يرى الخبير في الشؤون الاقتصادية، أمحمد حميدوش أن تحسين مناخ الاستثمار ومحيط الأعمال يتطلب اتخاذ تدابير لمعالجة مشاكل العقار، التمويل البنكي ومنح صلاحيات حقيقية للشباك الموحد لتقليص الوقت عند انشاء المؤسسات واعادة تفعيل دور صندوق الاستثمار، مع رفع العراقيل البيروقراطية. وهو ما جعله يعبر عن أمله في تصريح ل "المساء" أن يعالج مشروع قانون الاستثمار الجديد كل هذه النقاط للقضاء على العراقيل التي ظلت تعيق الاستثمارات في الجزائر منذ وضع أول قانون للاستثمار سنة 1994. وأكد حميدوش أن أول مشكل كان ولا يزال يعيق الاستثمار ببلادنا وأدى إلى إجهاض عديد المشاريع قبل أن ترى النور، طول المدة التي تستغرقها عملية استحداث مؤسسة، بسبب الإدارات المتعددة التي يتعين على صاحب المشروع المرور من خلالها قبل مباشرة إنجاز مشروعه. وأوضح أنه رغم وجود الشباك الموحّد الذي يضم ممثلي كل الهيئات المعنية باستحداث مؤسسات جديدة والذي تضمنه قانون الاستثمار الساري العمل به حاليا، إلا أن كل الحكومات المتعاقبة منذ سنة 1994 فشلت ولم تنجح في منح كل صلاحيات الإدارة لشباك موحّد توكل له عملية منح كل التراخيص لصاحب المشروع، رغم أن القانون منح كل الصلاحيات لهذا الشباك غير أنها غير مطبقة. وقال إن مشروع قانون الاستثمار الذي ناقشه مجلس الوزراء، الخميس الماضي والذي سيحال على البرلمان قريبا، يجب أن يراعي هذه النقطة بالذات ويمنح صلاحيات فعلية لهذا الشباك لتسهيل عمليات الاستثمار وتحفيز المستثمرين، خاصة أن مجلس الوزراء أكد أن مشروع القانون جاء بتدابير جديدة لتحسين مناخ الاستثمار وتحرير روح المبادرة وتنويع الاقتصاد الوطني ضمن رؤية شاملة ومستقرة تراعي تكريس مبادئ حرية الاستثمار والشفافية والمساواة، تماشيا مع أحكام الدستور، وإعادة تنظيم الإطار المؤسساتي المتعلق بالاستثمار، واستحداث شبابيك موحدة غير ممركزة للاستثمار المحلي، وتعزيز صلاحياتها من خلال تأهيل ممثلي الهيئات والإدارات العمومية لديها. وفيما يخص مسألة العقار التي تعد المشكل الرئيسي الذي يواجه المستثمرين، كلف رئيس الجمهورية في إطار مشروع القانون الجديد الحكومة باستكمال النصوص المتعلقة بمختلف الوكالات المكلفة بالعقار مع إنهاء عملية حصر الأوعية العقارية المتاحة أو غير المستغلة لضمان وضعها تحت تصرف المستثمرين بشكل شفاف وعقلاني. وهي النقطة التي قال بشأنها الخبير الاقتصادي، "إن قانون الاستثمار الحالي لم يأخذ بعين الاعتبار مشكل العقار رغم أنه مشكل معقّد يصطدم به صاحب كل مؤسّسة في طور الإنشاء، خاصة بالنسبة للقطاع الخاص الذي يبقى عاجزا عن إنشاء مناطق صناعية في ظل غياب مراسيم تنصّ على ذلك، ووجود اقتصاد ممركز لا يمنح صلاحيات للمسؤولين المحليين.. الأمر الذي جعل العقار أهم مشكل يضيع الوقت لأصحاب المشاريع وأدى في كثير من المرات إلى إلغائها". وتوقف حميدوش في سياق تشخيصه، عند أهمية إعادة تفعيل دور صندوق الاستثمار الذي ينصّ عليه القانون القديم، والذي كان عبارة عن هيئة ترافق مشاريع القطاع الخاص في المناطق النائية التي تحتاج إلى تنمية، مشيرا إلى أن هذا الصندوق عندما تحوّل إلى صندوق له أسهم في الشركات أهدر عديد فرص الاستثمار في بعض المناطق التي كانت لها قابلية لإطلاق مشاريع في أقرب وقت. كما ركّز محدثنا على أهمية أن يولي مشروع قانون الاستثمار الجديد، أهمية لمسائل تمويل المشاريع من طرف البنوك، بقناعة أن أغلب المستثمرين في القطاع الخاص يواجهون عراقيل من طرف البنوك العمومية التي تطالبهم بضمانات كبيرة جدا للاستفادة من القروض التي يحتاجونها علما أن 95% من المشاريع في بلادنا تمول من طرف هذه البنوك. وأضاف السيد حميدوش أنه في حال إبقاء القانون الجديد على نفس آليات التمويل التقليدية فإن ذلك من شأنه كبح الاستثمارات الصغيرة، ولن تبقى سوى المشاريع العمومية الكبرى التي غالبا ما يكون لها تمويل من الخارج والتي تتمكن من تجاوز هذه العقبات، أما الاستثمارات المحلية الصغيرة فلا تستطيع الحصول على قروض بنكية في ظل نسب المخاطرة المطلوبة. واقترح الخبير، إنشاء بنك للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وخوصصة ما بين 30 إلى 40% من أسهم البنوك العمومية مع وضع برنامج خاص بالحوكمة، ملحا على ضرورة إعادة النظر في آليات التمويل بإنشاء ما بين 29 إلى 31 صندوق ضمان القروض بتخصيص صندوق واحد لكل شعبة اقتصادية مع وضع آليات المساهمة لمرافقة هذه الصناديق. أما فيما يتعلق بالعراقيل الإدارية والبيروقراطية فيمكن معالجتها، حسبه، خارج قانون الاستثمار بموجب قوانين المالية وقوانين المالية التكميلية، في حال تسجيل مشاكل تتحول دون تمكن المستثمرين من إتمام مشاريعهم .