولايزال مساندا لهذه القضية وضد الكيان الصهيوني المجرم". كما أجمعوا على "التضامن مع الشعب الفلسطيني واعتبار قضيته أمانة في أعناق المغاربة". وعلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي على فيديوهات الوقفات الاحتجاجية ب"نظام وقع على نهايته قريبا" و"التطبيع لا يمثل الاحرار الشرفاء" و"خيانة مكتوبة على الجبين إلى يوم الدين". وجاءت هذه الاحتجاجات استجابة لنداء "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" التي دعت إلى تنظيم وقفات احتجاجية عبر 36 مدينة مغربية تحت شعار "المعركة متواصلة للتصدي للتطبيع ولدعم الشعب الفلسطيني" لتأكيد رفض الشعب المغربي للتطبيع مع الكيان الصهيوني واستنكارا لزيارة وزير الحرب الصهيوني إلى الرباط. وفي محاولة يائسة منه لتجميل ما أكده كثيرون على أنها "خيانة" للقضية الفلسطينية، راح العاهل المغربي يلوح بورقة "استئناف المفاوضات" بين الفلسطينيين والإسرائيليين وعزمه العمل "لتسهيل ذلك"، ليختار بذلك اللعب على وتر المفاوضات، رغم علمه بأن الأمر لم يعد ممكنا في ظل تعنت الاحتلال واستمرار الاستيطان وانتهاكاته الصارخة لحقوق الفلسطينيين. وقال الملك محمد السادس في رسالة إلى رئيس اللجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، شيخ نيانغ، بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، إن المغرب الذي طبع علاقاته مع الكيان المحتل سيستثمر فيما أسماه ب"علاقاته المتميزة" مع كل الأطراف لتوفير ظروف استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ضمن محاولة لذر الرماد والظهور بمظهر المدافع عن القضية الفلسطينية وهو الذي داب على طعنها في الظهر تماما كما فعل والده الراحل الملك الحسن الثاني. والسؤال المطروح كيف سيستثمر محمد السادس ما يصفها بعلاقاته المميزة مع المحتل في خدمة القضية الفلسطينية وهو لم يقم قبل التطبيع حتى بمجرد إدانة لما ترتكبه إسرائيل من انتهاكات خطيرة في الأراضي المحتلة رغم تنصيب نفسه رئيسا للجنة القدس الذي يعاني من مخططات التهويد والاستيطان التي تحدق به من كل جانب. ويعيش الشارع المغربي منذ قرابة عام على وقع مظاهرات احتجاجية فجرها قرار المملكة المثير، بالتطبيع العلني لعلاقاتها مع إسرائيل في خطوة زادت في غليان الجبهة الاجتماعية بالمغرب التي تشهد بدورها حالة من الاحتقان في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية الهشة وغلاء المعيشة وما يصاحبها من صرخات الغضب إزاء الفقر والتهميش والبطالة المستفحلة وتدهور الخدمات في مختلف القطاعات بالمملكة. وآخر هذه الصرخات تلك التي أطلقها قطاع السياحة الذي تلقى ضربة موجعة بعد تعليق الرحلات الجوية والبحرية الذي أعلنت عنه الأحد الماضي، الحكومة المغربية بحجة منع تفشي السلالة الجديدة لفيروس كورونا "أوميكرون". وجاءت هذه الاجراءات في وقت "غير ملائم" بالنسبة لمهنيي قطاع السياحة المغربي الذين كانوا يعولون على ارتفاع حجوزات نهاية السنة وأعياد الميلاد لتعويض جزء من خسائر العام الماضي التي تجاوزت 4 مليار دولار. وعلى إثر ذلك، هدد مهنيو النقل السياحي في المغرب بالنزول إلى الشارع يومي 7 و8 ديسمبر الجاري لمطالبة الحكومة المغربية بالتحرك لمواجهة الوضع الخانق للقطاع والذي يوجد على حافة الإفلاس. وطالب مهنيو هذا القطاع حكومة بلادهم بإيجاد حلول "عاجلة" لإنقاذ القطاع الذي تأثر كثيرا من جائحة "كوفيد-19".