شرع الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، أمس، في زيارة عمل إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة على رأس وفد وزاري هام، في إطار تنظيم الدورة 19 للجنة الكبرى المشتركة الجزائرية-الموريتانية للتعاون التي تعقد اليوم، كلبنة أخرى تضاف إلى مسار العلاقات الثنائية المتميزة التي تشهد ديناميكية قوية في التعاون بين البلدين في مختلف المجالات. يرافق الوزير الأول إلى نواكشوط وفد وزاري يضم كل من وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية ابراهيم مراد، وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي كمال بداري، وزير التكوين والتعليم المهنيين ياسين مرابي، وزير الأشغال العمومية والري والمنشآت القاعدية لخضر رخروخ، ووزير الصيد البحري والمنتجات الصيدية هشام سفيان صلواتشي. ويعرف التعاون الجزائري- الموريتاني انتعاشا ملحوظا تترجمه جملة من الآليات المتمثلة في لجنة التشاور السياسي ولجنة المتابعة واللجنة المشتركة الكبرى للتعاون، والتي يسعى من خلالها البلدان إلى تعزيز ما تم تحقيقه لحد الآن. ضمن هذا المسعى جاءت زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الجزائر في ديسمبر الماضي، لتعكس مدى متانة العلاقات الثنائية الراسخة. وهي الزيارة التي توجت بالتوقيع على عدة اتفاقيات ومذكرات تعاون تجسد إرادة البلدين في بناء شراكة استراتيجية شاملة. بذات المناسبة حرص الرئيس تبون على التذكير بعراقة العلاقات الجزائرية- الموريتانية التي تعرف تطوّرا لافتا، فيما وصف الرئيس الموريتاني زيارته الى الجزائر ب"المثمرة والبناءة" كونها تسمح بالارتقاء بعلاقات التعاون بين البلدين إلى مستوى الأخوة والصداقة التي تربط الشعبين الشقيقين. وتعد الجزائر أحد أهم الشركاء الاقتصاديين لموريتانيا، وهو واقع من شأنه أن يتعزز أكثر مستقبلا استنادا إلى الأرقام التي تشير إلى ارتفاع قيمة الصادرات الجزائرية نحو موريتانيا ب205 من المائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2021 مقارنة بنفس الفترة من السنة التي سبقتها. ومن المتوقع أن يحافظ التعاون الاقتصادي بين البلدين على منحناه التصاعدي، خاصة بعد فتح خط تجاري بحري يربط بين البلدين بأمر من رئيس الجمهورية، وكذا إنجاز المعبر الحدودي بين تندوف بالجزائر والزويرات بموريتانيا، ما يسمح بخلق حركية اقتصادية تساهم في تنمية المناطق الحدودية بين البلدين الشقيقين. امتدادا لما سبق ذكره، يشهد التعاون الثنائي في شقه الخاص بمجال الطاقة والمناجم هو الآخر ديناميكية إيجابية. فعلاوة على التعاون في مجال الكهرباء والمحادثات القائمة بين شركات البلدين والتي توجت شهر جويلية 2021 بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين سونلغاز والشركة الموريتانية للكهرباء تجري محادثات حثيثة بين البلدين في قطاع المحروقات والغاز لتطوير مشاريع مشتركة بين الجانبين. وتوصف آفاق التعاون المتاحة في مجالات الطاقة والمناجم بالمتنوعة والواعدة، حيث أكد وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب خلال زيارة العمل التي أداها إلى موريتانيا في جوان المنصرم الاستعداد التام للطرف الجزائري لإقامة شراكة استراتيجية من شأنها فتح آفاق جديدة على الصعيد الاقليمي من خلال توسيع نشاط المؤسسات الجزائرية إلى البلدان الإفريقية المجاورة ولعب دور فعّال في ضمان التزود بالطاقة. في سياق متصل، أبدى مجمع سوناطراك الذي يمتلك خبرة في بناء محطات تحلية مياه البحر، استعداده للتعاون مع الطرف الموريتاني فيما يتصل بالتكنولوجيا أو التكوين أو متابعة المشاريع. ولا يتوقف التعاون بين الجزائروموريتانيا عند ما سبق ذكره بل يتعداه إلى المشروع الاستراتيجي لوصل الألياف البصرية المحورية العابرة للصحراء الرامي إلى تطوير الاقتصاد الرقمي الاقليمي والذي يجمع بلدانا أخرى هي التشاد، النيجر، نيجيريا، ومالي. واتفقت الجزائروموريتانيا على مضاعفة الجهود وتوحيد المواقف لمواجهة الأخطار المشتركة وحماية الحدود من الجرائم العابرة للأوطان من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة ثنائية حدودية تعكس الإرادة السامية لقيادتي البلدين في الارتقاء بالعلاقات الثنائية نحو الأفضل. ويعمل البلدان على تعزيز تعاونهما لمواجهة التحديات الأمنية المفروضة على المنطقة من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الأعمال على طول الحدود المشتركة. كما ظل الجانب التضامني حاضرا في العلاقات بين البلدين، وهو ما تجلى بكل وضوح من خلال إرسال مساعدات إنسانية مؤخرا الى موريتانيا لمساعدتها على مواجهة آثار الفيضانات التي اجتاحت مناطق عدة بهذا البلد الشقيق. وتجلى هذا التضامن أيضا أثناء تفشي وباء كوفيد-19 حيث بادرت الجزائر بإرسال بعثة طبية تضم مختصين في الإنعاش والتخدير وخبراء في التكوين والصيدلة والمراقبة الوبائية إلى موريتانيا، علاوة على إرسال مساعدات تضم عتادا ومستلزمات طبية وقائية. الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان- الوزير الأول للجمهورية الإسلامية الموريتانية السيد محمد ولد بلال مسعود