ترصدالجزائر،ماقيمته85 مليار دينار سنويا، لدعم مادة الحليب المبستر، وتستورد منه 180 ألف طن سنويا، بقيمة 600 مليون دولار، وهي معطيات إحصائية، تعكس حجم ما يتم تخصيصه من غلاف مالي، لتغطية احتياجات المواطن، من هذه المادة المدعمة، والمقنن سعرها.. ولأنّ الجزائر، ترسم في سياستها الاقتصادية، الآنية والمستقبلية، على تحقيق أمنها الغذائي، يعدّ تطوير شعبة الحليب، وتقليص فاتورة استيراده، أحد الرهانات الاستراتيجية الكبرى للبلاد، ولتحقيق ذلك، تم اتّخاذ إجراءات هامة، أوّلها، منع استغلال منتجى مشتقات الحليب، للحليب المدعم، وفتح المجال للخواص لاستيراد مسحوقه بالإضافة إلى تشجيع تربية الأبقار واستيراد الابقار الحلوب، وحسب مسيّر مؤسّسة "بطوش" لإنتاج الحليب، يعدّ هذا الأخير، مادة استراتيجية، تحظى بدعم الدولة، ومهما بلغت أسعارها في الأسواق العالمية، توفّر للمواطن بالسعر المدعم والمقنن. تظل، صادرات الجزائر، من المواد الغذائية، حسب المعطيات الاحصائية التي اطلعت عليها "المساء" الصادرة عن مصالح الجمارك، في المرتبة الثالثة، من وارداتنا، وتشهد الفاتورة المخصّصة لها، حاليا، تراجعا تدريجيا، بفعل سياسة الدعم الموجّهة، لمختلف الشعب الفلاحية، وينتظر انخفاضها أكثر، مع انطلاق الصناعة الزراعية المحلية، والتي منها إنتاج مادتي زيت المائدة والسكر. وحسب مصالح وزارة الفلاحة، وسنتي 2020 و2021، بلغت فاتورة استيراد مسحوق الحليب 600 مليون دولار لكلّ سنة، وتستورد الجزائر 180 ألف طن سنويا، من هذه المادة ويخصّص لدعمها غلاف مالي يقدّر ب85ملياردينار. ورغم الكميات المستوردة من مادة الحليب المدعم، يسجّل المواطن ومنذ سنوات، ندرة في السوق وقد بادرت وزارت االفلاحة والتجارة بإجراء تحقيقات ميدانية، لرصد الخلل، والأسباب التي تقف وراء عدم الوفرة. وأفضت التحقيقات، إلى الكشف عن هذه الأسباب، وتم التوصّل إلى وجود متعاملين متخصّصين في إنتاج الحليب ومشتقاته، يستغلون المسحوق المدعم، لصالحهم، ولضبط هذا الجانب، تم اتّخاذ عدّة اجراءات قانونية، ضدّ المخالفين كما تم اعتبارا من 22 ديسمبر 2021، تحرير رخص استيراد مسحوق الحليب لصالح المتعاملين الخواص . وحسب مصادر مصالح التجارة، ألزمت هذه الأخيرة، الأعوان الاقتصاديين، المستعملين لمادة الحليب، في نشاطهم التجاري، بتقديم الوثائق، التي تثبت مصدر تموينهم بهذه المادة، إلى مصالح الرقابة، كما تمّ في إطار المرسوم 153-20، المؤرخ في 8 جوان2020، المتمم والمعدل للمرسوم الصادر في2001، المتضمّن تحديد أسعار الحليب المبستر والموضب في أكياس، عند الإنتاج، وعند مراحل التوزيع، منع إعادة توجيهه، أو استعماله، للإنتاج الحليب المبستر، كامل الدسم أو غيره من منتجات الألبان ومشتقاتها، واستعماله من طرف مؤسّسات بيع المشروبات، والمطاعم والمقاهي، وكلّ مخالفة يقف عليها اعوان الرقابة، يعاقب عليها صاحبها . وحسب المصدر، دخل الإجراء الأخير، حيز التنفيذ في الفاتح أفريل2022،كماتمالإعلان،عن التحضير لاعتماد خريطة جديدة، لضبط عمليات توزيع الحليب المدعم، ووضع برنامج لتتبّع مساره، من الملبنة إلى غاية المستهلك، لتحسين شبكة التوزيع، مع الأخذ بعين الاعتبار، الكثافة السكانية، لمختلف المناطق، والاحتياجات الواجبت وفيرها، للمستهلك. تحويل الحليب إلى غير وجهته...خلق الندرة يؤكّد مسير شركة "بطوش"، لإنتاج الحليب ومشتقاته، السيد كريم بطوش، في تصريح ل"المساء" أنّ مسحوق الحليب مادة استراتيجية، تحظى بدعم الدولة، ومهما بلغت أسعارها في الاسواق العالمية، توفر للمواطن بالسعر المدعم والمقنن، مضيفا أن ظهور الازمة العالمية لمسحوق الحليب في2007، صاحبها ارتفاع في الأسعار، وبلغت تكلفة كيس الحليب، حينذاك، 50دينارا، لكن الدولة، وفرته للمواطن، بسعر 25 دينارا للتر، وبلغت الكمية المستوردة، حينها 90 ألف طن، سنويا . ويرى المتحدث ،أن وقوف بعض المتعاملين الخواص، وراء ندرة الحليب، أمر كان قائما، وتم التحكم فيه الآن، من خلال الإجراءات التي تم اتخاذها، " لكن توجد أسباب أخرى، تقف وراء التذبذب الحاصل، في هذا المجال "، يضيف، منها ارتفاع الطلب عليه، بسبب ارتفاع اسعار الحليب الموضب في علب، كما أن عامل الكثافة السكانية، التي تبنى عليه خريطة التوزيع، لا يمكن ان تكون ثابتة بسبب إقبال سكان الاقليم على استهلاك ما هو متوفر لديهم، يضاف لهم أخرون من البلديات المجاورة، وبالتالي يقول محدثنا، فإن تحديد اليات التوزيع، ومكامن الخلل، من شأنه الوصول الى توفير هذه المادة، في كل ولايات الوطن، كما أن الأمر يستدعي حسبه، رفع كمية المسحوق، الموجهة الى الملبنات الخاصة لتغطية احتياجات، جميع المناطق، التي تموّنها. من جانب آخر، يؤكد السيد بطوش، اعتماد مؤسسته في إنتاج مشتقات الحليب على حليب الأبقار، الذي يتم جمعه، من مشتلات تربية الأبقار، بسعر 7 دنانير للتر، ويتم معالجته على مستوى المؤسسة، يضاف اليه، ما تستورده المؤسسة من مسحوق الحليب، بعد فتح هذا المجال للملبنات الخاصة. ويبلغ عدد الأكياس التي تسوّقها المؤسسة، من حليب الأكياس المدعم140 ألف كيس في اليوم، وهي تمون سكان ولايتي الجزائر والبليدة، ويبلغ عدد الموزعين، 50 موزعا لشحن الاكياس يوميا. تربية الأبقار واستيراد أخرى تعد تربية الأبقار، أحد الدعائم التي يعول عليها، لدعم شعبة الحليب، من خلال توفير الحليب الطازج، وحسب مصالح وزارة الفلاحة، تم اعتبارا من مطلع جانفي2022، الشروع في منح تراخيص استيراد الأبقار الحلوب، وسيكون ذلك، وفق طلب الخواص. وتم في إطار الإجراء الجديد، وضع نظام مراقبة دقيق، سيتم فيه، تجنيد كل المصالح البيطرية، لمتابعة الحيوانات المستوردة، وتطعيمها ضد مرض الحمى القلاعية، كما ينص الإجراء، على إجبارية، تأمين القطيع المستورد. ولا يقتصر التركيز في مجال توفير الحليب الطازج، على استيراد الابقار، فحسب، وإنما التشجيع على انشاء مشاتل لإنتاج العجلات الصغيره، محليا . كما سيتم حسب مصالح الفلاحة والتنمية الريفية، تفعيل المرسوم الخاص، بمنع ذبح انثى البقر البالغ عمرها تحت سبع سنوات، وحسب ما اطلعت عليه، "المساء"، تنص المادة 83 من القانون88.08 ، المؤرخ في 26 جانفي1988،المعدل والمتمم، والمتعلق بنشاطات الطب البيطري وحماية الصحة الحيوانية، يمنع ذبح الحيوانات النزوية، الإناث منها والفحول، بغرض القصابة، ويتعرض المخالفون إلى حجز الحيوانات المذبوحة بكامل اجزائها، وفي حالة العود، يعاقبون بغرامة مالية، تقدر بثلاثة أضعاف الحجز، وحسب ذات المرسوم، تحدد الفصائل والسن والحالة الفيزيولوجية للحيوانات، وكيفيات تطبيق هذه المادة، عن طريق التنظيم. وطبقا للمادة2، من المرسوم التنفيذي514.91، المتعلق بالحيوانات التي يمنع القانون ذبحها، الاناث الحبالى، من فصائل الغنم، والبقر، والماعز، والخيل، والابل، والذكور، من جميع الاعمار، والمنتمية الى فصائل الغنم، والبقر، والماعز، والخيل، والابل المستعملة فحولا، واناث الابقار، ذات السلالة المحسنة التي يقل عمرها عن 8 سنوات، واناث الابقار، والأغنام، من السلالة المحلية، التي يقل عمرها، عن خمسة أعوام، والأبقار، التي تقل أعمارها، عن6 أشهر. وحسب خلية الإعلام، لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، اجتمع وزير القطاع، في ديسمبر 2022، بمختلف المتعاملين الاقتصاديين، في مجال تربية الابقار، ومتعاملين في مجال استيراد الابقار الحوامل المعدة للتكاثر، ومستوردي الابقار الحية، بغرض تنظيم الشعبة، وتوفير الحليب الطازج، في إطار برنامج طويل المدى، يهدف إلى التقليص من واردات مسحوق الحليب، والرفع من الإنتاج الوطني، للحوم الحمراء. وتم اتخاذ عدة قرارات، منها انشاء مجلس مهني مشترك، خاص بتربية الابقار خلال الثلاثي الأول، من سنة2023، والزامية تعريف كل القطعان المستوردة، بدء من تاريخ 2 جانفي2023، بمرافقة من المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي والتحسين الوراثي، والديوان الوطني المهني المشترك للحليب، لوضع نظام تتبع، ورقمنة الأبقار الموجهة للتكاثر، وإعادة النظر، لتبسيط الإجراءات الإدارية.