❊تأكيدات مسبقة لحضور نوعي ومباركة لمسعى لمّ الشمل بدأت مؤشرات نجاح القمة العربية التي تعتزم الجزائر احتضانها بداية شهر نوفمبر القادم تلتئم بعد إبداء أغلبية الدول العربية موافقتها للمشاركة رسميا في هذا الموعد الهام بأعلى مستوى، ما يؤكد التمثيل النوعي الذي ينتظر أن يميز هذه القمة، فضلا عن تأكيد القادة العرب على التزامهم بإنجاحها، ما يعد تجاوبا للجهود التي تبذلها الجزائر منذ أشهر من أجل توفير أجواء لم الشمل العربي، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة العربية. وإذ لم يعد يفصلنا سوى شهر ونصف شهر عن موعد انعقاد القمة العربية، مازالت جهود الجزائر منصبة على توجيه الدعوات الرسمية عبر مبعوثيها إلى العواصم العربية، حيث أعلنت 13 دولة لحد الأن عن مشاركتها الرسمية وهي (فلسطين، مصر، الكويت، الأردن،البحرين، قطر، الإمارات، سلطنة عمان، لبنان، ليبيا، تونس، موريتانيا والسودان) مشاركتها في هذا الحدث الهام، في الوقت الذي يتوقع أن تحذو الثماني دول المتبقية حذو شقيقاتها، بالنظر الى التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه الأمة العربية. ويرى مراقبون أن الدول العربية ليس أمامها أي خيار آخر سوى الالتئام لمجابهة المخاطر المحدقة بها، حيث يكتسي انعقاد القمة في الجزائر بحد ذاته أهمية خاصة، كون الدبلوماسية الجزائرية تعرف عهدا ذهبيا متجددا يرفع قدرتها على التأثير الايجابي في مختلف المشاهد الدولية، فضلا عن مواقفها التي عززت موقعها كقوة فاعلة في القارة الإفريقية. ورغم التشويش الذي حاول أن يطال جهود الجزائر من قبل نظام المخزن الذي لم يتردد في الترويج لمعلومات مغلوطة تتعلق بتأجيل القمة، إلا أن مؤشرات قوية توحي بنجاح هذا الحدث الهام، مما يعكس حرص الجزائر على استكمال مسار الانتصارات التي حققتها دبلوماسيتها في الأشهر الأخيرة. وركزت الجزائر جهودها في إطار العمل العربي على أمرين أساسيين، يتعلق الأول بالقضايا الكبرى التي لا يوجد حولها خلاف حقيقي عميق، كالقضية الفلسطينية وعلاقة الدول العربية بالدول الإفريقية ومسألة محاربة التنظيمات الإرهابية. أما الرهان الثاني فيتعلق بتقليص حدة الخلافات، خاصة وأن قمة الجزائر تأتي في ظرف حسّاس تمر به العلاقات بين الدول العربية في ظل حملة التطبيع مع الكيان الصهيوني التي طالت العديد من الدول العربية. لذلك يرى محللون أن قمة الجزائر ستركز جهودها على تحقيق الاجماع والتوافق بين الدول العربية لجعل هذا الحدث الهام محطة فارقة في مسيرة العمل العربي المشترك، في منظور بناء منظومة الأمن القومي العربي بكل أبعاده، فيما يتعلق بالتساؤلات المرتبطة برهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتركيز على التضامن والاعتماد الجماعي على النفس بشكل يضمن مناعة الأمة العربية وحماية مصالحها. وعليه، فقد ركزت الجزائر في سياق تحضيراتها للقمة العربية على العمل من أجل الوصول إلى صيغ توافقية حول أبرز المواضيع التي ستطرح خلالها، حيث نفى رئيس الجمهورية خلال اللقاء الاعلامي الذي عقده شهر مارس الماضي وجود خلافات بين الدول العربية، قائلا في هذا الصدد "لم نجد إلا التشجيع من قبل الأشقاء العرب سواء من الخليج أو مصر الشقيقة و تونس و اليمن الذين ينتظرون انعقاد القمة العربية بالجزائر". وأكد الرئيس تبون أن تشبث الدول العربية بعقد هذه القمة راجع لقناعتها بسياسة الجزائر القائمة على البقاء على مسافة واحدة بين الفرقاء وعدم تسببها في سكب الزيت على النار لإثارة الفتن بين الدول، مع سعيها الدائم للمّ الشمل بين الدول قدر المستطاع. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، قد أكد عن تطلعه بكل ثقة للقمة القادمة في الجزائر، معربا عن أمله في أن تكون قمة الجزائر سببا للالتئام والوحدة وتعبيرا أصيلا عن الرأي العام في البلدان العربية الذي يرغب في رؤية زعمائه وقد اجتمع شملهم وتوحدت كلمتهم. كما حملت تصريحات القادة العرب الذين تسلموا الدعوات الرسمية للمشاركة الكثير من التشجيع، على غرار تأكيد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، استعداد بلاده التام لبلاده للمساهمة بشكل فعّال في إنجاح القمة تحقيق النتائج المتوخاة منها ومساندة المساعي الحثيثة التي تبذلها الجزائر في هذا الإطار لتكون قمة لمّ الشمل العربي. وثمن الكويت من جانبها، الجهود الحثيثة التي تبذلها الجزائر من أجل إنجاح هذا الاستحقاق العربي الهام، مجددة دعمها واستعدادها الكامل للمساهمة في هذا المسعى النبيل، مع التأكيد بأنها ستكون أول الحاضرين وآخر المغادرين لهذا اللقاء الهام. وتحمل قمة الجزائر طابعا استثنائيا كونها ستكون مسبوقة بلقاء للفصائل الفلسطينية، مثلما كشف عنه، أول أمس، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج رمطان لعمامرة، قائلا "هناك جهود دؤوبة من أجل عمل دبلوماسي كبير أطلقه رئيس الجمهورية الرامي إلى تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني، من خلال مؤتمر أو اجتماع قد يعقد لاحقا في الجزائر قبل عقد القمة العربية، لتهيئة الأجواء وتسهيلا للوصول إلى وحدة عربية تدعم الوحدة الفلسطينية". وإذ كانت الجزائر من المتحمسين لعودة سوريا إلى الجامعة العربية وضمان مشاركتها خلال القمة القادمة، إلا أنها فضلت في الاخير إرجاء هذه المسالة الى موعد لاحق و هو ما تجلى في الاتصال الهاتفي لوزير خارجية سوريا فيصل المقداد، مع الوزير لعمامرة عندما قال إن بلاده تفضل عدم استئناف شغل مقعدها بالجامعة بسبب حرصها على "المساهمة في توحيد الكلمة والصف العربي في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي".