❊تجسيد التزامات رئيس الجمهورية عبر إصلاح شامل وجذري ❊المواطن لم يعد بحاجة إلى توصيات نظرية تتعلق بمشاكل القطاع ❊يجب اعتماد أدوات التخطيط الصحي ومراقبة التسيير المالي والإداري ❊المخصصات المالية لقطاع الصحة تجاوزت 1150 مليار دولار ❊يجب تطبيق الحلول ميدانيا بعيدا عن التسويف والآمال الجوفاء أكد الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، أن الحكومة تتعامل مع ملف قطاع الصحة بالجدية والصرامة اللازمتين بهدف تحسين وضعيته ومعالجة كل الاختلالات، مؤكدا خروج الندوة الوطنية لتجديد المنظومة الصحية، بتوصيات هامة ونتائج ملموسة من خلال تحديد أولويات التشخيص للخروج بحلول عملية والشروع في تطبيقها ميدانيا. وقال الوزير الأول، في افتتاح الملتقى الوطني لتجديد المنظومة الصحية، إن اللقاء يندرج ضمن الندوات التي عكفت الحكومة على تنظيمها تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، في إطار ورشات الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي باشرتها الدولة، تماشيا مع التحولات الكبرى التي تشهدها البلاد ضمن مساعي بناء الجزائر الجديدة. وأضاف الوزير الأول، أن الملتقى يهدف إلى تجسيد التزامات رئيس الجمهورية، عبر إصلاح شامل وجذري يرتكز على مراجعة الخارطة الصحية وتصويبها باعتماد معايير عصرية بناء على تشخيص دقيق ومعطيات موضوعية. وأضاف السيد بن عبد الرحمان، أن تحقيق هذه الأهداف يتم حتما عبر الاعتماد على معايير عصرية جديدة تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الفعلية لكل منطقة، بناء على معطيات موضوعية مرتبطة بتطور الأمراض والأوبئة. وهو ما جعله يؤكد على ضرورة إعداد خارطة طريق جديدة متوازنة ومنصفة، قصد الوصول إلى وضع أسس منظومة صحية تستجيب لتطلعات المواطنين في علاج ومتابعة صحية وفق المعايير الدولية. ودعا الوزير الأول، ضمن هذه المقاربة المشاركين إلى اقتراح حلول عملية وعملياتية لأخلقة المنظومة الصحية وعصرنة حوكمتها، مبرزا العناية التي يوليها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لإصلاح هذا القطاع الاستراتيجي وتطوير أساليب تسييره، بالاعتماد على وسائل التخطيط ونظم المعلومات وآليات المحاسبة والتقييم ومراقبة التسيير المالي والإداري. وحرص على القول إنه ينتظر من الملتقى تحديد أولويات التشخيص الدقيق للقطاع بهدف الخروج بحلول عملية لتعجيل تطبيقها ميدانيا بعيدا عن التسويف والآمال الجوفاء، داعيا إلى عدم التركيز على السلبيات فالمواطن لم يعد بحاجة للاستماع إلى توصيات نظرية معروفة لدى الجميع، بقدر ما يحتاج إلى نتائج ملموسة تتيح له الاستفادة من خدمات صحية ذات نوعية تكفل له كرامته ولا تزيده وعائلته عناء فوق عناء المرض الذي يعاني منه. وشدد في ذلك على حاجة المواطن إلى ظروف استقبال جيدة عبر تدارس موضوع أخلقة المنظومة الصحية، للقضاء على مظاهر المحسوبية وسطوة العلاقات الشخصية، وخاصة وأن الجميع يعلم مستوى الخدمات الذي وصلت إليها منظومتنا الصحية، بما يستدعي معالجة كل الاختلالات وإيجاد ردود مقنعة عن كل التساؤلات المطروحة وهل الاختلالات مردها نقص الإمكانيات البشرية أو المادية. الموارد البشرية تجاوزت 373 ألف منصب في 2021 ورد الوزير الأول، على هذه التساؤلات بالقول إن الخلل لا يمكن في قدراته البشرية كون القطاع يتوفر على موارد بشرية كافية ومؤهلة، حيث بلغت سنة 2021 أكثر من 373 ألف منصب، مؤكدا أن إجراءات تجميد التوظيف منذ سنة 2015 لم تمس قطاع الصحة. وحسب أرقام قدمها الوزير الأول، فقد بلغ عدد الممارسين الطبيين أكثر من 56 ألف ممارس من بينهم 5800 أستاذ استشفائي جامعي وأكثر من 15 ألف ممارس طبي متخصص، بالإضافة إلى 26.440 طبيب عام و2.156 صيدلي وأزيد من 7 آلاف جراح أسنان. وشدد الوزير الأول، على إن الدولة استثمرت كثيرا في البنية التحتية للقطاع الصحي، حيث بلغ عدد المؤسسات الاستشفائية العام الماضي، 629 هيكلا، من بينها 15 مركزا جامعيا و237 مؤسسة للصحة الجوارية، ضمن أرقام تبين بوضوح المستوى الجيد للتغطية الصحية التي وصلت إلى 12 طبيبا لكل 10 آلاف نسمة مقابل 17 سريرا لكل 10 آلاف نسمة. وقال بن عبد الرحمان، بعد إشارته إلى تحسن المؤشرات الصحية رغم أنها تبقى غير كافية، إن المنظومة الصحية مطالبة بالانخراط في النهج الذي اعتمدته الدولة في عصرنة التسيير العمومي والانتقال إلى تسيير مبني على النتائج. وأشار إلى أن الدور الاجتماعي للدولة كمبدأ ثابت يرتكز على مجانية العلاج للجميع وتسهيل الولوج إلى الخدمات الصحية، حيث يلعب التمويل العمومي لمستشفيات القطاع العام دورا محوريا، غير أن ذلك يطرح عدة انشغالات خصوصا بفعالية الخدمات المقدمة حول نوعية العلاج، موضحا أنه في ظل غياب إجراءات تعاقدية بين المؤسسات الصحية والضمان الاجتماعي، يستمر تحديد هذه الأخيرة وفقا لاعتبارات إدارية محضة دون مراعاة عدد الأشخاص المؤمّن عليهم والمستفيدين من الخدمات الصحية، ولا حتى طبيعة تكلفة الخدمات المقدمة، حيث وصلت هذه المساهمات إلى 102 مليار دينار مع نهاية العام الماضي. وفنّد رئيس الجهاز التنفيذي، أن تكون النقائص المسجلة في المنظومة الصحية راجعة إلى قلة الإمكانيات التي توفرها الحكومة، كاشفا عن تخصيص 1150 مليار دينار في 2021، مع استفادة القطاع من إجراءات رفع التجميد عن جميع العمليات المدرجة ضمن مدونة الاستثمارات العمومية، بناء على تعليمات رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير الذي عرفته حصة مساهمة الدولة في التمويل الذي وصل إلى 75,9من المئة خلال السنة الماضية. وأكد الوزير الأول، أن مخرجات الملتقى ستشكل ورقة طريق عملية سيتم تجسيدها على أرض الواقع، وذلك بالارتكاز على إجراءات تتعلق بأنسنة القطاع الصحي وتحسين التغطية الصحية للسكان وتعزيز تكوين مهنيي القطاع والوقاية ومكافحة الأمراض المتنقلة، والتكفل بالأمراض غير المتنقلة والعمل على تقليل نسبة الوفيات. وضع حد لنزيف الكفاءات نحو الخارج واعتبر الوزير الأول، في سياق ذي صلة أنه بات من الضروري إيقاف نزيف تحويل المرضى إلى الخارج للعلاج، وذلك من خلال تحسين نوعية الخدمات الصحية بالاعتماد على الكفاءات البشرية التي يزخر بها القطاع. وأكد الوزير الأول، أن الدولة استثمرت كثيرا في البنية التحتية لقطاع الصحة، مطالبا الجميع وبصفة استعجالية بعصرنة المنظومة الصحية على كافة الأصعدة، مؤكدا أن معدل الأشغال المنخفض في منشآت الرعاية الصحية لا يتجاوز 50 بالمئة في المناطق الريفية، ومن هنا وجب العمل على ضمان التوازن والقضاء على الفجوات المرتبطة بمستوى التغطية الصحية وجودة الخدمات المقدمة بين مختلف الوطن. وأبرز ذات المسؤول، أن مستوى التكوين الطبي الذي بلغته الجامعة الجزائرية يعتبر في أرقى المستويات، مؤكدا ضرورة إيقاف نزيف هجرة الكفاءات الطبية الجزائرية باتجاه الخارج، مستدلا في ذلك بالإنجازات التي يحققها الأطباء الجزائريون في الخارج والجوائز التي يتحصلون عليها هناك، داعيا إلى معالجة كل الاختلالات دون تأخير من خلال عصرنة المنظومة، والاعتماد على أدوات صحية للتخطيط وتقييم أنشطة مراقبة التسيير المالي والإداري. وأضاف الوزير الأول، أن تركيبة المنظومة الصحية الحالية تستطيع رفع التحدي ووقف التحويلات نحو الخارج، سيما وأن الجزائر تبوأت أحسن المراتب في إفريقيا والعالم العربي في المجال الصحي، من خلال منظومة صحية ترتكز على التضامن الوطني ومجانية العلاج.