بمشهد إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت وإطلاق الرصاص المطاطي، عرف المسجد الأقصى المبارك واحدة من أعنف لياليه بعد اقتحام قوات الاحتلال للمصلى القبلي لمنع المصلين والمعتكفين من أداء الصلوات في رحابه، وانتهت بالدماء تغطي وجوه المصلين وزجاج النوافذ متناثر في كل الأرجاء وسط فوضى عمت المكان أكدت مجددا درجة التوتر التي تعيشها الأراضي المحتلة والتي تنذر بانزلاق عسكري جديد. وبلغ الوضع المتوتر في الاقصى المبارك أوجه مباشرة بعد انتهاء صلاة تراويح ليلة الرابع عشر من الشهر الفضيل عندما اقتحمت قوات الاحتلال المسجد لإخراج المصلين والمعتكفين ومنعهم من مواصلة العبادة الى غاية صلاة الفجر في تعد سافر على الأماكن المقدسة واستفزاز لمشاعر المسلمين خلال الشهر الفضيل. ولكن التطورات كانت مغايرة هذه المرة عندما رفض المصلون مغادرة المسجد سارعت على إثره تعزيزات قوات الاحتلال باقتحام المصلى القبلي باعتلاء اسطحه وتكسير نوافذه وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت والرصاص المطاطي اتجاههم بما تسبب في اختناقات وإصابة مئات المصلين الذين تصدوا لقمع قوات الاحتلال بصدور عارية. ولم تتوقف شرطة الاحتلال عند هذا الحد بل دخلت في اشتباكات عنيفة مع المصلين الذين أغلقت عليهم الأبواب ومنعتهم من اسعاف جرحاهم واقتحمت أيضا العيادة الطبية المتاخمة لجامع عمر واعتدت بالضرب المبرح عليهم في مشاهد فجرت غضب الشارع الفلسطيني وأثارت موجة إدانة واسعة. وفي مواجهة هذه الجريمة الصادمة ضد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، دعت حركة المقاومة الاسلامية "حماس" الفلسطينيين لشد الرحال إلى الأقصى الشريف، مستنكرة ما وصفتها ب«الجريمة غير مسبوقة" التي اقترفتها قوات الاحتلال. وردت بإطلاق صواريخ انطلاقا من قطاع غزة على المستوطنات اليهودية. وتوالت ردود الفعل المنددة بهذه الجريمة النكراء، حيث أدان نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية "الحرب الشعواء التي يشنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني من خلال المساس بالمقدسات"، محذرة من تجاوز الخطوط الحمراء في الأماكن المقدسة التي ستؤدي إلى الانفجار الكبير. ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، ما يجري في القدس ب«الجريمة الكبرى بحق المصلين"، مؤكدا على أن الصلاة في المسجد الأقصى ليست بإذن من الاحتلال، بل هي حق من حقوق الشعب الفلسطيني.وأدانت مختلف الفصائل الفلسطينية الجريمة النكراء التي نفذتها قوات الاحتلال الصهيوني بحق المصلين الفلسطينيين بالمسجد الأقصى المبارك، داعية إلى هبة جماهيرية قوية لنصرة الأقصى وحمايته من الحرب الدينية التي تستهدفه. وأمام هذا الوضع الخطير، أعلنت الأمانة العامة للجامعة العربية عن عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين لاتخاذ موقف عربي موحد إزاء الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى. وأكدت الأردن، التي دعت الى الاجتماع أن "استمرار التحرك على المستوى العربي ضمن سلسلة الإجراءات والاتصالات والتنسيق التي تقوم بها المملكة لوقف الاعتداءات الصهيونية التي تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني". وذكرت وزارة الخارجية الأردنية، أن الاعتداءات الصهيونية "تعتبر تصرفا مرفوضا ومدانا يستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني في القدس ومقدساتها"، محملة الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن تبعات هذا التصعيد الذي يهدد الأمن والسلم في المنطقة. بدورها أكدت قطر أن هذه الممارسات الإجرامية الوحشية تعد تصعيدا خطيرا وتعد سافر على الأماكن المقدسة وامتدادا لسياسة تهويد القدس وانتهاك للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية واستفزازا لمشاعر أكثر من ملياري مسلم في العالم خاصة في شهر رمضان المبارك. كما أدانت المملكة العربية السعودية هذا الاقتحام السافر، معربة عن رفضها القاطع لهذه الممارسات التي تقوض جهود السلام وتتعارض مع المبادئ والأعراف الدولية في احترام المقدسات الدينية. وطالبت مصر، بوقف فوري لتلك الاعتداءات التي تروع المصلين الذين اتخذوا من بيت الله سكنا آمنا في أيام شهر رمضان المبارك، معتبرة أن مثل هذه المشاهد البغيضة والمستنكرة والانتهاكات الصهيونية المتكررة لحرمة الأماكن المقدسة، تؤجج مشاعر الغضب لدى جميع أبناء الشعب الفلسطيني والشعوب الإسلامية وأصحاب الضمائر الحية على مستوى العالم.