أوضح السيد حاجي بابا عمي المدير العام للخزينة العمومية، أمس أن سنة 2009 تمثل سنة ترقب وملاحظة بالنسبة للحكومة التي تستعد لتطبيق برنامج طموح لتنمية الاقتصاد الوطني بداية من سنة 2010، مشيرا إلى أن وتيرة النمو عرفت استقرارا ايجابيا خلال السنوات الأخيرة، وأن أهم تحديات السياسة الاقتصادية للجزائر في الوقت الحالي تشمل كيفية تسيير الانخفاض المسجل في أسعار النفط وتنويع الاقتصاد. وبدا السيد بابا عمي في الكلمة التي قرأها نيابة عن وزير المالية السيد كريم جودي في افتتاح المنتدى الدولي الخامس للمالية المنظم من قبل منتدى الكفاءات الجزائرية بسويسرا بفندق الأوراسي بالعاصمة، متفائلا بخصوص الوضعية الاقتصادية للجزائر خلال السنوات القادمة، مستشهدا بالأرقام المحققة خلال العام الماضي حيث بلغ مستوى النمو خارج المحروقات نسبة قياسية بتحقيق 6,1 بالمائة، بينما وصلت احتياطات الصرف إلى مستوى يسمح بتغطية 36 شهرا من الواردات بتحقيق 143 مليار دولار، وسمحت بالتالي في تقليص هشاشة الاقتصاد الجزائري. وأشار المدير العام للخزينة العمومية في الصدد إلى أن المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي سجلتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة تعد ثمرة الإصلاحات الاقتصادية التي شرع فيها بداية من سنة 2000 وسمحت للجزائر بالصمود أمام تداعيات أزمة مالية خانقة، مذكرا في سياق متصل بالقرارات الحكيمة التي اتخذتها الدولة من أجل الدفع المسبق للديون الخارجية مما مكنها من تقليص حجم التحويلات الضخمة لخدمة الديون. كما أوضح المتحدث أن نسبة النمو المستقر في المنحى التصاعدي الذي سجلته الجزائر خلال السنوات الخمس الأخيرة، والمقدر ب3 بالمائة كنسبة عامة و6 بالمائة خارج المحروقات، مكن الحكومة من التحكم في نسبة البطالة التي تراجعت من مستوى 29,5 إلى نحو 11,3 بالمائة، في حين سمح التمويل بالدينار للمشاريع الاستثمارية ودعمها بالقروض الممنوحة من قبل البنوك في تقليص تكاليف تمويل الاستثمارات، حسب السيد بابا عمي الذي خلص إلى أن كل هذه الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة في إطار السياسة الاقتصادية والمتضمنة أيضا وضع صندوق ضبط الإيرادات، توجه موارده إلى ترشيد نفقات الدولة مما جعل الجزائر في منأى عن الأزمة المالية العالمية، مشيرا إلى أن هذا الصندوق يلعب دورا هاما في امتصاص الصدمات الخارجية المترتبة عن الأزمة وعن تدهور أسعار النفط. وبعد أن أشار إلى أن الحركية التي تميز الاقتصاد الجزائري في السنوات الأخيرة، ساهمت في تسجيل ارتفاع بنسبة 30 بالمائة في الجباية العادية خلال السداسي الأول من السنة الجارية، توقع المتحدث استمرار المنحى التصاعدي للنمو الاقتصادي مع تطبيق الحكومة للبرنامج التنموي الخماسي(2010 - 2014)، واصفا سنة 2009 بسنة الملاحظة بالنسبة للحكومة التي ستعمل على رفع تحديات أساسية تشمل حسبه، تسيير التراجع المسجل في أسعار النفط، تقليص النفقات وتنويع الاقتصاد من خلال إنعاش القطاعات المحركة. من جهته أبرز السيد رضا حمياني رئيس منتدى رؤساء المؤسسات أهمية تنظيم المنتدى الدولي للمالية الذي يعكس حسبه نوعية العلاقات الاقتصادية التي تربط الجزائر بسويسرا، مبرزا حاجة المختصين الجزائريين في الاستفادة من الخبرة السويسرية في تسيير المؤسسات المالية. كما أشار المتحدث إلى حاجة الجزائر إلى معهد للتكوين في مجال التسيير المالي، من أجل إعطاء دفع للقطاع وتفعيل دوره في تمويل المشاريع الاستثمارية، فيما أعربت السيدة ميشلين سبويري وزيرة الداخلية السابقة لمقاطعة جنيف عن أملها في تفعيل اتفاقية التبادل الحر بين الجزائر وسويسرا، والتي ستسمح لها حسبها بتقوية وضعيتها الاقتصادية على الصعيد الدولي، مشيدة في مداخلة حول "تطور العلاقات الجزائرية السويسرية"، بالسياسة الحذرة التي تنتهجها الحكومة الجزائرية في تسيير اقتصادها، والتي مكنتها من تخفيف آثار الأزمة المالية العالمية عليها، كما دعت إلى تحسين إطار الأعمال من أجل تنمية وتطوير نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالجزائر. وتواصلت أشغال الطبعة الخامسة للمنتدى الدولي للمالية في يومه الأول بزيارة أجنحة الصالون الذي نشطته مؤسسات مالية ومصرفية ومؤسسات تأمين ومؤسسات خدمات ساهمت في مجملها في عقد هذه الطبعة الجديدة من المنتدى المنظم تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، لتستمر سلسلة مداخلات الخبراء الدوليين المشاركين في هذا اللقاء في الفترة المسائية، ومن أبرزها محاضرة السيد ظافر سعيدان أستاذ بجامعة ليل بفرنسا حول "التجربة المغاربية في خوصصة البنوك"، ومحاضرة ممثل البنك الإسلامي لأبوظبي حول "التمويل الإسلامي في مواجهة الأزمة المالية العالمية"، ومحاضرة أخرى للخبير الفرنسي "ألان لونوار" حول "وضعية وآفاق البنوك في إفريقيا"، في حين يشمل برنامج اليوم الثاني للمنتدى تنظيم 7 ورشات عمل ينتظر أن تتوج أشغالها بتوصيات يرفعها المنتدى إلى الحكومة للنظر في إمكانية اعتمادها.