لم تمض ساعات عن إطلاق الفنان "دي جي سنايك" جديده "ديسكو مغرب"، حتى حقق ملايين المشاهدات على منصة "يوتيوب" الإلكترونية، وهو أقرب من عمل موسيقي ترويجي للثقافة والتراث الجزائريين الأصيلين، يعكس، صراحة، تشبّثه بانتمائه الجزائري من ناحية والدته، على اعتبار أن والده فرنسي. خلق الفيديو كليب فور صدوره، موجة من التهكم والنقد لمضمون هذا العمل الفني، بسبب المشاهد المختارة، أغلبهم قد يكونون من أصحاب الأفكار السلبية، الذين لا يستطيعون أن يروا الجزائر إلا بمساوئها؛ هم لا يريدون أن تظهر بلادهم إلا بصور بشعة! وللأسف، هي أحكام غير مؤسَّسة، بخلفية نابعة من فراغ معرفي وثقافي، للجهد الذي قام به الدي جي وأهميته الفنية، فيما أشاد العديد من المهتمين بالشأن الموسيقي في الجزائر، بالمنتوج الموسيقي "ديسكو مغرب"، ذلك أنه استطاع أن يروّج لنوع موسيقي جزائري عتيق، ويتعلق الأمر ب "لعلاوي". ولا يختلف اثنان في أن الكليب حمل رسائل جميلة، تعكس دهشة الجزائريين قبل روعة التضاريس والجغرافيا، وقبل رونق التراث المادي. لماذا "ديسكو مغرب"؟يبدو أن دي جي سنايك واسمه الحقيقي وليام سامي غريغسين بحث كثيرا قبل أن يطلق الكليب والتسجيل الفني ككل، وقام بدراسة دقيقة في الشأن الاجتماعي الجزائري. وقد اكتشف أهمية شركة الإنتاج "ديسكو مغرب" الواقعة في وهران والتي أُغلقت منذ سنوات، بالنسبة لتاريخ الأغنية الجزائرية، ذلك أنها كانت واجهة لامعة، ومصنعا لنجوم كبار أمثال الراحل حسني، والشاب نصرو وخالد حاج إبراهيم وغيرهم، الذين، بدورهم، أثمرت جهودهم مجموعة من الأغاني الخالدة. وفي الكليب، يعيد فتح أبوابها الموصدة؛ كأنه يفتح باب المجد الفني الجزائري الذي بلغ العالمية انطلاقا من قواعده التراثية العريقة! وهو المشهد الذي يستهل به الكليب، الذي صاحَبته موسيقى حالمة في البدء، ثم سرعان ما ينقلب إلى طبع لعلاوي، بمرافقة لافتة لآلة النفخ التقليدية "المزود". وقد أهدى دي جي سنايك العمل لصاحب مؤسسة الإنتاج المعروف باسم بوعلام، ديسكو مغرب. بطاقة بريدية بعد النقلة الموسيقية إلى لون لعلاوي بإضافات موسيقية عصرية تعكس مهارة دي جي سنايك، تظهر الصور المتراصة الواحدة تلو الأخرى، التي تعبّر عن أجواء الأعراس والفرح من عمق الأحياء الشعبية، ومن مختلف نواحي الوطن، وتضمّنتها جماليات مشهدية لم تقدَّم من قبل عن الجزائر، كانت أشبه ببطاقة بريدية يرسلها البعض لأهليهم وأصدقائهم، تعبّر عن الفخر والاعتزاز بانتماءٍ جزائري أصيل، فقد قدّم دي جي سنايك صورة أخرى غير نمطية وغير متداوَلة عن البلاد، وهي أحسن طريقة لإيصال الصورة بإحساس، وهذه القدرة قليل من يتملكها، وفي هذا الكليب تظهر هذه الإمكانية ببراعة. أكثر من ذلك، واضعُ الكليب يمكن أن يسمى دي جي أيضا، فقد استطاع أن يقدم مزجا موسيقيا بالصورة؛ بمعنى أن الصورة في هذا العمل الفني، هي نوتة موسيقية إلى جانب الألحان الممزوجة والمنسقة فنيا. تُعرض هذه الصور على إيقاع واحد مع الموسيقى في العالي والسكون. نظرة الآخر رؤيةٌ أخرى نظرة الآخر إلى بلد لم يعش فيه، تختلف تماما عن القاطن به. وتجلى هذا الاختلاف في الرؤية الأخرى التي قدمها دي جي سنايك الذي وُلد في باريس الفرنسية، والمقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، في عمله الجديد "ديسكو مغرب"، لذلك استطاع أن يسرّب تفاصيل حميمة عن الجزائر، هي من خالص الأجواء الجزائرية. وذكرت وسائط إعلامية أجنبية أن دي جي سنايك صرح في إحدى تغريداته على موقع تويتر، أن سبب استعماله الكثير من الموسيقى الجزائرية في مؤلفاته الفنية، راجع إلى كون والدته جزائرية، انتقلت إلى مدينة باريس للعيش هناك. هزُّ الكتف.. ضرب القدم وحمل "ديسكو مغرب" أنغاما في طبع لعلاوي الراقص، الذي يتميز بحركات هز الكتف، وضرب القدم على الأرض، ويمنح جرعة عالية من المعنويات الإيجابية، ويُجبر المتلقين على الرقص حتى وإن لم يرغبوا في ذلك، وهذا العمل بمثابة شاحن بطارية يوم جديد للعاملين، والدارسين، ولسيدات البيوت، لقضاء أشغالهم المنزلية. وتظهر هذه الرقصة في معظم مشاهد الكليب المصور ما بين الجزائر العاصمة ووهران وتلمسان وسيدي بلعباس، يؤديها الكبار والصغار. ونراها في الأعراس، وحفلات الفانتازيا باللباس التقليدي وركوب الجمال، التي تعبّر، صراحة، عن ثراء تراث الجزائر الثقافي. العمق في البساطة واستنطق الفيديو كليب حياة الناس، ودخل أجواءها من خلال مشاهد قد تكون بسيطة في العموم، على غرار العرس، والمقهى، وتجمّع شباب أصحاب دراجات نارية، كانت تُصنع في الجزائر، لكن، في الوقت عينه، مرّر العمل رسالة عميقة المعنى، تكشف عن تمسّك الجزائريين بجذورهم، كما هو واضح في صورتين، الأولى نشاهد فيها طفلا يؤدي رقصة لعلاوي بشكل احترافي، والثانية تعبّر عن حلقة تعليم هذه الرقصة العريقة. وقدّم للمشاهدين مناظر طبيعية جذابة، من شأنها أن تلفت متابعي دي جي سنايك، لأداء مناسك السياحة في الجزائر.