استمع مجلس الوزراء خلال هذا الاجتماع إلى عرض السيد الوزير الأول لمشروع خطة العمل من أجل تنفيذ برنامج السيد رئيس الجمهورية. وقد نص في الوثيقة هذه على الإجراءات والأعمال التي ستطبق الحكومة من خلالها برنامج السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي زكته أغلبية الشعب إثر الانتخاب الرئاسي الذي جرى يوم 9 أفريل الفارط. استهلت خطة العمل بعرض المنهاج الذي سيعتمد لتعزيز السلم والمصالحة الوطنية وتوطيد الوحدة الوطنية وترقية الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة وكذا المساواة الدستورية بين الرجال والنساء. ثم فصلت الإجراءات التي يرام بها تعزيز دولة الحق والقانون والحكم الراشد من خلال مواصلة إصلاح العدالة وتحديث الإدارة العمومية وإصلاح الجماعات المحلية وكذا تحسين إدارة الإقليم والإطار الحضري والبيئة . هذا وسردت خطة العمل الأعمال التي سيكفل بها تحسين المحيط الاقتصادي من خلال تحديث المنظومة المالية بما فيها الوصول إلى القروض وتطوير العرض العقاري الموجه للاستثمار وتعزيز المنشآت القاعدية وكذا تحديث آليات الضبط ومحاربة مختلف أشكال الغش. إضافة إلى ذلك جاءت خطة العمل بمنهاج تطوير وتنويع الاقتصاد الوطني الذي سيرتكز على برنامج خماسي للاستثمار العمومي يناهز مخصصه المالي 150 مليار دولار وهو ما سيوفر للعاملين حجما استثنائيا من الاستكفال وسيستفيد من تحسن محيط النشاط لفائدة المستثمرين بما سيفضي على وجه الخصوص إلى إنشاء 200.000 مؤسسة صغيرة ومتوسطة خلال السنوات الخمس المقبلة وسيصحب هذا التوثب في المجال الاقتصادي بإجراءات تحفيزية في العديد من قطاعات النشاط. وسيسهم نمو الاقتصاد وتنويعه في محاربة البطالة التي ستتخذ لها إجراءات أخرى مخصوصة في مجال التكوين والرسكلة ودعم القروض المصغرة بالنسبة للعاطلين والشباب منهم بوجه خاص. وفي هذا السبيل يعتزم إنشاء ثلاثة ملايين منصب شغل جديد خلال السنوات الخمس المقبلة. هذا وتنص خطة العمل على مواصلة التنمية البشرية بأبعادها المختلفة منها تسليم مليون وحدة سكنية جديدة خلال الخمس سنوات وتلبية الحاجيات الاجتماعية للساكنة وتحسين الخدمات لاسيما في مجالات الصحة والحماية الاجتماعية والتربية والتعليم العالي والتكوين والثقافة وكذا الشبيبة والرياضة. وجاء في ختام الوثيقة التذكير بالمبادئ والأهداف التي ستحذو تحت قيادة رئيس الدولة مسعى الحكومة على الساحة الدولية وكذا إسهامها في تحديث قدرات الدفاع الوطني. ولدى تدخله عقب المصادقة على خطة عمل الحكومة ذكر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأن التزكية التي أولاها الشعب بأغلبية وبطريقة ديمقراطية لبرنامجه يوم 9 أفريل الفارط هي تعبير عن الآمال والتطلعات التي يتعين العمل وجوبا على الاستجابة لها. وأضاف رئيس الجمهورية "إن هذه غاية تستطيع بلادنا بلوغها اعتبارا للأشواط التي قطعتها بعد في إعادة البناء الوطني وللوسائل المتوفرة لدينا. غير أن ذلك يقتضي بوجه اخص تعبئة والتزاما مثاليين من قبل الحكومة وكافة إطارات الدولة وأعوانها". واستطرد رئيس الجمهورية قائلا: "لهذا الغرض أنتظر من الحكومة أن تقترح رزنامة مفصلة لتنفيذ مختلف النشاطات التي نصت عليها خطة العمل. وسيمكننا ذلك من السهر على تفادي أي تأخر وتداركه في آنه. كما لا يفوتني أن أؤكد أنه سيتعين على كل عضو من أعضاء الحكومة تحمل مسؤولياته وتقديم الحساب حول تنفيذ البرنامج في قطاعه سواء أتعلق الأمر بنشاطات الإصلاح والتحديث أم بتحسين الخدمة العمومية أو محاربة الإخلال بالقانون حتى في المجال الاقتصادي أو بالتكفل بمختلف جوانب التنمية الاجتماعية. وستتيح لنا مداولاتنا مستقبلا السهر على ذلك بانتظام ومتابعته عن قرب". هذا وأوعز رئيس الدولة للحكومة بتعجيل إعداد مشروع برنامج الاستثمارات العمومية للفترة مابين 2010 و2014. وأوضح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أنه "يتعين أن يكفل هذا البرنامج التعبئة العقلانية للموارد الموجهة لتحفيز تنمية وتنويع الاقتصاد ويضمن مواصلة التنمية الاجتماعية بالسهر على تدارك التأخر المسجل في بعض مناطق البلاد ويؤمن أخيرا ديمومة السياسة الوطنية للعدالة الاجتماعية والتضامن". وفي الأخير كلف رئيس الجمهورية الحكومة أن تقوم من خلال الحوار الوطني واستكمال النصوص المترتبة عن القانون الأساسي الجديد للوظيف العمومي بإعداد الإجراءات التي سيتم اتخاذها في مجال تحسين القدرة الشرائية للعمال والتي ستخصص لها المبالغ المالية اللازمة في قانون المالية المقبل. إثر ذلك تناول مجلس الوزراء بالدراسة والموافقة مشروع قانون يتعلق باللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها قدمه السيد وزير العدل حافظ الأختام. إن ترقية وحماية حقوق الإنسان مضمونة بكل وضوح بموجب أحكام الدستور وما انفكت تحظى بعناية خاصة من قبل رئيس الجمهورية وما دل على ذلك على الخصوص إنشاء اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها عام 2001. أن الحرص على تعزيز مكانة هذه اللجنة ودورها هو الذي جعل رئيس الدولة يكلف الحكومة بإعداد مشروع قانون يهدف إلى تدعيم أسسها القانونية ومصداقيتها على الصعيد الدولي ولاسيما لدى منظومة الأممالمتحدة. من هذا الباب جاء مشروع القانون بالنص على توسيع أوفى للتمثيل ضمن اللجنة هذه وذلك بتعزيزها بشخصيات وطنية مستقلة وخبراء جزائريين أعضاء في منظمات دولية لحقوق الإنسان إلى جانب ممثلي المجتمع المدني ومختلف الهيئات والأجهزة. وبموجب مبادئ الأممالمتحدة المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها ولما تقتضيه الممارسات على الصعيد الدولي يحيل مشروع القانون التوضيحات المتصلة بمهام اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها وتركيبتها وكذا كيفيات تنظيمها وسيرها إلى نص تنظيمي. وتبقى اللجنة هذه خاضعة لوصاية رئيس الجمهورية حامي الدستور والحقوق الأساسية والحريات العمومية. وسجل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في تدخله أن إعداد هذا المشروع دليل على الأهمية التي توليها الجزائر لمسألة حقوق الإنسان. واستطرد مؤكدا أن "الشعب الجزائري المتمسك بقيمه الخاصة دفع ثمنا باهظا من اجل استرجاع حقه في الحرية وما انفك بعد استعادة الاستقلال يضع حق المواطنين في الكرامة والتنمية والأمن في صدارة الأولويات. وقد جاءت التحولات التي شهدتها الجزائر إبان العقود الأخيرة لتكرس أكثر احترام الحقوق والحريات الفردية والجماعية. فذلك ما جعلنا نحرص على تعميق ترقية حقوق الإنسان واحترامها وتعزيزها على كافة الأصعدة طوال العشرية الماضية من خلال توطيد الأمن والسلم عن طريق المصالحة الوطنية وإصلاح العدالة في العمق. وجهود التنمية البشرية المبذولة في جميع الميادين". ختاما دعا رئيس الجمهورية المجتمع برمته إلى الإسهام في ترقية حقوق الإنسان وفي احترام الحقوق والحريات الفردية من خلال السهر على التكفل بواجبات كل مواطن وإعادة تأهيل الحس المدني والصالح العام والمواطنة في كافة الميادين. وعقب ذلك استمع مجلس الوزراء وناقش عرضا قدمه السيد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات حول الإجراءات الوقائية المتخذة لمواجهة خطر الإصابة بأنفلونزا "ألف" التي ظهرت في العالم. واتضح منها أن الحكومة عملت منذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية بتاريخ 24 أفريل الماضي أن الأنفلونزا المسماة ""AHINI تشكل حالة استعجالية في الصحة العمومية وطبقا لتعليمات السيد رئيس الجمهورية على اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة لمواجهة هذا الخطر الصحي مع العلم أنه لم تسجل أية حالة في بلادنا إلى غاية اليوم. وتشمل التدابير الوقائية هذه التي تتساوق مع الدرجة الخامسة للخطر التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية المراقبة واليقظة الصحية على مستوى مراكز الدخول إلى الجزائر جوا وبحرا وبرا وتنصيب خلايا طوارئ ومتابعة تعمل تحت أشراف السلطات الصحية والولاة وذلك على المستويين المركزي والمحلي وكذا إعداد الهياكل الصحية العمومية عبر الوطن لمواجهة أية حالة يحتمل أن تكون محل شك أو ثبوت. كما تم تنظيم ملتقيات إعلامية وتأهيلية لفائدة المسؤولين والأطباء المجندين في هذا الإطار الوقائي. والتجهيزات والوسائل الطبية متوفرة في البلاد بالقدر الكافي وهي موضوعة تحت مراقبة الصحة العمومية. والأمر سواء بالنسبة لتوفر مخزون من دواء "تاميفلو TAMIFLU " المضاد للفيروس بحوالي 5ر6 مليون حقنة بما يستجيب لمعايير منظمة الصحة العالمية التي توصي بمعدل وقائي يضاهي 20 ? من الساكنة. ودعما لذلك شرع في حملة إعلام وتوعية مستمرة باتجاه الرأي العام بينما تم تنصيب خلايا إصغاء ويقظة على مستوى إدارة الصحة العمومية. ولدى تدخله حول هذا الملف سجل رئيس الجمهورية أن الإجراءات المتخذة والمخزون من الوسائل والدواء المضاد للفيروس الذي تم تشكيله بمناسبة ظهور خطر أنفلونزا الطيور منذ ثلاث سنوات خلت تسمح اليوم لبلادنا بالتصدي لهذا الخطر الصحي الجديد المنتشر في العالم. وبناء على ذلك أوعز للحكومة بانتهاج طريقة عقلانية في تعزيز المخزون الذي قد يتضح ضروريا في هذه الحالة المستجدة والتي ينبغي متابعتها يوميا. وأضاف رئيس الدولة "أن مصالح الرقابة والتدخل المعنية مطالبة بتعميق تحكمها في الإجراءات وتنسيقها لاسيما في ظل توقع ارتفاع عدد الزوار خلال موسم الصيف. كما يتعين على الحكومة أن تسهر على الحفاظ على التنسيق مع منظمة الصحة العالمية ومع شركائنا الدوليين وفي مقدمتهم البلدان المجاورة وعلى تعزيزه" وختم رئيس الجمهورية بالقول "على أية حال لا يجب التفريط في أي جهد أو وسيلة من باب الحيطة التي علينا أن نلتزمها من أجل ضمان حماية صحة مواطنينا من تهديد هذا الوباء الجديد الذي يشغل قاطبة المجموعة الدولية". بعد ذلك استمع مجلس الوزراء إلى مداخلة قدمها السيد وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية حول موضوع صفقات التراضي البسيطة المبرمة مع المؤسسات الوطنية والمتضمنة اقتناء وصيانة عتاد متنوع موجه للجماعات المحلية وأولاها موافقته. هذا وتناول مجلس الوزراء بالدراسة والموافقة مشروعي مرسومين رئاسيين يتضمنان: 1- ترخيص تسوية اكتتاب الجزائر برسم عمليات إعادة تشكيل موارد الجمعية الدولية من اجل التنمية. 2- ترخيص اكتتاب الجزائر في العملية الخامسة عشرة لإعادة تشكيل موارد الجمعية الدولية من أجل التنمية. ستتيح هذه الاكتتابات لبلادنا تدعيم حقها في التصويت داخل الجمعية الدولية للتنمية. كما تناول مجلس الوزراء بالدراسة والموافقة تسعة مشاريع مراسيم رئاسية تتضمن الموافقة على ملحقات عقود وعقود مبرمة بين الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات (النفط ALNAFT ") والشركة الوطنية سوناطراك وشركات أجنبية مختلفة في مجال البحث عن المحروقات وتقديرها واستغلالها على مستوى المساحات المعنية. وفي الختام تناول مجلس الوزراء بالدراسة والموافقة قرارات فردية تتعلق بوظائف عليا في الدولة.