يرفع مهنيو قطاع الصيد البحري بميناء دلس في بومرداس، بعض الحلول والاقتراحات لمشاكل مهنية وأخرى اجتماعية، قالوا إنها تلقي بضلالها على مهنتهم وتعيق تطويرها، وأبدوا الكثير من المسؤولية، بتأكيدهم على أنهم في الخطوط الأولى لتحقيق الأمن الغذائي، غير أنهم ربطوا تحقيق هذه المعادلة بمدى تجسيد مطالبهم التي تصب في مجال تطوير القطاع إجمالا. من جملة الانشغالات التي طرحها مهنيو الصيد البحري بميناء دلس، مسألة التداخل بين نشاط الصيد ونشاط النزهة بالميناء، إلى جانب غياب النشاط التجاري بهذا الميناء العريق، الذي عرف عصرا ذهبيا خلال سنوات سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، لكن تراجع الأمر بشكل كبير، مما أثر على جوانب كثيرة من الحياة الاجتماعية بمدينة دلس. وحسب ما استفيد من جملة الانشغالات المرفوعة من قبل مهنيي الصيد البحري إلى السلطات المختصة، فإن اضمحلال نشاط التجارة، بسبب عدم رسو سفن الشحن الكبرى، مقابل انعدام مصانع لإنعاش الحياة الاقتصادية بالمدينة، صعب كثيرا على أبناء المنطقة إيجاد مناصب شغل، وإن كل التفكير منصب حول إعادة الاعتبار لميناء دلس، بحكم أنه أحد أعرق الموانئ في الوطن. تحسين ظروف عمل الصيادين على رأس المطالب في هذا الصدد، لفت أحد المهنيين إلى أن المشكل المطروح، يكمن أساسا في ضيق مساحة الرسو بالميناء، رغم التهيئة التي خضع لها مؤخرا، والتي تسمح حاليا برسو 23 سفينة، منها 13 سفينة من نوع جياب "شالوتييه"، و10 سفن لصيد السردين. كما لفت إلى إشكال آخر، يتعلق بتحسين ظروف عمل الصيادين، حيث قال المتحدث وهو صاحب سفينة صيد سردين ومجهز سفن، إن الصياد يأتي ضمن الخطوط الأولى لضمان الأمن الغذائي، وعليه، لابد من تحسين ظروفه المهنية، من تهيئة الرصيف في ميناء دلس بالشكل الذي يسمح للصياد بعرض منتوجه، كما طالب بتمديد عمل محطة الوقود داخل الميناء، حيث استغرب من عمل المحطة وفق الدوام الوظيفي من الثامنة إلى الرابعة مساء، في الوقت الذي ينحصر عمل الصيادين في الفترات الليلية، الأمر الذي يضطرهم إلى تزويد مراكبهم صباحا، وهو ما يحدث ضغطا كبيرا وطوابير طويلة، تعطل نشاط هؤلاء الصيادين. من جهته، تطرق مهني آخر لانعدام طبيب بيطري في الميناء لمراقبة البضاعة والتصديق عليها، مما قد يعيق إخراج المنتوج أو يعرضه للحجز من قبل مصالح الرقابة، مطالبا الجهات المعنية بالإسراع في حل هذا الإشكال الذي اعتبره مثبطا كبيرا، بالنظر إلى اضطرار المهنيين لأخذ سلعهم إلى الحدود الشرقية لولاية الجزائر، للبحث عن بيطري، فيما لفت مهني آخر، إلى أهمية الفصل بين نشاط سفن النزهة وسفن الصيد بميناء دلس، بسبب انعدام الأرصفة وضيق مساحة الرسو، ناهيك عن تهيئة هاجع الصيادين، التي يصل عددها إلى 46 مهجعا، وإعادة الاعتبار للمصنع الوحيد المتواجد داخل الميناء، الذي كان يضم عدة أنشطة تابعة لقطاع الصيد البحري، تخص صناعة الثلج، تعليب الأسماك وغيرها، حيث أصبح اليوم هيكلا دون روح. تغيير سلوك الصيد والفصل بين الأنشطة عبر الموانئ حول كل هذه الانشغالات، أكد وفد رسمي زار الميناء مؤخرا، أنه سينظر إلى كل المشاكل والمقترحات المطروحة من قبل الصيادين ومهنيي القطاع، بالكثير من الجدية والحزم بما يعود بالنفع عليهم، ومن ثمة، الرفع من قدرات الإنتاج والتأثير الايجابي على الأسعار، حيث قال وزير القطاع السيد صلواتشي، في هذا الشأن، إن الهدف المسطر من قبل مصالحه، هو رفع الإنتاج وفق استراتيجية واضحة، تجمع ما بين تطوير تربية المائيات والرفع من قدرات الصيد البحري. علما أن ميناء دلس يحصي 573 قارب نزهة، و266 قارب للصيد، بمعنى أن قوارب الصيد لا تمثل سوى 32 بالمائة من مجموع المراكب بالميناء، بينما ترتكز الرؤية الجديدة للقطاع، على ترقية نشاط الصيد. كما تشير الإحصائيات في هذا الصدد، إلى أن 52 بالمائة من السفن عبر الموانئ مخصصة للمهن الصغرى، مما يعني استحالة ممارسة الصيد بأعالي البحار، وهو ما يجعل من أهمية تغيير سلوك الصيد بالتفكير في الاستثمار في السفن، من الأحجام الكبرى للصيد في المستوى الثالث بأعالي البحار، من الأولويات المطروحة في قطاع الصيد البحري، شريطة تنظيم الموانئ، سواء تعلق الأمر بمخططات الرسو أو تنظيم أحوال البحريين، مع التفكير جديا في إنشاء التعاونيات الخاصة بالصيد البحري أو بنشاط تربية المائيات، بما يعود بالنفع على البحريين، خاصة في فترة الراحة البيولوجية. أما عن مسألة إنعاش النشاط التجاري بميناء دلس، فقد تمت الإشارة إلى أهمية إجراء دراسة متأنية، للنظر في إمكانية إدراج هذا النشاط في الميناء العريق، رغم وجود عدة عراقيل تحول دون ذلك، لاسيما ضيق الرصيف وانعدام مخارج أخرى للميناء، بوجود طريق واحدة تعرف ضغطا كبيرا، حيث انعكس الأمر سلبا على سيولة حركة النقل بمدينة دلس. كما تتضمن دراسة أخرى، إمكانية الفصل بين نشاطي سفن النزهة وسفن الصيد بنفس الميناء، أو السماح بالجمع بينهما، مع تنظيم فاصل بين النشاطين..