شكل اجتماع اللجنة الأممية حول تصفية الاستعمار مسرحا لجلسة ألزم خلالها ممثل الجزائر الدائم السفير نذير العرباوي الوفد المغربي حده. قبل إلقاء خطابه المخصص لموضوع اليوم الثاني من أشغال الملتقى حول الصحراء الغربية، ألزم السفير العرباوي مشاركة صحراوية جاءت من الأراضي المحتلة بالصحراء الغربية مكلفة بمهمة، حدها بعد أن قامت بترديد أقاويل وتصريحات تم إعدادها في مقرات المديرية العامة للدراسات والتوثيق التابعة لمصلحة الاستعلامات ومكافحة التجسس في المغرب، بخصوص انتهاكات حقوق الانسان في تندوف (..) كذلك الأمر بالنسبة لأعضاء وفد مندوبي الدول الصديقة للمغرب الذين تطرقوا في مداخلاتهم التي وزعت لهم من طرف الوفد المغربي، وكأنهم فرقة باليه تقدّم عرضا عديم الذوق إلى مسألة الموائد المستديرة وضرورة إشراك الجزائر. وركز السفير العرباوي في بداية مداخلته على المشاركة "الصحراوية" آخذا الحضور كشهود، حيث أكد قائلا: "تم ذكر اسم بلدي 3 مرات على لسان أحدهم (..) وقد قرّر وفدي عدم الرد على هذه الادعاءات باعتبار أن هذا الشخص لا يمثل سوى نفسه، مع العلم أنه طبقا للوائح الأممالمتحدة فإن جبهة البوليزاريو هي الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي، فلا داعي للحديث مطولا بخصوص هذه النقطة". وتابع يقول، "بخصوص ذكر اسم بلدي على لسان بعض المندوبين، لا بأس أن نذكرهم للمرة الألف والأخيرة أن بلدي ليس طرفا في النزاع، فهو مثله مثل موريتانيا يحظى بصفة بلد جار مراقب، إلا إذا كان الهدف من إقحامه نابعا من رغبة مشتركة وفاشلة في جعل النزاع "متعدد الأطراف"...لكن النزاع يبقى في جوهره، إن أراد المغرب ذلك أو رفضه، مسألة تصفية استعمار". وفي الشق الثاني من مداخلته أفحم السفير العرباوي السفير المغربي عمر هلال خلال النقاش العام، حيث قام هذا الأخير بعد أن تاهت عنه السبل بالالتحاق بقطيعه المسعور وإطلاق هجومه المعتاد على الجزائر وهو ما تسبب في حالة استهجان من قبل الوفود الأخرى، بعضها وصفه "بالموقف المشين وغير اللائق" بالنسبة لدبلوماسي والبعض الآخر ب«الموقف غير المتحضر". وبعدما دعا السفير المغربي إلى إعادة القيام بواجباته ومراجعة دروسه، رد ممثل الجزائر الدائم بكل هدوء على وابل التهجمات في حق بلدنا الواحدة تلو الأخرى. ففيما يخص مزاعم "حق تقرير مصير منطقة القبائل"، أوضح السفير العرباوي أن الوفد المغربي يسعى من خلال هذه الادعاءات وبشكل بائس إلى إحداث حالة من اللبس وخداع الرأي العام الوطني والدولي باللجوء إلى اختلاق مسألة موازية لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، المعترف به من طرف الشرعية الدولية ولوائح الأممالمتحدة ذات الصلة. وقال إن الوفد المغربي يعاني من عجز كبير ونقص في المعطيات الدولية التاريخية، بسبب عيشه في "محمية" فهو لا يعرف معنى قيم وتضحيات الكفاح في سبيل تحرير الوطن. وذكر أن كل فئات المجتمع الجزائري التفت حول حركة التحرير الوطني التي قادها جيش التحرير الوطني، مشيرا إلى أنه من بين قادة حرب التحرير الوطني الذين كتبوا تاريخ الثورة الجزائرية المجيدة هنالك وجوه تاريخية تنتمي إلى هذه المنطقة من البلد. وذكر في هذا الخصوص حسين آيت أحمد وكريم بلقاسم والعقيد عميروش وعبان رمضان وعمران أوعمران وهؤلاء ليسوا سوى بضعة أسماء من قائمة طويلة من المكافحين الأبرار في سبيل الحرية. وأضاف قائلا "حبّ من أحب وكره من كره.. الجزائر جمهورية واحدة غير قابلة للتجزئة وهو مبدأ رسّخه شعبها في كل دساتير البلد منذ الاستقلال سنة 1962". من جهة أخرى، استعرض سفير المغرب أمام المشاركين من خلال قراءة مبتورة ومضللة، رسالة 19 نوفمبر 1975 الموجهة للأمين العام للأمم المتحدة من قبل ممثل الجزائر الدائم السابق، حيث قدم وثيقة يعرف من خلالها عن موقف الجزائر إزاء آخر التطوّرات المتعلقة بمشكل الصحراء الغربية. في هذه الرسالة تم التوضيح أن النقاشات واللوائح 377 (1975) و379 (1975) و 380لمجلس الأمن أفضت لما يلي، "علاوة على إسبانيا بصفتها قوة مديرة فإن الأطراف المعنية في قضية الصحراء الغربية هي الجزائر والمغرب وموريتانيا". وردا على هذه الكذبة الوقحة للسفير المغربي، دعا السفير العرباوي ممثل المغرب إلى "الكف عن بتر فحوى الرسالة والاستخفاف بذكاء المنتدبين الحاضرين والقادرين على قراءة نصوص الأممالمتحدة بأنفسهم والذين يتحكمون في المصطلحات الدبلوماسية المتعددة الأطراف"، مسترسلا أنه "كان يجدر بممثل المغرب قراءة المقاطع التي لا تترك أي مجال للغموض أو الريبة بشأن موقف بلدي". في رده على تطرق سفير المغرب لمعركة أمكالة، ذكر العرباوي باختصار بحرب الرمال لاستذكار حقيقة الاعتداءات والهجمات المغربية التي استهدفت بلدنا منذ أولى سنوات استقلالها. وبشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، تم تذكير الوفد المغربي أمام كافة المشاركين في المنتدى بأن الشعب الصحراوي يعيش تحت وطأة سجن كبير في الأراضي المحتلة ووسط حصار بوليسي، في ظل انتهاك للحريات وحقوق الإنسان والتعذيب والاعتداءات في حق النساء وعمليات الاختطاف القسرية وشتى أنواع إبادة الصحراويين على يد نظام المخزن المغربي. وذلك كله أمام الصمت الصارخ للمينورسو. وتجلى ذلك من خلال انتهاكات مكثفة وممنهجة وصارخة لحقوق الإنسان ارتكبها المغرب في حق المواطنين الصحراويين، ضاربا عرض الحائط بالقواعد الأساسية للقانون الدولي، لاسيما منع التعذيب بل وحتى القانون الدولي الإنساني، فيما يتعلق أساسا بمعاملة السجناء الصحراويين القابعين في السجون المغربية، ممارسات مماثلة لجرائم الحرب. يضاف إلى ذلك كله الممارسات القمعية المغربية في حق المدنيين الصحراويين الذين خرجوا إلى الشارع في فيفري 2022 لإحياء الذكرى 46 لإعلان الجمهورية الصحراوية، شأنها شأن التصعيد القمعي والاعتداءات في حق المناضلين الصحراويين الرافضين للاحتلال المغربي، لاسيما وضع عائلة المناضلة خيا في مدينة بوجدور المحتلة التي تعيش الحصار منذ عدة سنوات وما تتعرض له الأختان سلطانة والواعرة. "المناضلة الصحراوية سلطانة سيد ابراهيم خيا مستهدفة بالتصفية الجسدية بعد الاعتداء الوحشي على منزل عائلتها في فيفري 2022 والتعذيب الذي تعرضت له". هذا دون إغفال جرائم الاختفاءات القسرية التي تصنف في خانة التطهير العرقي، مشيرا في ذات السياق إلى "مصير أكثر من 400 حالة من المدنيين الذين اختفوا وظل مصيرهم مجهولا إلى اليوم مع استذكار عشرات المدنيين الصحراويين الذين اغتيلوا برصاص مصالح الأمن المغربية (أرقام بتاريخ 26 فيفري 2022). وما زاد الطين بلة هو منع المراقبين الدوليين ووسائل الاعلام ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان من الدخول والتحقيق والاطلاع على حقيقة الوضع. في رد فعله على التطرّق إلى الحراك الجزائري، أشار السفير العرباوي إلى أن الحراك هو حركة شعبية ويبقى دليلا قاطعا على نضج المجتمع الجزائري والتزامه بالمساهمة في تطوير البلاد. ومستشهدا بالحضور تساءل السفير المغربي عن أسباب غلق الحدود بين بلدينا وسرعان ما ذكّر السفير العرباوي بالأسباب التي كانت وراء غلق الحدود. "لتنشيط ذاكرة الممثل المغربي الذي بدا في حالة هذيان يائسة، كان ذلك عقب الاعتداء الذي استهدف فندق أطلس أسني بمدينة مراكش سنة 1994 الذي اتهم على إثره المغرب حينها الجزائر ظلما وبهتانا، حيث استدعى مئات الجزائيين إلى محافظات الشرطة المحلية مطالبا جميع الرعايا الجزائريين المتواجدين بالمغرب بمغادرة التراب المغربي في أجل 48 ساعة. كما قرّر المغرب فرض تأشيرة دخول على الرعايا الجزائريين". ومن منطلق تطبيق قاعدة المعاملة بالمثل قرّرت الجزائر فرض تأشيرة على المغربيين علاوة على غلق الحدود البرية بين البلدين التي كانت تعتبر في 1994 منطقة عبور للأسلحة الموجهة للإرهابيين وللمتاجرة بالمخدرات. وشكلت هذه الطبعة للمنتدى حول تصفية الاستعمار فرصة ضائعة أخرى للمرة المليون للسفير المغربي عمر هلال، لكي لا يكون محل سخرية، لكن جرأته التي تخفي عدم كفاءة دبلوماسية جلية وحالة الهذيان القصوى التي تنتشيه وفشله التام في التمييز حال دون ذلك وأضحى ذلك معهودا لدى الدبلوماسيين".