قال إدريس لشقر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي المغربي، إن اقتصاد الريع بالمملكة، أدى إلى تدهور الوضع المعيشي للطبقة المتوسطة بشكل كبير بينما انهارت آمال الطبقة الفقيرة في الخروج من مستنقع الهشاشة والحرمان وتعمقت الفوارق الاجتماعية بشكل رهيب، بسبب سياسات الدولة الاقتصادية التي رهنت مستقبل الأجيال المقبلة من خلال اللجوء في كل مرة إلى الاستدانة الخارجية. وقال لشقر خلال مؤتمر للحزب، إن التقرير الخاص بالنموذج الاقتصادي والاجتماعي، كشف عن عمق الاختلالات التي دأبت الحكومات المغربية المتعاقبة على انتهاجها خلال العقود الماضية، والتي اعتمدت نموذجا اقتصاديا ريعيا انتفع منه المخزن دون غالبية الشعب المغربي. وقال إن من نتائج هذا الاقتصاد، تمركز الثروة بين أيدي طبقة أثرياء محدودة العدد، بينما تهاوت وضعية الفئات الأخرى إلى مستنقع الهشاشة والحرمان، في ظل فوارق مجتمعية تنذر بانفجار وشيك. وأضاف المسؤول الحزبي أن المستفيد الأكبر من دينامية الاقتصاد الوطني والمجهود الاستثماري العمومي ومن تحرير الأسواق وتسخير الادخار الوطني، انحصر في شركات محدودة تركت لها الحكومات السابقة المجال للتحكم في شبكات التوزيع والسوق المالية والمصرفية والبناء والنقل والزراعة والطاقة وامتدت إلى الصحة والتعليم. وأكد لشقر أن اقتصاد الريع المنتهج، كرس السعي وراء الربح السهل، وترك كل المخاطرة الاقتصادية للدولة التي توظف العائدات الجبائية في تهيئة البنية التحتية وترهن الأجيال المقبلة من خلال المديونية. وأوضح إدريس لشقر أن المقصود بوصف ما حدث بعد الانتخابات الماضية بالتغول، هو أن التغيير المنشود تحول إلى انزلاق قد يعصف بمصداقية نواب البرلمان بدليل أن الاتفاقات الحسابية التي تلت الإعلان عن النتائج دشنت لمسلسل تقليص المشاركة السياسية. واعتبر أن الخطة المتبعة لتشكيل الأغلبية انقلبت، كون الأغلبية تشكلت دون سابق إعلان عن أي تقارب أو تنسيق بين مكوناتها، ضمن مشهد وصفه ب"الشاذ"، معتبرا ذلك بمثابة انزلاق خطير، حيث صادر الثالوث الحكومي حق النخب المحلية في تشكيل الأغلبية التي تخدم الشأن المحلي بناء على الكفاءات المحلية، بدل الأوامر المركزية المصحوبة بالتهديد والآمرة بالإقصاء. وفي نفس السياق أكد الخبير الاقتصادي المغربي، هشام عطوش، أن الدين الخارجي للمملكة، الذي تجاوز عتبة 41 مليار دولار نهاية العام الماضي بما يفوق 35 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي، وهي ديون طويلة ومتوسطة الأمد من شأنها رهن مستقبل الأجيال القادمة في المغرب على مدى العقود الثلاثة القادمة. وفي ظل هذه المؤشرات الكارثية على وضع مجتمعي هش في مملكة متهالكة، أعلنت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل المغربية، تنظيم تجمعات احتجاجية أمام كافة مقراتها على الصعيد الوطني، منتصف الشهر القادم احتجاجا على ارتفاع الأسعار، وتجميد الحوار الاجتماعي، والتضييق على الحريات النقابية. وأكدت الكنفدرالية في بيان، أن الوضعية المعيشية أصبحت لا تطاق بسبب الغلاء الفاحش الذي مس المواد الأساسية، وعلى رأسها المحروقات، مستهجنة عدم تفعيل الدولة، القانون لتسقيف الأسعار أو تحديد هامش الربح من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين التي تضررت كثيرا، خاصة في ظل تداعيات الجائحة. وذكرت الكنفدرالية أن الحريات النقابية في المغرب عرفت "ردة وتضييقا غير مسبوقين على الممارسة النقابية في انتهاك للدستور وخرق لمدونة الشغل. وهو ما جعلها تطالب باحترام الحريات النقابية وفرض احترام حقوق العمال واستقرارهم الاجتماعي، ومعالجة النزاعات الاجتماعية".