شغل المسرح المصري أول أمس خشبة قاعة "الموقار" ليعرض على الجمهور العاصمي مسرحية "قهوة سادة"، وذلك في إطار العروض العربية التي تقدم خارج مسابقة المهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي تختتم فعالياته بعد غد الخميس. المسرحية التي تمثل مشروع تخرج لطلبة قسم التمثيل لمسرح مركز الإبداع الفني جاءت في شكل عزاء مفتوح لكل من فقدتهم مصر من أعلامها في مختلف المجالات السياسية، الفنية، الاجتماعية والفكرية عبر مجموعة من اللوحات الارتجالية. بدأت المسرحية بعزاء وبكاء ونواح شارك فيه كل فريق المسرحية الذي يضم قرابة 30 ممثلا احتشدت بهم خشبة الموقار، حيث دخل كل منهم وهو يحمل صورة لواحد ممن صنعوا تاريخ مصر السياسي والفني والأدبي على غرار الزعيم عبد الناصر، سعد زغلول، عبد الحليم حافظ، أم كلثوم، نجيب محفوظ...لتتوالى بعد ذلك اللوحات التي تعري العديد من الوجوه المستترة لراهن المجتمع المصري اتخذ بعضها طابعا فكاهيا خفيفا والبعض الآخر طابعا تراجيديا مأساويا. أولى تلك اللوحات سعت إلى الكشف عن حالة التدني والابتذال الذي يتخبط فيه عالم الفن والموسيقى الذي نزل من علياء أم كلثوم وعبد الحليم إلى براثن هيفاء وسعد الصغير، في حين جسدت أخرى أزمة الرغيف التي عاشها المجتمع المصري، وجسدت لوحة أخرى جهل الجيل الجديد بما صنعه الأجداد من بطولات، وحالة الفساد التي يتخبط فيها قطاع السينما الذي أصبح يقوم على المداهنة والمصلحية، كما قدم العمل لوحة عن تدني القيم الاجتماعية وانحلال الروابط الأسرية، كذلك صور العمل مشاكل الزواج في مصر وغلاء المهور وفساد المستشفيات وتعفن طبقة الأثرياء من رجال الأعمال الجدد وتغير وجه المدينة القديمة والدوس على خصوصياتها لصالح إعلانات الإشهار، ضعف المؤسسات التربوية والجامعة ....ولم يستثن العمل الذي صاغه وأخرجه للركح خالد جلال حتى أزمة الفتاوى في مصر التي جسدها في فتوى إرضاع الكبير التي أقامت الدنيا ولم تقعدها. ومع نهاية كل لوحة تعيد المسرحية المتفرج إلى جلسة العزاء التي يجلس فيها أعضاء الفرقة بلباس اسود ونظارات سوداء يحتسون "قهوة سادة"، مرفوقة بوصلة صوتية في أغلب الأحيان موسيقية تذكر الحضور بالزمن الجميل. العمل يصنف ضمن فئة المسرح التجاري لاعتماده بشكل خاص على المؤثرات البصرية والبهرجة على حساب المضمون وحملت بعض اللوحات مبالغة كبيرة سواء على مستوى الطرح أو على مستوى الأداء، كذلك اعتمدت بشكل رئيسي على الرقص والغناء لإشغال المتفرج والظفر باهتمامه أمام غياب نص واضح ومتكامل.