لا تزال مأساة "الجمعة الأسود" التي راح ضحيتها عشرات المهاجرين الأفارقة يوم 24 جوان الماضي على الحدود بين مدينتي الناظور المغربية ومليلية الإسبانية، تلاحق السلطات المغربية والإسبانية على السواء، بعد الانتقادات اللاذعة لقرار القضاء الإسباني بحفظ التحقيق بشأن هذه المأساة والأحكام القاسية التي لا يزال يصدرها القضاء المغربي في حق المهاجرين. انتقدت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" قرار النيابة العامة الإسبانية حفظ التحقيق بشأن مأساة 24 جوان الماضي، معتبرة أنه "يشجع على الإفلات من العقاب". وأكد مدير المنظمة في إسبانيا، إستيبان بلتران، أن "المهاجرين الأفارقة تعرّضوا للضرب واستخدمت ضدهم معدات مكافحة الشغب على نطاق واسع بما في ذلك رذاذ الفلفل، مع العلم أن المئات منهم ظلوا محاصرين تحت رحمة الشرطة المغربية والإسبانية". واعتبر أنه و"بقرار حفظ الملف، فإن المدعي العام يشجع الإفلات من العقاب لأنه لم تتم مقاضاة أي شخص في الملف ولم يتم توسيع التحقيق في أفعال خطيرة مثلت انتهاكا لحقوق الإنسان ويمكن تصنيفها كجرائم بموجب القانون الدولي". وأعلنت النيابة العامة الإسبانية الجمعة الأخير، غلق تحقيقها في مقتل المهاجرين الأفارقة خلال مأساة الجمعة الأسود بحجة أنه لم يتم العثور على "مؤشرات لارتكاب جنح في سلوك عناصر قوات الأمن الإسبانية خلال هذه المأساة". ويأتي قرار إغلاق هذا الملف، رغم المطالب الدولية بضرورة إجراء تحقيق حر وشفاف ونزيه للوقوف على حيثيات هذه الجريمة النكراء. وفي نفس السياق، انتقدت الجمعية المغربية لحقوق الانسان، الأحكام "القاسية" التي صدرت بحق العديد من المهاجرين في المغرب دون أدلة "مقنعة" في أعقاب محاولة عبور هؤلاء جيب مليلية الإسباني شهر جوان الماضي. وندّدت عضو الجمعية المغربية الحقوقية، سعاد لزرق، خلال تقديمها لتقرير حول الأحداث، بالأحكام التي وصفتها ب"القاسية والظالمة وتدعم سياسات الهجرة في المغرب". وجاء تصريح الناشطة الحقوقية في وقت منعت فيه السلطات المغربية بإقليم الناظور، الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أمس عبر الحدود مع جيب مليلية الإسباني، للتنديد بسياسات الهجرة القاتلة المتبعة من طرف المغرب وإسبانيا وتضامنا مع ضحايا مأساة الجمعة الأسود. وجاء تنظيم الوقفة الاحتجاجية بإضاءة الشموع أمام معبر "باريو تشينو" بالجيب الإسباني بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين الذي تخلده الجمعية الحقوقية هذه السنة تحت شعار "الكرامة والحرية والعدالة لجميع المهاجرات والمهاجرين". وندّد فرع الجمعية بالناظور، بقرار منع الوقفة التضامنية الذي يؤكد مضي الدولة المغربية في التستر على المسؤولين عن المأساة واستمرارها في سياسة التضييق على كل الأصوات الحرة المطالبة بالحقيقة والمحاسبة. وكان ما يقارب 2000 مهاجر إفريقي من جنوب الصحراء حاولوا دخول جيب مليلية انطلاقا من مدينة الناظور في شمال المغرب في 24 جوان الماضي قابلتهم قوات الأمن المغربية والإسبانية بأساليب وحشية خلفت عشرات القتلى في مأساة أثارت سخطا دوليا ندّدت الأممالمتحدة ب"الاستخدام المفرط للقوة من جانب السلطات المغربية والإسبانية".